لندن: خاطب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي المشاركين في مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق اليوم قائلا إن العراق يقف الان منتصرًا موحدًا قويًا ولكن على أنقاض دمار هائل خلفته العصابات الإرهابية داعيًا المجتمع الدولي إلى دعم بلاده لمواجهة هذا الدمار وتعمير المدن المحررة وعودة النازحون اليها وتحقيق الاستقرار ومنع أي جماعات إرهابية اخرى من العودة اليها.
وقال العبادي في كلمته التي تابعتها "إيلاف" "لقد تسلّمنا مسؤولية ادارة الحكومة العراقية في ظل ظروف غاية في الصعوبة، وكان تنظيم داعش الإرهابي يحتل ثلث مساحة العراق، وقد هجّر الملايين من أبناء شعبنا، كما حطّم البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية والخدمية على نحو لم يسبق له مثيل في تأريخ العراق او المنطقة على مدى عقود من الزمن، و رافق ذلك تحدٍ مالي كبير هو الانخفاض الكبير في أسعار النفط إلى مستويات متدنية على الرغم من الحاجة المتزايدة للإنفاق على ادامة المعركة ضد داعش.
مواجهة التحديات
وأضاف انه برغم كل ذلك "عقدنا العزم على مواجهة تحدي القضاء على الإرهاب وتحدي الأزمة المالية ومحاربة الفساد والبيروقراطية التي تختبئ خلفها والمضي بالاصلاح الاقتصادي وتبسيط الاجراءات وتشكيل لجنة عليا للاستثمار برئاسة رئيس الوزراء مع فريق متابعة يسهل على المستثمرين اجراءات عملهم ورفع العراقيل امام الإعمار والاستثمار.
وقال "كان لشجاعة قواتنا البطلة ولصمود أبناء شعبنا وتوحدهم وتلاحمهم مع مفاصل الدولة دورٌ حاسمٌ في النصر على داعش وقبر أحلامه المريضة، وكان لنداء المرجعية الدينية دور مشهود في تحشيد المواطنين وتطوعهم دفاعا عن وطنهم، ومساندةً لقواتنا البطلة بمختلف صنوفها.. وإذ أعلنّا في العاشر من شهر ديسمبر من عام 2017 النصر النهائي بتحرير ارضنا الطاهرة و نذكر باعتزاز الدول الصديقة التي وقفت معنا في حربنا ضد داعش".
بدء معركة البناء
وأشار العبادي إلى أنّ الحرب قد وضعت اوزارها، وبدأت معركة البناء وإعادة الإعمار وقال "خسائرنا المادية وإن كانت كبيرة وتتطلب اموالا ضخمة لكن النصر تحقق بما هو اغلى من ذلك كله، بتضحيات الالاف من خيرة أبنائنا الذين روّوا بدمائهم الزكية ارض العراق.. فضلا عن الجرحى والمعاقين لقد حرروا ارضنا لكنهم في الوقت ذاته جنّبوا العالم خطر داعش واجهزوا على مخططاته الاجرامية في الرعب والقتل والدمار في ارجاء المعمورة".
العراق يقف منتصرًا موحدًا على اقاض دمار هائل
وشدد بالقول "اليوم يقف العراق منتصراً موحدا قويا غير أنه يقف على أنقاض دمار هائل خلفته العصابات الإرهابية، لم يقتصر على البنى التحتية والمنشآت الاقتصادية، بل شمِل قطاع السكن الذي صبت عصابات داعش غضبها على مساكن الناس الآمنين، فدمرت ما لا يقل عن (150) ألف وحدة سكنية تدميرا كليا او جزئيا يقتضي منا إيلاء ذلك أولوية قصوى بدعم من المجتمع الدولي كي يعود أهلها النازحون اليها. ويعم الاستقرار ومنع اي جماعات إرهابية اخرى.
وأكد ان العراق "يمتلك مؤهلات النهوض بماحباه الله من موارد طبيعية وامكانات بشرية هائلة ومتخصصة في جميع مجالات العمل والابداع وأيدٍ ماهرة، ويمكننا بمساعدة ودعم الاصدقاء والاشقاء تحشيد الجهود والاستفادة من البيئة الاستثمارية والتشريعية المناسبة لتنفيذ مشاريع اقتصادية وعمرانية وخدمية في المحافظات المحررة والمحافظات الاخرى التي تعطلت فيها فرص التنمية بشكل كبير ومن بينها محافظة البصرة المتميزة بمكانتها الحيوية وموقعها في برنامج و خطط الإعمار والبناء بما يؤدي لخلق فرص عمل كثيرة للعراقيين تساهم في تحسين مستواهم المعيشي وتعزيز الاستقرار الامني والاقتصادي والاجتماعي.
استقطاب الاموال من خارج العراق
وشدد العبادي بالقول إن بلدنا قادر على استقطاب رؤوس الأموال والشركات من خارج العراق ومن داخله للبدء بمرحلة جديدة من الإعمار، مرحلة تقوم على استثمار إمكانات البلد وموارده البشرية و الطبيعية وتعوّض ما فات العراق من فرص على مدى عقود من الزمن التي أشعل فيها النظام المُباد حروبا مع دول الجوار، وتسبب في فرض حصار شامل على العراق امتد سنوات طوال، وسعّت من الفجوة فيما كان ينبغي ان يصل البلد اليه.
وقال إنه في "هذا الإطار حرصنا على اجراء إصلاحات كبرى للنهوض بالواقع الاقتصادي، وتشجيع حركة الاستثمار، بما في ذلك الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، وقد أصدر مجلس الوزراء سلسلة قرارات مهمة لمعالجة المشاكل والمعوقات التي قد تعترض او تؤخر من إجراءات النشاط الاستثماري، وعلى مدى الاجتماعات المنعقدة هنا خلال اليومين السابقين أشار ممثلو الحكومة العراقية إلى جزءٍ من تلك القرارات والإجراءات والتي تسهل عمل المستثمرين والقطاع الخاص".
ثلاثة ملفات رئيسية
وأشار إلى أنّ العراق قد حرص على ان يكون هذا المؤتمر منبرا حقيقيا نعرض فيه خططنا وطموحاتنا ، وقد تم اعداد ثلاثة ملفات رئيسة تبنّتها الحكومة وساعد في إعدادها خبراء عراقيون ومن البنك الدولي، تتمثل في إعداد الإطار العام لإعادة الإعمار والتنمية وتقييم الدمار في المناطق المحررة والفرص الاستثمارية المتاحة في محافظات العراق. وقال "اننا بذلك نضع امام المهتمين من الجهات المانحة او الممولة او المستثمرة قواعد بيانات مبنية على استقراء موضوعي دقيق للوضع الاقتصادي والخدمي في العراق".
الجانب الانساني
وأضاف رئيس الوزراء العراقي قائلا "على الرغم من ظروف الحرب التي خضناها على داعش وانتصرنا فيها بتضحيات وشجاعة أبنائنا الابطال وبالدعم الدولي الذي تلقيناه الا اننا اولينا الجانب الإنساني اهتماما كبيرا وفي كل معركة خضناها في تحرير المدن وضعنا تحرير الانسان قبل تحرير الارض ولذلك رحب ابناء المناطق المحررة بقواتنا البطلة و كنا نتابع العمليات الإنسانية سواء في إيواء النازحين او في اعادتهم بعد تأهيل مناطقهم لدعم الاستقرار وتوفير متطلبات العيش الرئيسة وما زلنا نعمل على هذا الطريق لإعادة المتبقين من النازحين إلى مناطقهم وبالاخص ونحن على ابواب انتخابات ونريد لجميع العراقيين المشاركة من اجل اختيار ممثليهم للنهوض بالبلد".
وأوضح قائلا "لقد شددنا على وجوب رعاية الفئات التي هي بحاجة إلى رعاية فائقة لاسيما النساء والأطفال والشيوخ وما زلنا نتابع عن كثب مصير من فُقِدوا أو تشرّدوا مناشدين المنظمات المختصة دعم جهودنا هذه وكذلك متابعة العصابات الإرهابية".
وجدد التأكيد "على المضي في نهج الإعمار والتنمية في بلدنا ونتطلع إلى وقوف العالم معنا بما يخفف من آثار إجرام داعش من جهة وبما يحقق المصالح المشتركة بين بلدنا وبلدان العالم والمنظمات الدولية التي نجدد احترامنا لكل ما قدمته ونشعر بالامتنان للحماس العالي الذي أبدته بالمشاركة الفعّالة في جهود إعمار العراق".
يذكر ان مؤتمر إعادة إعمار العراق الذي بدأ اعماله في الكويت امس الاثنين ويستمر إلى الغد الاربعاء ينعقد بمشاركة اكثر من 70 دولة و 1850 شركة وعدد من المنظمات الدولية والإقليمية برئاسة خمس جهات هي الاتحاد الاوروبي والعراق والكويت والأمم المتحدة والبنك الدولي.
ويهدف المؤتمر إلى حشد الزخم لرفع المعاناة عن ملايين النازحين والمتضررين العراقيين من ضحايا الحرب على الإرهاب فضلا عن إعادة إعمار المناطق المحررة من الإرهاب والمناطق المحتاجة إلى المساعدات.
التعليقات