إيلاف من القاهرة: أثار إلقاء القبض على ملك الكاشف أشهر متحولة جنسيًا في مصر، بتهمة التحريض على التظاهر والانتماء لجماعة إرهابية، الكثير من الجدل على المستويين المحلي والدولي، لاسيما بعد أن ترددت أنباء عن احتجازها مع الرجال، وأعرب نشطاء حقوقيين عن مخاوفهم من تعرضها للعنف الجنسي.

رغم أن مظاهرها الخارجي الأنثوي، إلا أن أوراق الهوية مدون بها أنها رجل، لكنها منذ أكثر من عامين تكافح من أجل إثبات أنوثتها بشكل رسمي في الأوراق الثبوتية. إنها ملك الكاشف ذات الـ 19 سنة، التي ألقي القبض عليها مؤخرًا بتهمة التحريض على التظاهر ومشاركة دعوات جماعة إرهابية لتكدير السلم العام.

وأثار خبر القبض عليها وتوجيه هذه الاتهامات إليها الكثير من الجدل في مصر، حول هذه الفتاة المتحولة جنسيًا، وأبدى أصدقاؤها ونشطاء حقوقيون تخوفهم من تعرضها لاعتداءات جنسية في مقر احتجازها، لاسيما أن بطاقة الهوية مدون فيها أنها ذكر وليست أنثى، وأطلق النشطاء هاشتاغ #الحرية_لملك_الكاشف على مواقع التواصل الاجتماعي، وحذروا من احتمالية تعرضها لاعتداءات جنسية في الحجز.

لكن مصدرا أمنياقال لـ"إيلاف" إن وزارة الداخلية لديها معلومات موثقة حول هويتها الجنسية، وأنها تعاني من اضطرابات جنسية، مشيرًا إلى أنها محتجزة في مكان مخصص لها، وليست مع الرجال أو النساء في حجز واحد، خشية تعرضها لاعتداءات من السجناء الذكور أو النساء.

دوليًا، حذرت "منظمة العفو الدولية"، في تقرير لها من أن الشابة المصرية المتحولة جنسيا، ملك الكاشف، تواجه خطر التعرض لـ"عنف جنسي وتعذيب" بسبب ميولها.

وقالت المنظمة إنّ ملك البالغة من العمر 19 عاما والتي لا تزال مسجلة كرجل على بطاقة هويتها، تم احتجازها خلال مداهمة الشرطة لمنزلها في الجيزة في الساعات الأولى من يوم 6 مارس "ولم يسمع عنها خبر منذ ذلك الحين".

وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنّ قوات الأمن المصرية إلى مكان مجهول، ولم يتمكن محاموها من تحديد مكان وجودها حيث نفت أقسام الشرطة أنها محتجزة لديها.

وأفادت نائبة مديرة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "منظمة العفو الدولية"، ماجدالينا مغربي بأنّ "هناك مخاوف حقيقية على السلامة البدنية والنفسية لملك الكاشف. فلدى السلطات المصرية سجل مروع من اضطهاد الأشخاص على أساس ميولهم الجنسية وهوية النوع الاجتماعي الخاصة بهم بما في ذلك تعرضهم لإجراء فحوص شرجية قسرية ترقى إلى مستوى التعذيب" حسب تعبيرها.

ولفتت إلى أن "منظمة العفو الدولية" تعتقد أن "اعتقال ملك يتعلق بدعوتها للاحتجاجات السلمية عقب حادثة قطار كبرى وقعت في محطة القطارات المركزية بالقاهرة في 27 فبراير وأودت بحياة ما لا يقل عن 25 شخصا"، مضيفة "بسبب هويتها الجنسية، فإن ملك الكاشف تواجه خطرا أكبر بالتعرّض للتعذيب على يد الشرطة وخصوصا الاغتصاب والعنف الجنسي... وتتهم السلطات المصرية باضطهاد الأشخاص بسبب ميولهم الجنسية".

ونقلت المنظمة عن محامي ملك، عمرو محمد، تأكيده توجيه السلطات المصرية إليها اتهامات بالانضمام لجماعة "إرهابية" واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي للتحريض على "الإخلال بالنظام العام"، وأوضح أن "نيابة أمن الدولة قررت حبس ملك الكاشف 15 يوما على ذمة التحقيقات''، في اتهامها بمشاركة جماعة إرهابية بنشر أخبار يعاقب عليها القانون على صفحتها بموقع فيسبوك.

فما قصة ملك الكاشف التي واجهت المجتمع المصري بقوة، وأعلنت أنها أنثى وليست ذكر، وطالبت بحقها في الحياة بجسد أنثى؟

بدأت قصة الشاب "مالك الكاشف" قبل عامين، عندما خرج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معلنًا أنه تحول إلى أنثى.

وظهرت "ملك" في جسد أنثوي مكتمل الأنوثة، وقد وضعت مساحيق التجميل، وتحدثت بصوت ناعم ولطيف.

وروت معاناتها التي مرت بها منذ خمس سنوات، لإثبات هويتها الأنثوية في الأوراق الرسمية، بعد أن أجرت عملية تحول جنسي.

وقالت ملك إنها اكتشفت نفسها كأنثى في سن الثالثة عشر، مشيرة إلى أنها واجهت أسرتها بهذه الحقيقة، إلا أنها قوبلت بالرفض والتعامل بعنف، مما اضطرها للهروب من منزلها.

وأضافت: "عشت 9 شهور في الشارع، وكنت أنام في حديقة تذكرة دخولها 5 جنيها في منطقة المظلات بالقاهرة"، مشيرة إلى أنها عملت في محل كوافير حريمي"، مقابل 40 جنيها يوميا، في محاولة منها للاستقلال المادي".

وأوضحت ملك أنها تعرضت للضرب والشتم في الشارع والمدرسة والمنزل، عندما كشفت عن هويتها الجنسية، وبدأت في التحول إلى المظهر الأنثوي، وارتداء ملابس البنات، واستخدام مساحيق التجميل، وقالت: "وفي يوم اتضربت من 42 طالبًا في الفصل، وهم ينعتوني بأبشع الألفاظ".

ولفتت إلى أنها في سن الخامسة عشر، واجهت أقسى أنواع العنف، عندما تعرضت للضرب من أسرتها، وأجبرت على الخضوع للعلاج النفسي، منوهة بأنها أجبرت على الاحتجاز في مستشفى للأمراض النفسية لمدة 20 يومًا.

وذكرت أنها في سن الثامنة عشر تعرضت للضرب والتجريد من ملابسها في الشارع من قبل أسرتها، مشيرة إلى أنها اضطرت للهرب من المنزل، واستضافها صديق لها، وتعمل لمدة 12 ساعة لتوفير نفقاتها.

وروت ملك قصتها في مقطع فيديو تنشره "إيلاف" قالت فيه إن أصعب أوقاتها عندما تقف أمام مرآتها وليس ما تواجهه من عنف الناس في الشارع أو أسرتها في المنزل، وقالت إنها كثيرًا ما وقفت أمام المرآة، وتحدث نفسها، متسائلة: هل هي أنثى أم ذكر؟ لماذا يعاملها الناس بطريقة مهينة؟ لماذا هي وحدها على هذه الحالة؟ وقالت إن الله الذي خلقها على هذه الحالة هو وحده من يعلم بحالتها.

ومن جانبه، طالب الإعلامي المصري، عمرو أديب، بالإفراج عن ملك الكاشف، مشيرًا إلى أن الصحف العالمية تناولت قضيتها.

وقال أديب، خلال برنامجه "الحكاية"، المُذاع عبر فضائية "MBC مصر"، مساء الجمعة، إن الصحف العالمية تناولت القضية بشكل واسع، ساخرًا: "الشرطة احتارت فيها تتحبس مع الرجالة ولا الستات فحطتها في سجن انفرادي".

وأضاف: "دي هتعمل لينا مشاكل كتير.. دي عايزة محكمة لوحدها وسجن لوحدها.. رأيي إفرجوا عنها وريحونا".

وكانت قوات الأمن ألقت القبض على ملك الكاشف، من منزلها بتهمة التحريض على التظاهر في 27 فبراير الماضي وأمرت النيابة بحبسها 15 يومًا، على خلفية نشرها دعوات على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك للتظاهر في أعقاب حريق القطار الذي شهدته محطة مصر.