طوال الساعات الماضية اشتعل نقاش حاد بين سوريين على تويتر وفيسبوك بعد تداول مقطعي فيديو قصيرين - الأطول منهما لا يتجاوز 70 ثانية - تظهر في أحدهما جثة مدماة ومشوهة لمقاتلة كردية قرب مدينة عفرين شمال سوريا.

وتركز الجدل حول ما إذا كانت المقاتلة قد فجرت نفسها ما أدى إلى تشويه جسدها، أم أن رجالا من فصائل المعارضة المسلحة قاموا بقطع ثدييها والتمثيل بها.

لكن صباح حلاق، وهي من رابطة النساء السوريات، تقول لبي بي سي إن النقاش يجب أن يكون أبعد من طريقة تشويه جسد المقاتلة.

وتقول: "أعتقد أن وضع الصورة ذاتها أكبر غلط ارتكبوه.. عرض الصور يثير الأحقاد. حتى لو كانت مقاتلة، إن عرض الجسد بهذه الطريقة ووجود قدم على الثدي فيه مسأله فاقت الوحشية والهمجية التي وصل لها الناس. وللأسف هناك من يشجع هذا العمل".

روايتان

يظهر الفيديو الأول امرأة ملقاة على الأرض تبدو مرتدية ثيابها وهي محاطة بمسلحين يصرخون ويصفونها بـ "خنزيرة PKK (حزب العمال الكردستاني)"، ويقولون إنهم ينتقمون لمن قتل سابقا من رفاقهم، في حين يظهر جسد مرأة - يعتقد أنها ذاتها التي ظهرت في الفيديو الأول - في الفيديو الثاني عاريا في النصف الأعلى ومضرجا بالدماء، ويدعس أحد الرجال عليها وتحديدا على منطقة الصدر.

كما يظهر غصن شجرة زيتون ملقى على جثة المرأة.

وكانت تركيا قد أطلقت قبل نحو أسبوعين عملية عسكرية سميت بـ "غصن الزيتون" بالتعاون مع عدة فصائل سورية معارضة ضد ما تقول إنها معاقل المسلحين الأكراد في عفرين.

عرّفت مصادر كردية محلية المرأة بـ "بارين كوباني". وكان رد الفعل الكردي متوقعا؛ حيث نعاها كثير من الأكراد على وسائل التواصل الاجتماعي مطلقين عليها لقب "بطلة" و"شهيدة" و"قديسة".

كما انتقدت بشدة نساء سوريات - غير كرديات بالضرورة - "التمثيل بجسد النساء".

وفي اتصال مع بي بي سي، أكد أحمد بريمو، مؤسس موقع "تأكد" المتخصص بنفي المواد الإخبارية الخاطئة وتصحيحها، أن من تظهر في الفيديو هي مقاتلة كردية، وأن المقاتلين حولها هم من عناصر المعارضة السورية المشاركة في عملية "غصن الزيتون" التي تقودها تركيا.

لكنه قال إنه لا يستطيع تحديد يوم الواقعة التي "حدثت منذ أيام قليلة في محيط مدينة عفرين".

وقال: "الفيديو مؤكد، لكن نقطة الخلاف هي سبب تشوه جثة المقاتلة؛ حيث يتهم كثر مسلحي المعارضة بالتمثيل بجثة المقاتلة وتشويه ثدييها. لقد تواصلت مع غرفة عمليات غضن الزيتون من الجانب السوري والتي نفت قيام عناصرها بالتمثيل بالجثة وتقطيع الأوصال، كما قالت المصادر لي إن المقاتلة هي من قامت بتفجير نفسها بواسطة قنبلة يدوية كانت معلقة على سترتها العسكرية".

لكن نواف خليل، مدير المركز الكردي للدراسات بألمانيا والمتحدث السابق باسم حزب الاتحاد الديمقراطي، نفى لبي بي سي المزاعم بأن المقاتلة قامت بتفجير نفسها وقال إنها كانت قد وقعت بيد قوات المعارضة. وقال إن تلك المزاعم "محاولة لتغطية" ما حدث.

وأضاف: "ما يشاهده العالم أجمع (في المقطع) مقاتلة تقع أسيرة بيد هذه القوات ويتم التمثيل بجسدها بطريقة بشعة (..) لا توجد في العقيدة القتالية لقوات سوريا الديمقراطية عمليات انتحارية. الذين يقولون إنها قامت بتفجير نفسها يحاولون التغطية على الإجراء الذي قام به تلك العناصر المسلحة. التمثيل بالجثة واضح والكلام المبتذل الذي يمكن سماعه في المقطع يثبت ذلك".

لكن وسائل إعلام كردية تنقل أحيانا أخبار ماتسميها "عمليات فدائية" آخرها كانت عملية قامت بها آفيستا خابورضد القوات التركية في عفرين.

رواية ثالثة

وقبيل النشر، نقل أحمد بريمو لبي بي سي عن "عقيد في القوات المشتركة لعملية غصن الزيتون" رواية "ثالثة" تقول إن "رجلين وفتاة تم حصارهم في قبو إحدى البيوت في القرية التي تم تحريرها قبل يوم أمس، وعندما رفضوا الاستسلام وقاوموا تم رمي قنابل يدوية وخلال الانفجار تشوهت الفتاة".

وأضاف: "لم يمثل أحد بجثتها، ولم يمسها أحد بسوء، ونحن ضد حتى تصوير الجثة وضد هذا العنصر .. والقيام بالدعس على جثتها تصرف فردي وسيتم محاسبة العنصر".

كما طلب من وسائل الإعلام أن تكون "عادلة" في نقل الانتهاكات التي يتعرض لها مقاتلو الطرفين.

في هذه الأثناء يبدو أن العمليات العسكرية في شمال سوريا ستزداد حدة بعد إعلان تركيا نيتها توسيع عملياتها العسكرية لتشمل مدينة منبج، التي انتزعتها القوات الكردية من قبضة تنظيم ما يعرف بالدولة الاسلامية (داعش) عام 2016 بدعم من الولايات المتحدة.