نصر المجالي: صدرت إشارة من محكمة العدل الأوروبية قد تفتح المجال لتراجع بريطانيا عن قرار الانسحاب من الاتحاد الأوروبي رغم الاستفتاء الشعبي الذي جرى في يونيو 2016 والذي أيد الخروج، وتلقفتها الأوساط البريطانية المناهضة للانسحاب بترحاب كبير.

وبينما تتواصل المناقشات البرلمانية تحت قبة مجلس العموم البريطاني بانتظار يوم التصويت الحاسم يوم 11 ديسمبر، بدأت محكمة العدل الأوروبية النظر في قضية حول الآلية القانونية للمملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي.&

وفي جلسة استماع في محكمة العدل الأوروبية، لتقرير ما إذا كان يمكن إلغاء بند خروج الاتحاد الأوروبي من قبل المملكة المتحدة، أصر محامو المجلس الأوروبي واللجنة الأوروبية على أن الحكومات الأوروبية يجب أن توافق بالإجماع على أي تحرك من بريطانيا لعكس قرارها بالخروج.

وقال أكبر قضاة في محكمة العدل الأوروبية إن بريطانيا لن تحتاج إلى موافقة من الدول الأخرى في الاتحاد الأوروبي لوقف عملية الخروج، مع احتفاظها بنفس شروط العضوية.

المادة 50

واستدعى المحامي العام في محكمة العدل الأوروبية مانويل كامبوس سانشيز بوردونا بعد أشهر&من الجدل القانوني - مع محاولة كل من الاتحاد الأوروبي وحكومة المملكة المتحدة لوضع اللمسات الأخيرة على عملية الخروج، المادة 50 من معاهدة لشبونة التي تخص قرار أي دولة للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال يوردونا، اليوم الثلاثاء، إن بريطانيا لها الحق بإلغاء تلك المادة من دون موافقة الاتحاد الأوروبي. وكانت هذه المادة هي التي استندت إليها بريطانيا يوم 29 مارس 2017 في تحديد موعد الخروج يوم 29 مارس 2019 حسب بنود معاهدة لشبونة، ما لم يقرر المجلس الأوروبي بالاتفاق مع الدولة العضو المعنية، تمديد هذه الفترة بالإجماع.

توقعات&

وسارع بعض المراقبين في الساحة البريطانية إلى التوقع بأن الحكومة يمكن أن تلغي المادة 50 وتستدعيها على الفور مرة أخرى، مما يمنح بريطانيا سنتين&إضافيتين&للتفاوض على اتفاق آخر بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من هذه التوقعات، فإنه يتعين على مجلس العموم التصويت على سحب تلك المادة التي تمت الموافقة عليها بأغلبية كبيرة في عام 2016.

ويذكر أن ن المادة 50 تمثل السبيل لأي دولة تروم الخروج من الاتحاد الأوروبي. وضمنت هذه المادة في معاهدة لشبونة التي وقعت عليها كل الدول الاعضاء في الاتحاد الأوروبي، والتي اكتسبت صفة القانون في عام 2009. ولم تكن هناك قبل تلك المعاهدة أي آلية لخروج أي دولة من عضوية الاتحاد الاوروبي.

وكانت جلسة الاستماع لموضوع الخروج من الاتحاد الأوروبي أحيلت إلى محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ من قبل المحكمة العليا في اسكتلندا.

على ماذا تنص؟

المادة 50 لا تتجاوز 5 فقرات، وتنص على أن على أي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي راغبة في الخروج من الاتحاد ان تحيط المجلس الاوروبي علما بذلك، وأن تتفاوض على ذلك على أن لا تتجاوز مدة المفاوضات سنتين الا في حالة موافقة جميع الدول الاعضاء الاخرى على تمديد هذه الفترة. تنص المادة ايضا على أن الدولة التي تريد الخروج من الاتحاد الاوروبي لا يحق لها المشاركة في المشاورات داخل الاتحاد الاوروبي حول هذا الموضوع.

وتنص المادة 50 أيضا على أن أي اتفاق لخروج أي دولة من عضوية الاتحاد يجب ان تحظى "بأغلبية مشروطة" (أي 72 بالمئة من الدول الأعضاء الـ 27 المتبقين في الاتحاد الأوروبي مما يمثل 65 بالمئة من سكان دول الاتحاد) وكذلك بتأييد نواب البرلمان الأوروبي.

وتتطرق الفقرة الخامسة من المادة 50 الى امكانية عودة الدولة التي قررت الخروج من الاتحاد الاوروبي الى عضوية الاتحاد.

جلسة استماع&

وكانت المحكمة الأوروبية استمعت يوم الأربعاء الماضي إلى قضية الخروج البريطاني من الاتحاد بعد أن قال مناهضون لبريكست، من نواب أسكتلنديين وأعضاء في البرلمان الأوروبي، إن المادة 50 يمكن إلغاؤها من قبل الحكومة البريطانية، دون موافقة الاتحاد الأوروبي.

وأصر هوبير ليغال، كبير محامي المجلس الأوروبي، على أنه خلافا للقرار الطوعي بإطلاق المادة 50، فإن إلغاءه يتطلب الدعم الجماعي من جميع حكومات دول التكتل الأوروبي الـ 27.

وأضاف ليغال: "إن الإجراء الوطني غير&كافٍ لسحب البساط الذي أُجبر الجميع على الوقوف عليه".

إساءة استخدام العملية

وجوهر حجة الاتحاد الأوروبي هو أن السماح لحكومة بإلغاء عملية الخروج من شأنه أن يشجع الدول الأعضاء على إساءة استخدام العملية من أجل الحصول على تنازلات من الكتلة بشروط عضوية أفضل.

ويأمل المناضلون المناهضون لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن يؤدي اتخاذ قرار لصالحهم إلى التأثير على أعضاء البرلمان البريطاني لرفض اتفاق انسحاب رئيسة الوزراء تيريزا ماي، مما يؤدي في النهاية إلى إلغاء اتفاق بريكست.

لكن من غير المرجح أن تصدر محكمة العدل الأوروبية أي حكم نهائي قبل تصويت مجلس العموم البريطاني "بأغلبية الأصوات" في 11 ديسمبر الحالي.