دبي: على الرغم من الحرب الكلامية بين إيران والولايات المتحدة في أعقاب الهجوم على ناقلتي نفط في الخليج، يرى محللون أن طهران لا تسعى إلى صراع مفتوح قد يضر بالاقتصاد العالمي، ولكنها قد تكون في طور إرسال تحذير إلى واشنطن.

واستهدف هجومان الخميس ناقلتي نفط نروجية ويابانية في بحر عمان وأدّيا الى اشتعال النيران فيهما وإجلاء طاقميهما، في تطوّر يزيد التوترات في منطقة تعيش منذ أسابيع على وتيرة التصعيد بين واشنطن وطهران.

ووجهت واشنطن أصابع الاتهام مباشرة الى إيران، الأمر الذي تنفيه الجمهورية الإسلامية.

ويقول الخبير في شؤون الخليج نيل بارتريك لوكالة فرانس برس إن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي "خامنئي والحرس الثوري الإيراني لاعبان عقلانيان -على الرغم من كيفية تصوير البعض لهما- ولن يرضيا بالتسبب بما يمكن أن يقضي على إيران".

ولكنه رأى أن "خطر التصعيد لا يزال قائما سواء نتيجة حادث أو تخطيط أو كليهما"، موضحا أن "المهارة التي استخدمت البارحة في الهجمات على الناقلات تشير إلى أن هذا أمر أكثر تطورا من القدرات التي يمكن أن يستخدمها مثلا (المتمردون) الحوثيون المدعومون من إيران".

ونشرت القيادة الوسطى في الجيش الأميركي تسجيلا مصوّرا بالأبيض والأسود قالت إنّه يظهر زورقا سريعا لحرس الثورة الإيرانيين يعمل على إزالة لغم غير منفجر من هيكل سفينة.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب الجمعة إن الهجوم على ناقلتي النفط "يحمل بصمات" ايران، مستندا الى شريط الفيديو هذا.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من جهته إن "انتهاز الولايات المتحدة فورا الفرصة لتطلق مزاعم ضد إيران (بدون) دليل مادي أو ظرفي يكشف بوضوح أنهم انتقلوا إلى الخطة باء: التخريب الدبلوماسي (...) وتمويه #الارهاب_ الاقتصادي_ ضد_ إيران".

وتزامن الهجوم على ناقلتي النفط، وإحداهما يابانية، خلال زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الى طهران.

ويقول بارتريك "فكرة أن إيران -بغض النظر عن أي جزء من النظام فيها- قد ترغب بشكل مباشر في تقويض مهمة رئيس الوزراء الياباني مانحة هدية لأعدائها الولايات المتحدة وفي الخليج عبر التخطيط لهجوم كبير مماثل، يجب أن تكون موضع شك".

-&رسائل تحذيرية -

ويشكّك المحلل في مؤسسة "فيريسك مابلكروفت" توربورن سولفدت، أيضا في الموضوع، قائلا "من الصعب في هذه المرحلة إيجاد سبب واضح لسعي إيران لتعطيل حركة ناقلات النفط في خليج عمان".

ويضيف "على الأرجح أن إيران تبعث رسائل تحذير إلى الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة مفادها أنها تملك القدرة على الردّ على مسألة تشديد العقوبات عليها في مجال الطاقة".

ويقول "من الممكن أيضا أن المتشددين في إيران يسعون إلى تخريب احتمالات إجراء أي محادثات جديدة بين طهران وواشنطن تهدف الى تخفيف التوترات".

وتصاعد التوتر بين واشنطن وطهران بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في 2018، وإعادة فرض عقوبات أميركية على طهران.

وهذه هي المرة الثانية في غضون شهر التي يتمّ فيها استهداف بواخر في هذه المنطقة الاستراتيجية، إذ تعرّضت أربع سفن بينها ثلاث ناقلات نفط لعمليات "تخريبية" قبالة سواحل الإمارات في 12 أيار/مايو.

واتهمت واشنطن إيران بالوقوف وراء عمليات التخريب هذه، الأمر الذي نفته طهران.

وارتفعت أسعار النفط بسرعة بعد الهجومين اللذين وقعا الخميس على مقربة من مضيق هرمز الاستراتيجي الذي تعبر منه يوميا نحو ثلث إمدادات النفط العالمية المنقولة بحرا.

وترى المحلّلة في مجموعة الأزمات الدولية، إليزابيث ديكنسون أن&"أحد المخاطر العديدة التي نواجهها في هذا الوضع من التوتر المتصاعد في المنطقة، هو المبالغة".

وتضيف "علينا الاعتراف بالمخاطر مع البقاء هادئين. مبالغة أو تضخيم ما يحدث سيواصل تغذية دورة سلبية لا تخدم مصالح أي من الدول".

بينما يرى بارتريك أن&إلقاء واشنطن اللوم على طهران قد يكون حدّ "على سبيل المفارقة" من مخاطر حصول المزيد من الهجمات&على صادرات النفط، لأن واشنطن&"زادت من قدرتها الرادعة عبر خطاب" التهديد.

ويقع بحر عُمان جنوب مضيق هرمز.

وبدّد &ترمب الجمعة مخاطر قيام ايران بتنفيذ تهديداتها بإغلاق المضيق.

وقال لشبكة "فوكس نيوز"، "لن يقوموا بإغلاقه، لن يغلق، لن يغلق لفترة طويلة، وهم يعلمون ذلك. وقد أُبلغوا بذلك بأشد العبارات".&

وتقول المحلّلة كارين يونغ من مجموعة "أميركان انتربرايز اينستيتوت" لوكالة فرانس برس "يمكننا أن نتوقع المزيد من الحوادث، بدلا من هجمات تنفذها دولة ضد أخرى".

وتتابع "لا ترغب دول مجلس التعاون الخليجي ولا إيران بمواجهة مباشرة".