بدأت الأحد مفاوضات مباشرة بين الحكومة السورية وفصيل جيش الإسلام للتوصل إلى اتفاق يحدد مصير مدينة دوما بعد يومين من قصف جوي عنيف أودى بعشرات القتلى بعضهم اختناقًا.

إيلاف: وجّه ناشطون ومعارضون اتهامات إلى قوات النظام باستخدام "غازات سامة" في القصف على دوما، الأمر الذي نفته دمشق بشدة.

وإثرَ عملية عسكرية جوية وبرية وعمليتي إجلاء لمقاتلين معارضين، تمكن الجيش السوري من السيطرة على 95 في المئة من الغوطة الشرقية، لتبقى دوما وحدها تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام، الذي دخل في مفاوضات معقدة مع روسيا.

وأعلنت روسيا من جانب واحد عن اتفاق لإجلاء مقاتلي جيش الإسلام، تم بموجبه في بداية الأسبوع الماضي إخراج نحو ثلاثة آلاف مقاتل ومدني إلى شمال البلاد، قبل أن يتعثر مع محاولة الطرفين فرض المزيد من الشروط ووسط انقسام في صفوف الفصيل المعارض.

بعدما كان النظام السوري وروسيا هددا باستئناف الهجوم في حال رفض جيش الإسلام الإجلاء، عادت الطائرات الحربية السورية الجمعة والسبت لشن غارات عنيفة على دوما لممارسة ضغوط على هذا الفصيل.

وقال مصدر رسمي الأحد، وفق وكالة الأنباء السورية (سانا)، إن "ارهابيي ما يُسمى جيش الإسلام يطلبون التفاوض مع الدولة السورية، والدولة ستبدأ التفاوض". وأضاف أن المفاوضات مع "الدولة السورية حصرًا، بعدما استجدى إرهابيو جيش الإسلام طوال ليل أمس وقف العمليات العسكرية".

وعقد اجتماع أولي ظهر السبت، وفق التلفزيون الرسمي السوري. وأورد المصدر الرسمي أن أحد اسباب موافقة الحكومة السورية على التفاوض المباشر هو إخراج جيش الاسلام إلى جرابلس في شمال البلاد.

وكانت اللجنة المدنية في دوما المشاركة في المفاوضات مع الجانب الروسي أعلنت صباح الأحد عن "وقف إطلاق النار واستئناف المفاوضات اليوم مع ترجيح التوصل إلى اتفاق نهائي". إلا أن ذلك لم يمنع قوات النظام من استهداف دوما بضربات جوية عدة صباح الأحد، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.

الوضع مأساوي
وقتل خلال يومي الجمعة والسبت، وفق حصيلة للمرصد، حوالى مئة مدني جراء القصف الجوي على دوما، "بينهم 21 توفوا السبت اختناقًا أثناء تواجدهم في أقبية وغرف مغلقة".

تضاف إلى هؤلاء 70 حالة اختناق وصعوبة تنفس بين المدنيين في الأقبية والملاجئ، وفق المرصد الذي لم يتمكن من "تأكيد أو نفي" اتهامات طالت قوات النظام باستخدام "غازات سامة". ورجح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن "إصابات الاختناق ناتجة من كثافة الدخان بعد القصف نتيجة تواجد المدنيين في غرف مغلقة".

واتهمت منظمة الخوذ البيضاء (الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل) وفصيل جيش الإسلام و"الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" قوات النظام بشن هجوم كيميائي. وتراوحت الحصيلة التي أوردتها منظمة الخوذ البيضاء على حساباتها على تويتر بين 40 و70 قتيلًا.

تحدثت منظمة الخوذ البيضاء والجمعية الطبية السورية الأميركية (سامز) في بيان مشترك عن توارد "500 حالة" إلى النقاط الطبية. وأشارتا إلى أعراض "زلة تنفسية وزرقة مركزية وخروج زبد من الفم وانبعاث رائحة واخزة تشبه رائحة الكلور".

وقال الطبيب محمد من مدينة دوما لوكالة فرانس برس "استقبلنا أكثر من 70 إصابة اختناق، وليس لدينا سوى أربع مولدات أوكسيجين"، مضيفًا "الوضع مأساوي جدًا جدًا، أعمل في المستشفى منذ أربع سنين، ولم يمر عليّ مثل هذه الساعات أبدًا".

مسؤولية وتنديد
فور ورود التقارير عن احتمال هجوم كيميائي في دوما، سارعت دمشق إلى النفي. ووصف مصدر رسمي اتهامَ الحكومة السورية باستخدام تلك الأسلحة بـ"فبركات ومسرحيات الكيميائي"، وفق ما نقلت سانا. 

ونفت روسيا، حليفة دمشق الاتهامات. وقال رئيس المركز الروسي للمصالحة في قاعدة حميميم الجوية الجنرال يوري يفتوشينكو السبت: "نحن مستعدون فور تحرير دوما من المسلحين لإرسال خبراء روس (...) لجمع المعلومات التي ستؤكد أن هذه الإدعاءات مفبركة". 

يأتي ذلك بعدما حمّلت الولايات المتحدة روسيا المسؤولية لدعمها النظام السوري. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت أن "نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد وداعميه يجب أن يحاسبوا، وأي هجمات أخرى يجب أن تمنع فورًا". 

وهددت واشنطن وباريس خلال الفترة الماضية بشن ضربات في حال توافر "أدلة دامغة" على استخدام السلاح الكيميائي في سوريا.