فيما اعلن في بغداد اليوم عن الحكم غيابيا بسجن وزير التجارة الأسبق ملاس الكسنزان سبع سنوات بتهم فساد، فقد تم في الوقت نفسه إطلاق سراح الوزير الذي سبقه فلاح السوداني المحكوم بالسجن سبع سنوات لشموله بقانون العفو العام وسط استياء شعبي ودعوات لتعديل القانون لاستثناء المدانين بفساد منه.
واليوم الخميس، كشفت هيئة النزاهة العراقية وهي هيئة مستقلة تخضع لرقابة البرلمان &عن صدور حكمٍ غيابيٍّ بالسجن بحقِّ كلٍّ من وزير التجارة الأسبق ملاس الكسنزان ومديرين عامين سابقين في الوزارة لإحداثهم الضرر العمد بأموال ومصالح الوزارة.&
واشارت الهيئة في بيان صحافي تابعته "إيلاف" الى ان محكمة الجنايات المُختصَّة بقضايا النزاهة في بغداد قد اكدت "قيام المدانين الهاربين بارتكاب مخالفاتٍ في عقدين مُبرمين بين الشركة العامَّة لتجارة الحبوب وإحدى الشركات لتجهيز مادَّة الرز(البسمتي)، موضحة أنَّ قيمة الضرر بالمال العامِّ في العقدين بلغت 14 مليونا و300 مليون دولار.
واضافت ان"المحكمة وبعد اطـلاعها على أقوال المُمثِّـل القانونيِّ لوزارة التجارة الذي طلب الشكوى بحقِّ المُتَّهمين وتقرير قسم التدقيق الخارجيِّ في هيئة النزاهة المُتضمِّن مقدار الضرر بالمال العامِّ وتقرير ديوان الرقابة الماليَّة الذي ثبَّت مخالفاتٍ شابت العقدين والتحقيق الإداريِّ المُتضمِّن مُقصريَّـة المُتَّهمين &فضلاً عن قرينة هروبهم وصلت إلى القناعة الكافية بإدانتهم والحكم عليهم بالسجن لمُدَّة سبع سنواتٍ لكلِّ واحدٍ منهم على وفق أحكام المادَّة 340 من قانون العقوبات".
وبينت الهيئة ان قرار الحكم تضمَّن إصدار أمر قبضٍ بحقِّ المدانين وإجراء التفتيش الأصوليِّ للقبض عليهم فضلاً عن تأييد حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لهم وإعطاء الحقِّ للجهة المُتضرِّرة وهي وزارة التجارة بطلب التعويض أمام المحاكم المدنيَّة بعد اكتساب القرار للدرجة القطعيَّة.
وقد لاحظت "إيلاف" ان الاغلبية الساحقة من الاحكام الصادرة بالسجن ضد وزراء ومسؤولين كبار او موظفين في وزارات الدولة العراقية بعد ثبوت ادانتهم بالفساد تصدر غيابيا لان المدانين قد هربوا من البلاد واقاموا في دول معظمها مجاورة اضافة الى ان بعضهم يمتلك جنسية ثانية مع العراقية غالبا ما تكون اوروبية ما يتعذر صدور اوامر دولية بالقبض على اغلبهم.
&
.. والعفو عن وزير سابق مدان بالفساد

&وبالترافق مع ذلك، فقد اصدرت محكمة عراقية عفوا عن وزير التجارة الاسبق فلاح السوداني المحكوم بالسجن سبع سنوات بعد شموله بقانون العفو العام الذي وافق عليه البرلمان العراقي عام 2016.
واظهرت وثيقة نشرتها وسائل اعلام محلية، واطلعت عليها "إيلاف"، صادرة عن اللجنة المركزية الثانية المختصة بنظر قضايا قانون العفو العام، قرارا بالإفراج عن وزير التجارة الاسبق عبد الفلاح السوداني بعد شموله بعفو عن قضايا الفساد المتهم فيها والتي صدرت احكام بسجنه وفقها سبع سنوات.
واشار القرار الى انه لدى التدقيق والمداولة من قبل اللجنة وجد أن المحكوم عليه عبد الفلاح حسن هادي السوداني من قبل محكمة جنح الرصافة في بغداد ولتنازل المشتكين (وزارة التجارة) ولعدم شموله بقانون العفو السابق او بقانون خاص وحسب مطالعة الموظف المختص في الحاسبة الخاصة بقوائم المشمولين بالعفو العام السابق، فقد قررت اللجنة شموله بقانون العفو العام المعدل النافذ بتاريخ 25&اغسطس عام 2016 . &
واكد القرار انه قد تم ايقاف تنفيذ العقوبة بحقه واخلاء سبيله من السجن بقدر تعلق الامر بالدعوى وإشعار الجهة المودع لديها المحكوم بتنفيذه .
وينتمي السوداني الذي يحمل الجنسية البريطانية اضافة الى العراقية، إلى حزب "الدعوة والإصلاح واعتقلته السلطات اللبنانية في مطار بيروت الدولي على خلفية مذكرة اعتقال صادرة من الشرطة الدولية "الإنتربول"، وتم تسليمه الى العراق.
وتسلم عبد الفلاح السوداني منصبه في يونيو &عام 2006 مع تشكيل حكومة جديدة برئاسة نوري المالكي،&وقد خضع لاستجواب مجلس النواب في مايو عام 2009 إثر اتهامه من قبل لجنة النزاهة البرلمانية بالتورط في قضايا فساد .

انتقادات

وقد اثار العفو عن السوداني انتقادات شعبية حادة فيما طلب نواب بتعديل قانون العفو العام بشكل يضمن استثناء المحكومين بقضايا فساد منه.

وكانت السلطات اللبنانية قد اعتقلت في التاسع من&سبتمبر 2017 السوداني في مطار بيروت الدولي على خلفية مذكرة القاء قبض صادرة من الشرطة الدولية الانتربول . وأصدرت المحاكم العراقية عام 2012 حكمًا غيابيًا بالسجن 7 سنوات على السوداني لإدانته بقضايا فساد إداري ومالي .
وفي 25 يناير &2018 سلمت الشرطة الدولية السوداني الى السلطات العراقية، حيث وصل الى مطار بغداد بعد ان اقتاده ضباط في وزارة الداخلية العراقية واعضاء في هيئة النزاهة بطائرة من بيروت الى العاصمة العراقية.
وتسلم عبد الفلاح السوداني منصبه في يونيو &2006 مع تشكيل حكومة جديدة برئاسة نوري المالكي، ومثل أمام البرلمان في &2009 إثر اتهامه من قبل لجنة النزاهة البرلمانية بالتورط في قضايا فساد إداري، واستقال الوزير في يونيو&من العام نفسه بعد اعتقاله في مطار بغداد أثناء محاولته الخروج من البلاد كما اعتقل شقيقاه، بسبب اتهامات تشير إلى ضلوعهما افي القضايا التي اتهم بها الوزير السوداني.
&وقد اثار الافراج عن السوداني انتقادات حادة وقالت النائبة السابقة سروة عبد الواحد في تغريدة على "تويتر" ساخرة انه "اذا كان هذا القرار بالافراج عن عبد الفلاح السوداني صحيحا فإنه يعني بدء الاصلاح في عهد عادل عبد المهدي (رئيس الحكومة الجديدة) .. فهل كشف عن الرؤوس الفاسدة المتورطة وافرجوا عنه وهل يعقل ان الرجل كان نزيها واتهموه بالفساد .. والله احترنا".
ومن جهتها، قالت الناشطة مريم الكعبي "كل شيء&في زماننا&وارد فنحن في زمن الاصلاح!!.. بينما اشار مهدي الشواي قائلا "اصلا هو خارج السجن والكل يعرف...قبل شهر شفتة صدفة يتجول داخل بغداد".. وقال زيد علي "مادام اكو قرارات عفو وما دام القضاء مسيس كل شيء نتوقع من الحكومة".. اما سرمد الركابي فقد اعتبر "يبقى الإصلاح مجرد شعار لعبور هذه المرحلة&إلى أن يتم اكتشاف شعار جديد".&
وكانت اللجنة المالية في البرلمان العراقي قد قدرت في وقت سابق حجم خسائر العراق جراء الفساد في السنوات الاثنتي عشرة الماضية بحوالي 450 مليار دولارمن بينها 360 مليار دولار خلال فترة حكومتي رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي بين عامي 2006 و2014 .
يشار الى ان العراق يتصدر منذ سنوات قائمة مؤشر الفساد العالمي التي تنشرها "منظمة الشفافية الدولية"، والتي اظهرت في &مارس الماضي أن العراق جاء مجدداً في المراتب الأولى لجهة الفساد بين دول العالم.