باريس: وصل نعش الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الإثنين إلى كنيسة سان سولبيس في باريس، حيث بدأت مراسم الجنازة الرسمية بحضور ثلاثين من قادة العالم، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وغصت ثاني أكبر كنيسة في العاصمة الفرنسية بألفي مدعو، بينهم ثمانون شخصية أجنبية، من رؤساء دول وحكومات وقادة سابقين وأفراد عائلات مالكة.

أُعلن الإثنين يوم حداد وطنيًا في فرنسا، وسيتم لزوم دقيقة صمت في الإدارات والمدارس، فيما يحضر الرئيس إيمانويل ماكرون مراسم تكريم عسكرية وجنازة رسمية تقام في كنيسة سان سولبيس في باريس.

إلى بوتين ونظيريه الإيطالي سيرجيو ماتاريلا والكونغولي دينيس ساسو نغيسو، يشارك في المراسم رئيسا الوزراء اللبناني سعد الحريري والمجري فيكتور أوربان، بحسب ما أوضح قصر الإليزيه.

وأعلن الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال منذ الجمعة مشاركتهم.

في المقابل، أعلن الديوان الملكي المغربي أنّ الملك محمّد السّادس لن يتمكّن من الحضور بسبب المرض، وسيمثله ولي العهد الأمير الجليل مولاي الحسن.

من الشخصيات الأجنبية التي يتوقع حضورها سياسيون كانوا في الحكم في عهد شيراك، مثل المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء السابق الإسباني خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو والرئيس السنغالي السابق عبدو ضيوف. بعد ذلك يستقبل ماكرون بعض هؤلاء الزوار حول مائدة غداء.

وفور الإعلان الخميس عن وفاة شيراك عن عمر 86 بعدما كان يعاني من المرض منذ سنوات، سارع العديد من الشخصيات عبر العالم إلى تقديم التعازي والتكريم، وبينهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون وزوجته وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

حيّا بوتين الخميس زعيمًا "حكيمًا ورؤيويًا"، بعدما كان أبدى في مقابلة أجرتها معه صحيفة فاينانشل تايمز في يونيو إعجابه بشيراك، مؤكدًا أنه أكثر زعيم طبعه في مساره السياسي.

جاء رد فعل الولايات المتحدة على وفاة شيراك متأخرًا بعض الشيء. وأعلن وزير الخارجية مايك بومبيو في بيان الأحد أنه "بعد تكريسه حياته للخدمة العامّة، عمل الرئيس السابق شيراك بلا كلل للحفاظ على القيم والمثل العليا التي نتشاركها مع فرنسا".

تكريم شعبي أخير
سيكون بإمكان الفرنسيين تأدية تكريم أخير لجاك شيراك على طريق الموكب الجنائزي حتى كنيسة سان سولبيس. وبعد مراسم عائلية في الساعة 9:30 (7:30 ت غ)، يليها تكريم عسكري في الساعة 10:45 بحضور إيمانويل ماكرون في باحة مبنى "ليزانفاليد"، يُنقل نعش الرئيس السابق في الساعة 11:00 (9:00 ت غ) يرافقه موكب كبير.

تقاطر الفرنسيون منذ الأحد بالآلاف إلى مبنى "ليزانفاليد"، الذي يأوي أضرحة بعض من كبار رجال فرنسا، مثل نابوليون، لإلقاء التحية أمام نعش شيراك، الذي كان من أبرز وجوه الحياة السياسية الفرنسية، وتنسب إليه ولا سيما بعد انسحابه من الحياة السياسية مزايا إنسانية وشخصية، ويجمع الكلّ على أنه "فرنسي بالعمق" بما له وما عليه.

وانتظر المواطنون وسط مشاعر التأثر تحت المطر أحيانًا في باحة المبنى، واقفين في صف طويل امتد حتى الشارع، ليكرموا الرجل الذي قاد فرنسا على مدى 12 عامًا بين 1995 و2007، بعدما كان رئيس بلدية باريس بين 1977 و1995.

ستجري الجنازة في كنيسة سان سولبيس بحضور الرؤساء الفرنسيين السابقين فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي وفاليري جيسكار ديستان. ومن المتوقع أن تحضر الطبقة السياسية الفرنسية بشكل طاغٍ.

لكن زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن، التي اعتبر والدها جاك شيراك "عدوًا"، عدلت عن الحضور، بعدما أبدت عائلة شيراك تحفظات.

وإن كان شيراك بدّل بعض مواقفه، وسلك منعطفات متعرجة أحيانًا خلال حياته السياسية، إلا أن من ثوابت خطه التي لم يتزحزح عنها كان رفضه التام لليمين المتطرف.

عملًا بطلب زوجته برناديت، سيوارى شيراك الثرى في مقبرة مونبرناس في باريس، في المدفن حيث ترقد ابنتهما البكر لورانس التي توفيت عام 2016.