أصيلة : قال محمد الأشعري، الكاتب والشاعر ووزير الثقافة المغربي الأسبق، ان تجربة الشعر العربي الحديث منذ انبثاقها ارتبطت عميقا ب"التطلع الجماعي إلى التحرر ، كما تجسدت في مقاومة الاستعمار ،وفي مواجهة الاستبداد، وفي مناهضة التقليدية والانطواء والتعصب"، مؤكدا أن لا وجود للشعر إلا في ارتباطه الوجودي مع الحرية.

وأضاف الأشعري ، الذي كان يتحدث في الجلسة الافتتاحية للندوة الرابعة لمنتدى اصيلة حول موضوع "الشعر العربي في مشهد ثقافي متحول"، التي نظمت على مدى يومين ، واختتمت أعمالها امس الجمعة ، أن أصيلة " تجرأت على استدعاء الشعر لذاكرة اهتمامنا المشترك في واقع ثقافي يُمجد السطحية".

الربط بين الشعر وتحقيق الحرية&

وأوضح الأشعري بأن الربط بين الشعر وتحقيق الحرية "ليس ربطا ساذجا، بل يجعل الشعر في حد ذاته مجالا لبناء حرياتنا الجماعية والفكرية واللغوية المضمونية والشكلية، وجعل ذلك كله ليس فقط أسلوب كتابة، بل أسلوب حياة".&
واعتبر وزير الثقافة المغربي الاسبق أن القتل اليومي والمهانات التي يلحقها المستبدون بشعوبهم والتآمر على أنبل القضايا في الوطن العربي ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ،وتقويض فكرة التقدم التي انبنت عليها تجربة النهضة العربية، أصبح "أكبر من كلماتنا وأقسى مما تتحمله اللغة".

&

وأفاد بأن الشعر العربي الحديث "لم يدخر جهدا في بناء رؤيته الشعرية على مجهود فكري وجمالي يستند إلى تعدد الرؤى والتجارب وإلى الانفتاح على حقول إبداعية أخرى وعلى شعريات مختلفة"، مؤكدا أن القصيدة العربية الحديثة استدعت "أصداء وجماليات أخرى مرتبطة بالتنوع".

وذهب الأشعري إلى إن التراكم الشعري العربي يسمح ب"تكوين علاقة نقدية مع الشعر لا تؤسطره ولا تسخر من قدراته الخارقة"، مشددا على أنه "رغم الشكوك التي يمكن أن تراودنا، ورغم الشعور المتزايد بانفصام عرى التلقي بين الشعر وقراءه، ورغم أننا نكتب الشعر في مجتمعات ينسحق فيها الفرد وتصادر فيها الحريات الشخصية والجماعية وتزحف فيها الأصولية بكل أشكالها المضادة للعقل والفكر، فإننا لا نتصور لأنفسنا شكلا آخر في سبيل المقاومة سوى الاستمرار في الإخلاص للشعر جنسا أدبيا وأسلوب حياة".&

وزاد مبينا "لا أحد فينا يتضايق من إنتاج أشكال شعرية جديدة، وما يثير الرهبة فينا هو انحسار هذا الإنتاج في المجتمع ولا نطالب للشعر سوى بالهامش الذي يسمح لنا أن نكون عنصر تشويش دائم على اليقينيات وعلى السهولة وعلى اجترار المكرور".

وأضاف الاشعري مطالبا بجعل الشعر العربي بتعدد أصواته واختلافها "مختبرا دائما لإنتاج جمال منفلت لا يؤمن بالقواعد والمواصفات، بل يؤمن بالمستحيل قبل الممكن ويؤمن بالقيم الإنسانية التي كان الشعر ولا يزال أحد تجلياتها الكونية، وإذا كان الشعر ذاكرة اللغة وخيالها فإنه بذلك يشكل إحدى وسائل ابتكار المستقبل الذي نذهب إليه بلذة المخاطرة".

الشعر لم ينحسر&

من جهته، اعتبر الناقد المصري صلاح فضل أن الشعر "لم ينحسر عن حياتنا ، وأزعم أنه انبثق في مواطن وأقطار عربية كان قد أوشك أن يندثر فيها"، مبرزا أن منطقة المغرب العربي التي عانت من الاستعمار وسطوة الفرنكوفونية كان "قد خفت فيها إلى حد كبير صوت الشعر في العصر الذهبي الثاني للشعر في القرن العشرين".

وأشار فضل إلى أن المنطقة المغاربية "تلد الآن مجموعة من الشباب والشابات تتوهج في أعماقهم نيران الشعر ، وتنطق ألسنتهم بقصائد لم يسبق أن كتبها أسلافهم من شعراء هذه المنطقة".

وزاد مؤكدا أنه على عكس ما نتصور من أن الشعر غائب عن هذه المنطقة "الشعر يتدفق لدى الشباب، ونحن نشهد كل موسم عشرات الشباب والشابات يفاجئوننا بقصائد بالغة وكأنهم فكت لديهم عقدة اللسان وعقدة الفرنكوفونية وارتبط وجدانهم بالينابيع العذبة من تراثنا الشعري العظيم".

&

وعارض الناقد المصري بشدة ما يروج من مقولات "بأننا أصبحنا في عصر الرواية وأن الشعر تراجع"، حيث قال: "أنا أحسب أن هناك واحات محجوزة للشعر ظليلة وقوية، وليس في هذه الأمة من لم يطعم الشعر كل يوم عن طريق الأغنية. فمحمود درويش ونزار قباني جعلا الشعر الدرامي والسياسي والإنساني غذاء لكل يوم ولكل الأجيال".

ومضى فضل مدافعا عن الشعر وحضوره "الشعر وهو خمر اللغة وجنونها، وهو بئر الخيال وآفاقه وهو الوجود الإنساني وروحه، ولا يمكن أن يغيب عن حياتنا أبدا، وإن خيل لنا أن دمه قد انتثر بين قبائل الفن المختلفة".

وشبه فضل مدينة أصيلة بقصيدة شعرية، حين قال: "تبدو لي أصيلة قصيدة شعرية أو بالأحرى موشحة أندلسية، تصل هذا العام إلى بيتها ال41 وكأن كل عام من عمرها يشكل سطرا في بنيتها الفنية الباهرة"، منوها بالقائمين على الموسم الذين استطاعوا أن يحولوا المدينة إلى "أيقونة للجمال عندما تتآزر فيه الفنون"، حسب تعبيره.

رفع الستار عن رؤى جديدة

بدوره، قال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة ووزير الخارجية والتعاون المغربي الاسبق، إن المنتدى سعى من خلال هذه الندوة التي تتناول الشعر إلى "رفع الستار عن رؤى جديدة، وكيف يمكننا أن نعيد لأطفالنا وشبابنا الاهتمام بهذا البعد الإبداعي الجميل، وكيف يمكننا أن نربطه مع الإبداعات الأخرى".

وأضاف بن عيسى "نحن مقبلون على جيل جديد يتعامل مع المعرفة بآليات تختلف عما تعودناه نحن في شبابنا وبرؤى وتجارب مغايرة، وهذا الجيل ربما لا يعرف الحدود الجغرافيا ويتواصل مع الآخر، وهو ما حذا بنا إلى أن نفكر في أن نتحدث مع بعضنا قليلا عن الشعر ومصير الشعر العربي".

وأشار بن عيسى إلى أن الرواية والقصة في العقدين الأخيرين هيمنتا على الشعر في المنطق العربية، حيث قال: "طغى اللفظ على الشعر. صحيح أن هناك كتابات روائية شاعرية جميلة، لكن الشعر الذي نعرفه غاب قليلا في مختلف المحافل باستثناء الخليج. وهناك الإبداع الكلامي بقي حيا وتطور وأقيمت له الجوائز، لكن في منطقتنا المغاربية نجد أن حركية الشعر قلت بشكل كبير".

الشعر ضمير الامة

بدوره ، قال صلاح جرار، الناقد ووزير الثقافة الأردني الاسبق ، إن الشعر يتوفر على قدرة خارقة على التأثير، سواء كان "تحريكا أم تحريضا، تنبيها أم توجيها، أم دعوة إلى وحدة الأمة وتجاوز خلافاتها ورص صفوفها"، مؤكدا أن أسئلة الشعر "تزداد بمرور الزمن وتتشعب وتتعقد ولا تجد إجابات قطعية.

وأضاف جرار أن الشعر لا يعبر عن ضمير الشاعر وحده فقط، بل عن ضمير الأمة التي ينتمي إليها، مبينا أن الشعر "الجيد متى استوطن ذاكرة الإنسان فإن تأثيره يدوم في الوعي والوجدان، بل يزداد هذا التأثير كلما طال مكوثه في الذاكرة".

وزاد موضحا أن الشعر المقيم في الذاكرة يتفاعل مع كل ما يطرأ من أحداث ويجد من أزمات، معتبرا أن العديد من الشعر والشعراء "يعيش خارج الزمان والمكان اللذين ينتمي إليهما وينأى بنفسه عن ملامسة أية قضية من قضايا الوطن والزمن، وتراه يهيم في أودية غير ذات زرع. وربما كان الإحباط من حال الأمة واليأس من صلاحها قد دفعه إلى مثل ذلك الموقف الحيادي، أو السلبي".

وشدد جرار على أن أوْلى الناس بالإنخراط في تناول قضايا عصره وأمته هو الشاعر، وذلك لما يمتلكه من "حس مرهف ورؤية صادقة وحدس كاشف وقدرة على استشراف المستقبل. وبما يمتلكه أيضا من قدرة على التأثير في جمهور قرائه ومستمعيه"، مبرزا أن الوطن العربي يعاني من صور شتى من الاستعمار والاستبداد والتمزق، التي "حرمت الإنسان العربي شعوره بالأمن والاستقرار والحرية والاستمتاع بالحياة مما دفع بالكثير من الناس أن يفكروا بالهجرة خارج أوطانهم".

المنفى نظير الشعر&

من جهته، قال الشاعر اللبناني شوقي بزيع، ان الشعر يعبر عن حال المقيمين داخل وطن ما، ولسان حال المنفى حتى داخل الأوطان، باعتبار أن الشاعر لا يتصالح مع نفسه، وفي حال انفصاله ينقسم على ذاته باستمرار ويقع في حالة انشطار، ولذلك "المنفى يحضر دائما نظيرا للشعر وضدا له وتوأما له في الوقت ذاته".&

واشار بزيع الى ان الشعر أيضا هو "لغة الهجرة لأن الكلمات إن لم تهاجر وتغادر معناها الأصلي ستظل حبيسة النثر الرديء"، مسجلا بأن الشعر "حال من أحوال النبوة، باعتبار أن الهجرة كانت شرطا أساسيا لكي تستقيم النبوة".

وذهب بزيع إلى أن الشاعر لا ينبغي أن يعطى أوامر من "خارج نفسه لأنه لا يكتب مستحضرا وعيه الشخصي، فكيف بالوعي الأيديولوجي للقوميات وللوظائف السياسية ولأيديولوجيات الأخرى".&

وأضاف ان الشاعر حين يكتب "يجب أن يصغي إلى أعماقه فقط، أن يكتب في العتمة الكاملة، حيث تطفأ جميع الأنوار ولا يضاء إلا ذلك العالم الموصل بينه وبين اللغة، وبين حرائقه الداخلية، ... لكنه تلقائيا ودون وعي يستحضر فيما يكتب كل تلك النيران القادمة من الأسلاف".

واستدرك بزيع قائلا: "يبدو الشاعر كمن يلقي حصاة في الماء تحدث دوائر قد تتصل بالجماعة بالقومية أو بالعالم مجتمعا، ولكنها لا يجب أن تحضر على اشكال أوامر يعطيها الوعي للكتابة"، معتبرا أن الوعي "يفسد الكتابة تماما كما يفسد الضوء الحب"، مشددا على أن كل الايديولوجيات التي تعاقبت "حاولت أن تخضع الشعر لسلطانها، لكنه أفلت منها جميعا".

الانفتاح على الآخر&

أما الشاعر العراقي حميد سعيد، فيرى أن الانفتاح على الآخر من أهم مصادر حيوية عالم القصيدة، مؤكدا أن جميع الثقافات الحيوية الفاعلة والنشيطة هي التي يكون انفتاحها على الآخر "مصدرا للإضافة والتجديد. أما الثقافات الضعيفة الخائفة فهي التي تخضع لمصادر التلقي".

وأفاد سعيد بأن الفرق كبير بين انفتاح وخضوع الثقافة على غيرها أو أنها تختار العزلة والجمود"، معتبرا أن أخطر حالات الجمود الثقافي هي التي تحتمي فيها ثقافة ما ب"أصوليتها، سواء كانت هذه الأصولية ماضوية أم كانت نتيجة انبهار بالآخر، والخوف من الحوار معه والذهاب إلى تقليده والنقل عنه".

وزاد مبينا أنه في كلتي الحالتين يتوقف الزمن عند "هؤلاء وأولئك ، ومع توقف الزمن يضمر الوعي ويفقد حيويته وقدرته على الاكتشاف والإضاءة. وفي القصيدة كما في سواها من حالات الإبداع يكون الانفتاح على الآخر من خلال الحوار وهو السبيل إلى حيوية الحضور والتأثير وإلا انتهت إلى العزلة والضمور والتهميش".

وسجل سعيد بأن التاريخ الإنساني "لم يعرف ثقافة فاعلة إلا وكانت منفتحة على الثقافات الأخرى مستفيدة منها فتغتني وتتحرر من الجمود والأحادية"، موضحا أن القصيدة ليست مجرد نص بخصائص محددة، بل هي فعل ثقافي حيوي.

صعوبة تحول ثقافي جوهري&

في السياق ذاته، أكد الشاعر البحريني، قاسم حداد، أن كل ما يحيط بالواقع العربي "لا يسمح بالتحول الإيجابي في المشهد الثقافي موضوعيا"، معتبرا أن الفعل الجوهري للتحول بحاجة إلى حرية وديمقراطية تتيح للثقافة أن تحقق نفسها في الواقع.

وقال حداد: "لست ممن يقولون بتوفر إرادة ديمقراطية حقيقية وجادة في هذا الواقع، ولا حتى هامش ديمقراطي في البلاد العربية قاطبة، وهي محاصرة بأكثر أنواع القمع والمصادرة سوءا، وأخص بالذكر تلك المناطق التي تلهج معارضتها وسلطتها بالديمقراطية".&
وزاد منتقدا الوضع العربي "أنا لا أصدق مساعي الديمقراطية التي تروج لها"، وأضاف "موقف المعارضات العربية من الثقافة والديمقراطية يضاهي سلبية موقف السلطات الحاكمة في البلدان العربية الحاكمة".

وشدد حداد على أنه في مجتمع سياسي مثل الموجود في المنطقة العربية "من الصعب والمستحيل الكلام عن إمكانيات تحول ثقافي جوهري، وفعل التحول المستحيل هذا من شأنه أن يضاعف الصعوبات التي يواجهها الشعر العربي"، معتبرا أن الشعر من بين أكثر فنون التعبير نزوعا للنقد والمجابهات مع الواقع بشتى تجلياته.

غياب الإيقاع&

من جانبه، ذهب الشاعر المغربي المهدي أخريف إلى أن مشكلة التجارب الشعرية في العالم العربي تكمن في غياب الإيقاع في معظم ما يكتب من قصائد النثر، موضحا أنه لا يتحدث عن الإيقاع بمعنى الوزن، بل الإيقاع الذي يشمل بصمة الشاعر الأساسية.

ودعا أخريف إلى التركيز على هذه المسألة والعناية بها، مبرزا أن "لا قيمة لكل ما يكتب سواء كان موزونا أو غير موزون في غياب الإيقاع"، وأضاف "نقرأ الكثير من الشعر اليوم ونجد القوة في التجربة أحيانا ولا نجد الإيقاع".

وشدد أخريف على أن شعراء قصيدة النثر "ما كانوا شعراء إلا بقدرتهم على خلق الإيقاع الخاص بهم"، لافتا إلى أن الإيقاع يمكن اكتسابه من خلال الاشتغال عليه.

الاختلاف أمر حيوي&

أما الناقد والأكاديمي المغربي، خالد بلقاسم ، فسجل بأن الاختلاف في الشعر أمر حيوي لكنه لا يمكن أن يكون حدسيا ولا بد أن يعتمد على معرفة بالشعر، والمعرفة الشعرية ، وتكون مطالبة بإنتاج معرفة شعرية.&

وأضاف بلقاسم أن الشعر بوصفه منطقة فكرية تنهض للتصدي والتفكير في اللغة وباللغة انطلاقا من الوعي بخطورة اللغة الشعرية التي هي المحدد لندرة الشعر، معتبرا أن الشعراء "كانوا دوما نادرين كما أن الشعر منذ ميلاده كان منذورا للندرة".

وزاد موضحا أنه استنادا على التحولات التي يشهدها المشهد الثقافي عموما و"بعيدا عن أي نزوع تشاؤمي يمكن القول إن الشعر يقل أكثر فأكثر"، وأضاف أن وهم كثرته أو الإيهام بها ليس سوى "ملمح من ملامح زيف يخترق الحياة الحديثة ويستجيب لآليات الاستهلاك التي تخضع لها هذه الحياة والشعر مهدد بالزوال مع هذا الإيهام".

أهمية الحرية والتحرر

من جانبها، قالت الشاعرة الجزائرية ربيعة الجلطي، إن صناعة الأفكار هي الاصطدام بالأسئلة الجديدة، وشددت على أهمية الحرية والتحرر من أجل صناعة الأفكار، "ينبغي أن نكون متحررين لكي نصنع الأفكار".

وأضافت الجلطي أن الشاعر في الزمن الراهن "أخذت منه كل وظائفه التي كان يقوم بها في السابق، وهناك فقط شيء واحد بقي هو "المدافع عن الحرية والمؤشر الأساسي للحلم"، مؤكدة أن اللغة العربية تعاني "حرجا كبيرا وأصبحت تضيق وليست اللغة الشعبية".

وأكدت الجلطي أن المشكلة التي تواجه الشعر العربي وعلاقته بالحداثة، هو "التقاطع بين الأبدي والعابر كما عرفها الشاعر الفرنسي شارل بودلير ، وهذا الذي لا نراه عندنا للأسف"، وأفادت بأن الشعر الجميل والعميق يجلب السعادة، والشعر الجميل فقط يجلب المتعة، والمتعة عدوة للسعادة لأنها تمر بسرعة".

الشاعر في مواجهة دائمة مع قوى ظالمة شريرة&

من جهته، قال الكاتب التونسي حسونة المصباحي، ان من وظائف الشاعر القدرة على ابتكار "ما يمكن أن يساعد الناس على فهم وجودهم على وجه الأرض، وأن يكشف لهم خبايا المستقبل القريب أو البعيد وأن يحذرهم من خطر داهم".
وأضاف المصباحي أن التاريخ يبرز أن الشاعر مهما علت مكانته يجد نفسه غالبا في مواجهة قوى ظالمة شريرة سياسية ودينية تحديدا، مؤكدا أن هذه القوى تبذل كل ما في وسعها ل"إخماد صوته وتجريده من كل قدراته المعنوية، لذلك قتل العديد من كبار الشعراء وعذبوا وحرموا من أبسط حقوقهم".

وزاد مبينا أنه برغم الحرية التي ينعم بها الشاعر في الدول الديمقراطية إلا أنه يجد نفسه في "مواجهة عالم يضاعف كل يوم من قدراته في تحطيم نفسه بنفسه، كما يسعى من خلال وسائل التواصل والتكنولوجيا الحديثة إلى خنق وتقويض قدرات الإنسان، وجعله راضخا رضوخا يكاد يكون مطلقا".