الرباط: في ظرف أسبوع واحد تقريبا سجلت مدينة ابن جرير بضواحي مراكش (جنوب المغرب) حالتان انضافتا لضحايا لعبة الحوت الأزرق التي أودت بحياة العديد من المراهقين عبر العالم.
طفلان من مدينة ابن جرير ( 12 سنة بالنسبة للطفل، 14 سنة للفتاة) وصلا لمراحل متقدمة من اللعبة القاتلة في غفلة من أولياء أمورهما و المحيطين بهما، وكانا في طريقهما للإنتحار، لولا تدخل الوالدين في حالة الطفل الأول ، و زملاء الفصل بالنسبة للفتاة الذين اكتشفوا رسم الحوت على يدها وقاموا بإبلاغ مدير المدرسة.
لم يكن أحد يصدق أمر تسلل اللعبة لأطفال مغاربة، خاصة مع نفي السلطات و مصالح الأمن للعديد من الحالات التي انتحر أبطالها في عدد من المدن المغربية و ارتباطها بلعبة الحوت الأزرق ، لكن مع ظهور طفلين في ظرف أسبوع واحد بنفس المدينة ضحيتين للعبة أصبح أمر اللعبة التي اقتحمت بيوت المغاربة مهددة حياة فلذات أكبادهم جديا ، و يستدعي تدخلا عاجلا.
إنقاذ الطفل ابراهيم
يحكي والد الطفل « ابراهيم » ذي 12 سنة من عمره ل »إبلاف المغرب » أنه اكتشف بالصدفة رسم الحوت على ذراع الإبن. لم يكن الرسم بواسطة شفرة الحلاقة كما يطلب من الضحايا عادة من طرف المشرفين على اللعبة، بل رسم بقلم حبر جاف فقط.
يقول الأب « سألناه عن أمر الرسم فأجابنا أنه يخص لعبة الحوت الأزرق التي لم نكن نعرفها ولا سمعنا عنها من قبل» ، مشيرا الى انه أخذ ابنه جانبا وبدأ يسأله عن سر هذه اللعبة ، وماذا يعني رسم الحوت؟ ، فكانت المفاجأة حين أخبره أنه قطع مجموعة من المراحل الخطيرة في اللعبة كما طلب منه المشرفون عليها، و كانت آخرها أنه قفز رفقة صديق له من أعلى حافلة بينما كانت تسير بسرعة وسط الطريق.
صقع الأب لما سمع و بدأت الأسئلة تتناسل حتى حصل على الإعتراف الذي جعله ينتفض من مكانه، وهو أن المرحلة القادمة ستكون لف عنقه بحبل و القفز من مكان مرتفع.
في الثامن من فبراير الجاري توجه الأب فور سماع اعترافات الإبن صوب مصالح الامن، و السلطات المحلية (باشا مدينة ابن جرير) وبدأت إجراءات نقل الطفل ابراهيم الى مستشفى محمد السادس بمراكش ثم مستشفى ابن نفيس للأمراض العصبية و النفسية، و الذي لم يكن يتوفر على طبيب مختص في الأمراض العصبية الخاصة بالأطفال، لتكون الوجهة الجديدة مستشفى ابن رشد بمدينة الدار البيضاء، حيث خضع الطفل لعلاج نفسي مكثف ،و بدأ يتماثل للشفاء ليعود للمدرسة قبل أيام حيث يتابع دراسته بالصف السابع بإحدى الإعداديات بمدينة ابن جرير.
وقال الأب أن ابنه لا يتوفر على هاتف جوال و لا على لوحة إلكترونية، و أنه كان يتواصل مع المشرفين على هذه اللعبة عن طريق ولوجه للتطبيق الخاص بها داخل مقهى الأنترنت الذي كان يتردد عليه بين الفينة و الأخرى.
ضحية جديدة
مع ظهور ضحية للحوت الأزرق ، نظمت السلطات المحلية بمدينة ان جرير لقاءا تحسيسيا للآباء والمسؤولين بالمدينة من أجل اليقظة و مراقبة الأطفال، قبل أن تنضاف قبل أربعة أيام ضحية جديدة ، ودائما بسبب اللعبة القاتلة.
قبل أيام اكتشف تلاميذ بإحدى الثانويات بمدينة ابن جرير رسم « الحوت الأزرق » المشؤوم بذراع زميلتهم ذات الأربعة عشر عاما، مما دفعم للتوجه صوب مكتب المدير الذي أشعر بدوره والد الفتاة و مصالح الأمن، الذين حلوا على الفور بالمؤسسة.
بنفس الطريقة كانت الفتاة قد قطعت مراحل متقدمة من اللعبة الخطيرة، حيث كانت على مشارف لف الحبل حول عنقها ووضع حد لحياتها لولا تدخل رفاقها بالفصل و إنقاذها من موت محقق.
توجه الوالدان صوب مستشفى « سعادة » بضواحي مراكش للأمراض النفسية و العصبية. الطبيب المداوم ليلة الأربعاء الماضي أصر على أن تمكث الفتاة بالمستشفى، بعد أن كشف على حالتها و وقف على خطورة وضعها النفسي، بعد أن قطعت مراحل متقدمة من اللعبة القاتلة التي تدفع بالضحايا المراهقين لتعذيب أنفسهم عبر مراحل من التحديات التي يقوم بها الأطفال ليبرهنوا للمشرفين على اللعبة صدق نواياهم واستعدادهم لتنفيذ كل ما يطلب منهم.
رفض والدا الفتاة تركها بمستشفى « سعادة » رغم الحاح الطبيب، لكنهما في النهاية وقعا التزاما بذلك بطلب من الطبيب الذي أشرف على الحالة، حتى يخلي هذا الأخير مسؤوليته مما قد يقع بعد ذلك، ليتم إيداع الطفلة الضحية كذلك قسم الأمراض النفسية و العصبية بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء حيث ما زالت تتلقى العلاج هناك.
جرائم إلكترونية
في غضون ذلك حذر محمد لفكيكي رئيس قطب العلاجات التمريضية لما يزيد عن 30 سنة بمستشفى « سعادة » بمراكش الآباء من خطورة هذه التطبيقات الموجودة على الهواتف الذكية و التي أصبحت تهدد حياة الأطفال المراهقين.
وقال الفكيكي ل « إيلاف المغرب » إن الطفل المدمن على هذا النوع من الألعاب غالبا ما يدخل في حالة اكتئاب حاد مما يستوجب عرضه على طبيب مختص في الأمراض النفسية و العصبية الخاصة بالأطفال ، حيث يصبح مستعدا لتنفيذ كل ما يطلب منه من طرف المشرفين على هذه اللعبة، وهو ما أرجعه لفكيكي لما يعرف بحالات الإدمان التي يكون ضحيتها المراهقون، سواء الإدمان على المخدرات أو الكحول أو الأنترنت.
وشدد الفكيكي على ضرورة القيام بحملات توعية في أوساط الأباء و التلاميذ داخل المؤسسات التعلمية للكشف عن خطورة هذا النوع من الألعاب، معتبرا أن الأشخاص المشرفين على اللعبة هم أشخاص ساديون يتلذذون بقتل أطفال أبرياء.
وعن استهداف المراهقين، قال الفكيكي إن هذه الفئة العمرية غالبا ما تكون رافضة للنظام المجتمعي و تدخل في خلاف مع العائلة، مما يجعلها أكثر عرضة للتمرد والرغبة في فرض الذات وتنفيذ أمور غريبة.
التعليقات