عدرا: تواصل قوات النظام السوري وحليفتها روسيا الجمعة ضرباتها المكثفة على جيب داخل الغوطة الشرقية المحاصرة، موقعة عشرات القتلى، بموازاة خروج مئات المدنيين الى مناطق سيطرتها فارين من العنف الذي حصد المئات منذ شهر.

وفي شمال البلاد، قتل 27 مدنياً على الأقل في مدينة عفرين ذات الغالبية الكردية جراء قصف مدفعي للقوات التركية التي باتت تطوق المدينة مع عشرات القرى غربها، متسببة بنزوح كثيف.

وفيما يستمر التصعيد، تعهد وزراء خارجية روسيا وتركيا وايران خلال محادثات في استانا، بالاستمرار في "تصفية" جبهة النصرة، في اشارة الى هيئة تحرير الشام والمجموعات الاخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة.

أكد مندوب سوريا لدى الامم المتحدة بشار الجعفري الجمعة خروج أكثر من 40 ألف مدني الخميس من الغوطة الشرقية. وقال خلال اجتماع لمجلس الأمن حول سوريا ان المدنيين "توجهوا الى مراكز إيواء وفرتها الحكومة والهلال الأحمر العربي السوري"، مشيراً إلى أن القوات السورية والروسية فتحت "معابر" لتأمين خروجهم. 

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان ان نحو 20 ألف مدني خرجوا من الغوطة الخميس، وأن نحو ألفين خرجوا الجمعة معظمهم من بلدة سقبا.

من جهته حذر مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا من تصعيد النزاع رغم قرار مجلس الامن الدولي بوقف اطلاق النار.

كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن "قلقه الكبير حيال اليأس الذي يبديه أعداد كبيرة من الفارين من الغوطة الشرقية وعفرين" داعيا "جميع أطراف النزاع إلى الاحترام التام للحقوق الإنسانية وضمان حماية المدنيين".

وقال الجعفري ان "الحكومة السورية سمحت كذلك (الخميس) بدخول قافلة مساعدات مشتركة بين الهلال الاحمر والصليب الأحمر والأمم المتحدة (...) وسنسمح بمرور مثل هذه القوافل عندما تتوفر الشروط الأمنية في المستقبل كذلك".

ودعا الجيش السوري السكان الى الخروج عبر "المعابر الآمنة" التي حددها، مؤكدا استعادة السيطرة على سبعين في المئة من المناطق التي كانت تحت سيطرة "المجموعات الإرهابية".

وأفاد المرصد أن خروج المدنيين من جيب تحت سيطرة "فيلق الرحمن" في الغوطة الشرقية، تزامنً مع "غارات روسية كثيفة" استهدفت بلدتي كفربطنا وسقبا وتسببت بمقتل 80 مدنياً على الاقل. 

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن "64 مدنياً على الأقل بينهم 13 طفلاً قتلوا وأصيب عشرات آخرون بجروح جراء غارات روسية استهدفت بلدة كفربطنا".

واضاف ان 11 مدنياً قتلوا صباح الجمعة جراء الغارات في بلدة سقبا. وأعلنت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني) مقتل أحد متطوعيها في البلدة. وقتل خمسة مدنيين على الاقل في حرستا، بحسب المرصد.

لكن الجيش الروسي نفى تدخل طائراته في الغوطة الشرقية.

وتسبب الهجوم على الغوطة الشرقية، آخر أبرز معقل للفصائل المعارضة قرب دمشق، منذ 18 شباط/فبراير بمقتل 1350 مدنياً بينهم 270 طفلاً، وفق آخر حصيلة للمرصد. 

وأشار المرصد الى "تفحم جثث القتلى" في كفربطنا، مرجحاً استخدام "مواد حارقة"، وشاهد مصور متعاون مع فرانس برس ثماني جثث محترقة على الأقل في الشارع، موضحاً أن معظم مراكز الدفاع المدني باتت خارج الخدمة. 

وتتعرض بلدات عدة تحت سيطرة فيلق الرحمن منذ أيام وفق المرصد لغارات روسية وسورية، لا سيما حمورية وكفربطنا وسقبا، وهي المناطق التي خرج النازحون منها. ولهيئة تحرير الشام تواجد محدود في هذه المنطقة.

واستعادت قوات النظام الجمعة السيطرة على بلدة حمورية بعدما خسرتها لساعات إثر شن فيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام هجوماً مضاداً عليها، وفق المرصد.

- مراكز ايواء مكتظة -
ونقل نحو 3000 نازح ليل الخميس الى بلدة عدرا، وشاهد مراسل فرانس برس عشرات المدنيين يفترشون باحة المركز حيث أمضوا ليلتهم في ظل نقص في الخدمات.

وقال عبد الرحمن ان عدداً كبيراً من المدنيين أمضوا ليلتهم في العراء بعد وصولهم الى مناطق سيطرة قوات النظام التي لم تكن تتوقع خروج هذه الاعداد الكبيرة.

وفي بيان إثر زيارة الى سوريا استمرت اياماً، قال رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر ماورير إن "الغوطة الشرقية هي المثال الأحدث على مستوى معاناة المدنيين".

- قتلى في عفرين -
في مدينة عفرين شمالاً، قُتل 27 مدنيا الجمعة بينهم سبعة أطفال في قصف مدفعي للقوات التركية، اثناء محاولتهم النزوح، فيما تدور معارك على حدود المدينة الشمالية، وفق المرصد.

بدأت تركيا في 20 كانون الثاني/يناير بدعم من فصائل سورية موالية لها هجوماً على عفرين تقول إنه يستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة "ارهابية"، وباتت تسيطر على أكثر من ثمانين بالمئة من مساحتها بحسب المرصد.

وحققت القوات التركية الجمعة تقدما غرب عفرين ترافق مع غارات كثيفة وباتت تطوق المدينة مع نحو ستين قرية إلى غربها، ما أدى الى نزوح أكثر من ثلاثين ألف مدني في اليومين الأخيرين بحسب المرصد.

وتوجه النازحون إلى نبل والزهراء وهي تحت سيطرة قوات موالية للنظام، والى بلدات أخرى تحت سيطرة الأكراد.

وقالت الناطقة باسم مفوض الامم المتحدة لحقوق الانسان رافينا شمسداني في جنيف ان "مئات آلاف المدنيين معرضون للخطر" في عفرين التي يربطها منفذ وحيد بمناطق سيطرة قوات النظام، بات منذ الاثنين بمرمى النيران التركية.