تستمر القيادتان الإماراتية والكويتية السير في خطى أسلافهما الذين بنوا العلاقات المهمة بين البلدين والشعبين، حتى تسعى كل منهما إلى بلوغ هذه العلاقات المصافي الاستراتيجية.

إيلاف من دبي: "قبل خمسين عامًا في مثل هذا اليوم، وقف معنا رجل وقفة تاريخية لإطلاق أول قناة تلفزيونية من دبي... رجل نحبه ويحبنا.. أمير الانسانية.. الشيخ صباح الأحمد.. آثار إنجازاته وإنسانيته وحكمته ستبقى طويلًا طويلًا.. تعبك يتعبنا يا أبا ناصر... حفظك الله ورعاك وشفاك.. وأدام عزك ورفع قدرك..".

إنها تغريدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على حسابه في موقع تويتر، ناشرًا معها مقطع فيديو لأمير الكويت في حفل إطلاق أول قناة تلفزيونية من دبي، ومتمنيًا له الشفاء العاجل من الوعكة الصحية التي ألمّت به الأحد.

علاقات وطيدة

إن دلّت هذه التغريدة على أمر فإنها تدل على ما تشهده العلاقات الإماراتية - الكويتية من التميز، وهي العلاقات التي امتدت بين البلدين عقودًا ستة ونيّف، والتي تؤكد قيادتا دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت على ترسيخ ما أسس له الراحلان&الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ جابر الأحمد الصباح، منذ لقائهما في عام 1973.

مرت العلاقات الثنائية الإماراتية - الكويتية بمحطات بارزة، ساهمت مباشرة في المضي بها إلى الأمام دومًا، إن على المستوى الثنائي أو في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ما ينعكس إيجابًا على مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.

توطدت العلاقات الثنائية بين البلدين في ظل قيادة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، بفضل الزيارات المتبادلة بين القيادتين، ومنها الزيارة الأولى للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان إلى دولة الكويت في 28 مارس ‏‏2005 بعد توليه زمام الحكم. منحت هذه الزيارة العلاقات الثنائية بين البلدين قوة وزخمًا كبيرين.

تؤكد القيادة الإماراتية أن دولة الكويت تحتل موقعًا مميزًا في وجدان الإماراتيين، والعلاقات السياسية معها تشهد تطورًا ملحوظًا، يعكسه التنسيق المتبادل بينهما في المحافل الإقليمية والدولية بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم مصلحة الجانبين خصوصًا، والعرب والمسلمين عمومًا.

انطلاقًا من وفاء دولة الإمارات العربية المتحدة بعهودها والتزاماتها المؤيدة لقضايا الحق والعدالة، شاركت الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة لتحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي ضمن التحالف الدولي، بعد المحاولات السلمية التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع زعماء دول الخليج العربي والدول العربية.

موقع مميز

تتويجًا للعروة الوثقى بين البلدين، وقعت قيادتاه اتفاقية إنشاء "اللجنة المشتركة" للتعاون الثنائي في عام 2006 في الكويت العاصمة. وعقد أول اجتماع للجنة في العاصمة الإماراتية أبوظبي في الأول من مارس 2008، وترأسه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، ومن الجانب الكويتي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية آنذاك الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح.

في يونيو 2013، عقدت اللجنة العليا المشتركة دورتها الثانية، وتم خلالها التوقيع على برامج واتفاقيات عدة، منها: البرنامج التفعيلي في مجال البيئة لعام 2014-2015؛ البرنامج التنفيذي للاتفاق الثقافي والفني بين البلدين للأعوام 2013 و2014 و2015؛ برنامج تعاون بين وزارتي خارجية البلدين في مجال التدريب الدبلوماسي والبحوث؛ توقيع بروتوكول تعاون مشترك بين غرفة تجارة وصناعة الكويت، واتحاد غرف التجارة والصناعة في الإمارات.

عقدت الدورة الثالثة للجنة العليا المشتركة في 14 و15 ديسمبر 2014، وذلك في مقر وزارة الخارجية في دولة الإمارات، وتم في خلالها التوقيع على مذكرة تعاون بين هيئة الأوراق المالية والسلع في البلدين؛ ومذكرة تفاهم للتعاون الصناعي؛ ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط والغاز والبتروكيماويات ومصادر الطاقات الجديدة والمتجددة؛ وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال المكتبات والثقافة والفنون بين هيئة أبوظبي للثقافة والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت خلال الأعوام 2014 - 2017.

علاقات ثقافية متبادلة

العلاقات التاريخية الثقافية بين الإمارات والكويت عميقة في التاريخ، تأسست على أساس صلب، هو العلاقات الاجتماعية الوثيقة بين شعبي البلدين، من خلال البحث عن مصادر الرزق وتبادل الخيرات التي أوجدت لأبناء الشعبين أدوات التواصل لتبادل الثقافات والخبرات.

ازدادت هذه العلاقة مع تطور الثقافات والعلوم، فكانت الكويت سباقة في حركات التعليم والفكر بين دول الخليج، فنشرت العلوم والثقافة في المنطقة. واستمرت العلاقات الثقافية بين البلدين في ازدهار حتى بعد قيام الاتحاد، إذ تم التوقيع على اتفاقيات ثقافية وتربوية عدة معززة بتبادل الزيارات في مختلف المجالات الثقافية والتربوية بغرض الاستفادة من الخبرات، وتطوير مجالات التعاون.

شهد قطاع التعليم في الإمارات والكويت تطورًا مشهودًا في جميع مراحله. استقطبت الجامعات الخاصة في الإمارات الطلبة الكويتيين الذين وجدوا فيها بديلًا ملائمًا أكثر من الجهات الدراسية في أوروبا وأميركا. وتشهد أعدادهم في الجامعات الخاصة في الإمارات تزايدًا مستمرًا، إضافة إلى ما تعج به المعاهد والكليات والجامعات الكويتية من طلبة إماراتيين.

سجل حافل

العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والكويت متينة جدًا، لأنها قائمة على الروابط الأخوية العميقة التي تجمع البلدين والشعبين، والتي تمتد جذورها إلى ما قبل ظهور النفط والتي تطورت بعد اكتشافه، وتستمر في التطور والازدهار بفض الفرص المتاحة دائمًا لتوطيد هذه العلاقات والارتقاء بها إلى مستوى طموحات قيادتي البلدين، بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين، ورفع نسبة التبادل التجاري والاستفادة من جميع الفرص الاستثمارية المتاحة من خلال إقامة مشروعات تجارية واستثمارية مشتركة.

يؤكد سجل التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، لا سيما خلال الأعوام القليلة الماضية، متانة العلاقات وتكامل اقتصادياتهما. فالإمارات والكويت تؤمنان بأهمية التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما، وتفعيل ذلك من خلال زيادة التبادل التجاري وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية والتجارية والاستثمارية على الصعيدين الخاص والعام، ما ينبئ بمستقبل زاهر ينتظر هذا التعاون الذي يخدم البلدين والشعبين، وبتصاعد العلاقات من وثيقة إلى استراتيجية، على الصعد كلها.