إيلاف من نيويورك: لم تكن استقالة وزير الدفاع الأميركي، جيمس ماتيس مفاجئة، فالرئيس الأميركي نفسه كان قد تحدث بشكل مباشر عن رحيل الجنرال المتقاعد، لكن ظروفها وتوقيتها أدت إلى وضعها في خانة الاستقالة الاحتجاجية وليس الإستقالة من اجل التقاعد.

وبعد يوم واحد من إعلان دونالد ترمب قرار الانسحاب الكامل من سوريا، قرر ماتيس الذي وُصف على نطاق واسع في الولايات المتحدة بأنه "آخر البالغين في الإدارة"، وضع حد لمسيرته في إدارة الرئيس.

لقاء واستقالة

الساعة الثالثة من عصر الخميس، توجه الجنرال المعروف بلقب "الكلب المسعور" او "الكلب المعتدل" كما يراه ترمب، الى البيت الأبيض حاملا بيده رسالة الاستقالة التي طبع منها خمسون نسخة أراد وزير الدفاع توزيعها فور عودته من لقاء الرئيس الذي امتد لحوالي 45 دقيقة لم يحاول خلالها ماتيس اقناع ترمب بالعودة عن قراره حيال الانسحاب من سوريا كما ذكرت فوكس نيوز.

وقبل ان يخطو خطواته الأولى يوم امس نحو البيت الأبيض، كان ماتيس يشاهد ترمب وهو يتحدث عن انتصار الولايات المتحدة على داعش في سوريا، وبأن وقت عودة الجنود الى الوطن قد حان.

عاد بالزمن الى الوراء

وبظل إدارة تعصف فيها الازمات والاستقالات من كل حدب وصوب، تبقى لاستقالة ماتيس معنى عميق، فوزير الدفاع أعاد عقارب الساعة 40 عاما الى الوراء، فرحيله الذي جاء على خلفية تضارب الآراء السياسية مع الرئيس، أعاد التذكير بسايروس فانس، وزير الخارجية في عهد الرئيس السابق جيمي كارتر، والذي استقال من منصبه اثناء العملية الفاشلة لإنقاذ الرهائن الاميركيين في ايران.

الخلافات والتضارب في وجهات النظر بين الرئيس ووزير دفاعه، لم تتمحور فقط عند السياسات الخارجية، فترمب وجه قبل أسابيع قليلة ضربة داخلية الى ماتيس في ملف تعيين رئيس اركان للجيش، بعدما اعلن تعيين الجنرال مارك ميلي خلفا لجو دانفورد، مما شكل ضربة قاسية الى ماتيس الذي كان يحاول تسويق ديفيد غولدفاين.

سؤالان مهمان

وسينشغل الاميركييون اليوم بالبحث عن اجابتين لسؤالين مهمين، هل ستكون الشركات الخاصة (مثل بلاك ووتر) اول المتستفيدين من رحيل ماتيس الذي لطالما عُرف عنه معارضته الشرسة لخصخصة الحروب خصوصا في أفغانستان ومناطق اخرى، ووضع الامن القومي الأميركي على المحك، والثاني من سيخلف وزير الدفاع في منصبه وهل سيتوافق مع ترمب بشكل تام من ناحية التفكير والرؤى الاستراتيجية والاهداف.

على نسق ماتيس

أسماء عديدة مطروحة لتولي قيادة البنتاغون، ويأتي على رأسها الجنرال جاك كين، لكن الأخير وجه للتو انتقادات عنيفة للرئيس بسبب قرار الانسحاب من سوريا ووصفه بالخطأ الاستراتيجي الضخم، ومعتبرا، "ان أخطاء أوباما تتكرر، وان الامر يعد انتصارا لايران"، مؤكدا ،"ان البقاء مطلوب لانهاء المهمة".

سناتور اركنساس، توم كوتون يعد من المرشحين البارزين لهذا المنصب أيضا، غير ان موقفه من الانسحاب لا يختلف كثيرا عن موقف سناتور ساوث كارولينا، لينزي غراهام الرافض بشدة لهذه الخطوة، وسبق له وان اقترح استخدام القوة او إجراءات سرية لإزاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفي الملف الافغاني لا يزال كوتون يحذر من أي انسحاب مبكر خشية التداعيات السلبية على الأمن القومي الأميركي، وإمكانية عودة الجماعات الإرهابية للسيطرة على كابول.

مرشحون آخرون

ومن بين المرشحين، ناشب ماتيس، باتريك، شاهان، الذي لم يمتلك أي خبرة حكومية قبل توليه منصبه الحالي، ولعب دورا بارزا في انشاء قوات الفضاء، وريتشارد سبينسر وزير البحرية الأميركية، ووزيرة سلاح الجو الأمريكي، هيذر ويلسون التي ستصبح اول سيدة تشغل وزارة الدفاع بحال تعيينها، وتعول على علاقتها المميزة بمايك بينس لرفع أسهمها.