اسطنبول: يشنّ الجيش التركي منذ العشرين من يناير هجوما جويا وبريا ضد فصائل كردية تعتبرها أنقرة "ارهابية" في شمال سوريا، لكنها في الوقت نفسه حليفة الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

ويأتي هذا الهجوم بعد أن أعلن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة "الجهاديين" انه يعمل على تشكيل قوة امنية حدودية من 30 الف عنصر في شرق سوريا، قوامها خصوصا من المقاتلين الاكراد، الأمر الذي أثار غضب أنقرة.

غصن الزيتون

في العشرين من كانون الثاني/يناير، شنّت القوات التركية هجوما بريا وجويا على منطقة عفرين تحت مسمى "غصن الزيتون"، استهدف مواقع لوحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها أنقرة الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمردا مسلحا في جنوب شرق تركيا منذ أكثر من 30 عاما.

وفي حين نددت سوريا بما اعتبرته "عدوانا غاشما"، أعربت روسيا عن "قلقها" حيال هذا الهجوم التركي ودعت الى "ضبط النفس". وقالت وزارة الدفاع الروسية أن العسكريين الروس غادروا منطقة عفرين "لمنع استفزازات محتملة وجعل حياة العسكريين الروس بمنأى من اي تهديد".

وقالت وحدات حماية الشعب الكردية من جهتها ان "روسيا تتحمل مسؤولية هذه الهجمات، بقدر تحمّل تركيا لهذه المسؤولية".

مخاوف "مشروعة

في 21 كانون الثاني/يناير، دخلت دبابات وقوات تركية برية منطقة عفرين. 

واعلن رئيس الحكومة التركية بن علي يلدريم ان الهدف من العملية هو اقامة "منطقة امنية" بعمق ثلاثين كيلومترا انطلاقا من الحدود بين البلدين.

من جهتها دعت وزارة الخارجية الأميركية تركيا الى "ممارسة ضبط النفس وضمان ان تبقى عملياتها محدودة في مداها ومدتها، ودقيقة" في أهدافها.

لكن وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس أكد أن أنقرة أبلغت الولايات المتحدة مسبقا بعمليتها في سوريا، مشيرا إلى وجود مخاوف أمنية "مشروعة" لدى الجانب التركي.

في الثاني والعشرين من كانون الثاني/يناير كرر وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون دعوته الى "ضبط النفس"، مقرا في الوقت نفسه ب"الحق المشروع لتركيا بحماية نفسها".

لن نتراجع

اعلن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أن "مسألة عفرين سيتم حلها، ولن نتراجع. تحادثنا بهذا الشأن مع اصدقائنا الروس، ونحن متفقون".

ودعت قوات سوريا الديموقراطية، التي يشكل الاكراد مكونها الرئيسي، التحالف الدولي الى "تحمل مسؤولياته" وأكدت أن الهجوم "دعم واضح وصريح" لتنظيم الدولة الاسلامية.

قذائف على تركيا

في الثالث والعشرين من كانون الثاني/يناير اعلنت وحدات حماية الشعب الكردية "النفير العام" في شمال سوريا، وتكثفت الهجمات بين القوات التركية والمقاتلين الاكراد.

وفي اليوم التالي اطلقت قذيفتان من الاراضي السورية سقطتا على مدينة كيليس التركية، ما دفع المدفعية التركية الى الرد.

وقال اردوغان عن سير المعارك ان "الجيش التركي والجيش السوري الحر يستعيدان السيطرة على عفرين خطوة خطوة".

خلافات اميركية تركية

اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترمب، بحسب البيت الابيض، انه "يحض تركيا على الحد من عملياتها العسكرية" ويطلب من نظيره التركي في اتصال هاتفي معه بتجنب "اي عمل يمكن ان يتسبب بمواجهة بين القوات التركية والاميركية".

الا ان مصادر رسمية تركية نفت في الخامس والعشرين من الشهر الحالي هذه الرواية للبيت الابيض وقالت ان "الرئيس ترمب لم يعبر عن القلق بشأن تدهور الوضع" في عفرين.

واعلن البنتاغون ان واشنطن وانقرة تبحثان في اقامة "منطقة امنية" على الحدود السورية.

وطلبت الادارة الذاتية للاكراد في عفرين المساعدة من النظام السوري لمواجهة الهجوم التركي.

تنظيف منبج

في السادس والعشرين من كانون الثاني/يناير واصلت انقرة قصف مواقع وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين.

وقام الرئيس التركي مساء الخميس بجولة على المنطقة الحدودية مع سوريا واعلن عزمه على توسيع نطاق الهجوم التركي. وقال في هذا الاطار "سنطهر منبج من الارهابيين (...) بعدها نواصل كفاحنا حتى لا يبقى ارهابي حتى الحدود العراقية".

ومنذ العشرين من كانون الثاني/يناير اوقعت هذه المواجهات اكثر من 110 قتلى من المقاتلين العرب الموالين لتركيا ومن وحدات حماية الشعب الكردية، كما سقط 38 مدنيا غالبيتهم بالقصف التركي. اما انقرة فاعلنت انها فقدت ثلاثة جنود اتراك سقطوا في المعارك.