يزور وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف موسكو الاثنين، في وقت تسعى روسيا إلى إبقاء الاتفاق النووي الإيراني قائمًا بعد انسحاب واشنطن منه، دافعة باتجاه تعاون نادر مع أوروبا.

إيلاف: قبل موسكو، زار ظريف بكين في نهاية الأسبوع الماضي، في إطار جولة دبلوماسية ستقوده لاحقًا إلى بروكسل وسط مساعي الدول المؤيدة للاتفاق من أجل إنقاذه.

وقال ظريف عقب لقائه نظيره الصيني وانغ يي في بكين "نأمل خلال هذه الرحلات الحصول على صورة أكثر وضوحًا (عن) مستقبل الاتفاق النووي".

وبحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ونظيره التركي رجب طيب أردوغان الجهود المبذولة في هذا الإطار. وكان بوتين أعرب عن "قلقه البالغ" إزاء قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من الاتفاق. أثار قرار ترمب التخلي عن الاتفاق غضب حلفاء واشنطن في أوروبا كما والصين وروسيا.

لا بديل من الإنقاذ
يقول المستشار أندري باكليتسكي من "مركز بي آي آر" المنظمة غير الحكومية إن "التعاون (الأوروبي) مع روسيا، الذي بدا حتى الأمس القريب، مستحيلًا، بسبب قضية (تسميم العميل) سكريبال وطرد الدبلوماسيين وخفض التواصل، يتلقى دفعًا جديدًا".

يتابع باكليتسكي "الأوروبيون، بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، وجدوا أنفسهم مجبرين على إنقاذ الاتفاق"، مضيفًا أنه يتعيّن على موسكو لعب دور أساسي من أجل ضمان عدم استئناف طهران برنامجها النووي.

والأحد أعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن واشنطن لا تزال راغبة في العمل مع شركائها الأوروبيين بشكل "وثيق" للتوصل إلى اتفاق جديد لمواجهة "سلوك إيران المؤذي"، بينما ذكّر مسؤول أميركي رفيع المستوى الأوروبيين بأن شركاتهم قد تواجه عقوبات إذا استمرت في التعامل مع إيران.

لاعب إقليمي اساسي
ستعزز جهود روسيا لإنقاذ الاتفاق دورها كقوة فاعلة في الشرق الأوسط، بعد تدخلها في سوريا إلى جانب نظام الرئيس السوري بشار الأسد. هذا التدخل، إلى جانب تحركاتها الدبلوماسية من أجل وضع حد للنزاع في سوريا، وضع موسكو في جبهة مقابلة للولايات المتحدة والأوروبيين، الذين يتدخلون ضد نظام الأسد.

وسيلتقي ظريف نظيره الروسي سيرغي لافروف بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية. ومن المقرر أن تزور ميركل الجمعة روسيا للقاء بوتين في زيارة عمل في منتجع سوتشي على البحر الأسود، كما يزور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سان بطرسبورغ في مايو الجاري للمشاركة في منتدى اقتصادي.

كذلك يلتقي بوتين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو في سوتشي، بحسب ما أعلن المستشار الرئاسي الروسي يوري أوشاكوف. وأعلنت إيران أنها مستعدة لاستئناف تخصيب اليورانيوم "على المستوى الصناعي من دون أي قيود" إلا إذا قدمت القوى الأوروبية ضمانات ملموسة لاستمرار العلاقات التجارية رغم إعادة العقوبات الأميركية.

موسكو مستفيدة
وكانت إيران وافقت بعد مفاوضات شاقة في 2015 على تجميد برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها. وتم التوصل إلى الاتفاق بمشاركة بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، إضافة إلى ألمانيا.

مرت العلاقات الروسية الإيرانية في الماضي بمراحل صعبة، لكنها عادت وتحسنت بعد انتهاء الحرب الباردة. وبعدما نبذ المجتمع الدولي طهران في تسعينيات القرن الماضي، وافقت موسكو على استئناف بناء مفاعل بوشهر النووي الذي تخلت عنه ألمانيا.

وكانت روسيا وإيران عملتا على تعزيز التعاون بينهما قبل التوصل إلى الاتفاق في 2015، على الرغم من العقوبات المفروضة على طهران. ويرى محللون أن روسيا قد تستفيد اقتصاديًا من انسحاب الولايات المتحدة، بما أنها اقل عرضة لتداعيات إعادة تفعيل العقوبات من الأوروبيين.