قال نصف المشاركين في استفتاء "إيلاف" إن الحرب الشاملة هي الاستراتيجية المثلى لردع إيران بتفاهم دولي، فهل تقع الحرب؟
&
بيروت: التوتر في الخليج على أشده، بعد استهداف إيران منشآت أرامكو في بقيق وخرص السعوديتين. أغلبية دول العالم تتنادى للبحث في سياسة تردع إيران وتردّها عن غيّها في استهداف دول الجوار، وتعكير التدفق النفطي العالمي، بالتهديد بإقفال مضيق هرمز حينًا، وبقصف مصاف نفطية حيوية حينًا آخر.

في إطار استفتائها الأسبوعي، سألت "إيلاف" القارئ العربي: "كيف ترى استراتيجية ردع إيران بتفاهم دولي؟".

شارك في هذا الاستفتاء 696 قارئًا، اختار منهم 360 قارئًا خيار "الحرب الشاملة"، بنسبة 52 في المئة، واختار 220 منهم&خيار "تشديد العقوبات أكثر"، بنسبة 31 في المئة، فيما رأى 116 منهم أن ذلك يتم بـ "الحوار السلمي"، بنسبة 17 في المئة.

الحرب الشاملة

إنه خيار نصف المشاركين في استفتاء "إيلاف" تقريبًا. يرد المراقبون ذلك إلى أن صبر الناس قد نفد، وما عادوا قادرين على تحمّل الأخطار التي تضع إيران فيها العالم بأسره، من خلال الاستمرار في إذكاء التوترات الجيو - سياسية والجيو - عسكرية في الشرق الأوسط والخليح العربي، ويودون أن يروا حلفًا دوليًا يغير الخريطة السياسية في المنطقة، من خلال حرب شاملة، تنتج تغييرًا جذريًا في النظام السياسي في إيران، ويؤدي بالتالي – وفق التأثير التسلسلي – إلى انهيار في البنية "التخريبية" التي بنتها طهران في العواصم العربية الأربع&التي تدّعي أنها تدور في فلك محور "المقاومة والممانعة"، أي دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء.

سيناريو "الحرب الشاملة" ليس واردًا، كما يقول أكثر المراقبين تشاؤمًا، وربما تريد إيران جر العالم أجمع إلى هذا السيناريو، خصوصًا بأعمال القرصنة التي نفذتها أخيرًا في المتوسط والخليج العربي وهرمز.

يذكر أحد المراقبين بأن منطق "الحرب الشاملة" لم يُذكر إلا على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في 19 سبتمبر الماضي، إذ قال: "أي ضربة عسكرية أميركية أو سعودية ضد إيران ستفضي إلى حرب شاملة"... وعلى لسان أمين عام حزب الله&في لبنان حسن نصر الله في اليوم التالي، حين توجه في إحدى خطبه "الشاشية" إلى السعودية والإمارات مهددًا: "الحرب على إيران ستدمركم"، واضعًا كل إمكانياته في عهدة علي خامنئي.

تشديد العقوبات أكثر

ثمة فريق آخر يرى أن تشديد العقوبات أكثر فأكثر على نظام طهران سيقود ملاليه إلى الإذعان، والكف عن العمليات التخريبية والاستفزازية، وعن تهديد الاستقرار الإقليمي. في 6 سبتمبر الماضي، أعرب وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر عن اعتقاده أن تشديد العقوبات على إيران هو الحل لإجبارها على التفاوض.

وفي الثامن عشر من الشهر نفسه، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن تشديد "كبير" للعقوبات المفروضة على إيران، في أعقاب الهجمات على منشآت أرامكو النفطية التي ألقت واشنطن باللوم فيها على طهران.

وأعلن ترمب في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أنّ العقوبات "لن ترفع طالما أنّ إيران تحافظ على سلوكها التهديدي، بل سوف يتم تشديدها، ومن واجب كل الدول التحرك، ولا يمكن أي حكومة مسؤولة دعم تعطش ايران إلى الدماء".

وذكر ترمب أنّه في موقف قوي للغاية حيال إيران التي عبّر عن اعتقاده أنّها تريد أن تفعل شيئًا لنزع فتيل التوتر مع الولايات المتحدة.

وفي الثاني من أكتوبر الجاري، أعرب وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عن تفاؤله حيال إظهار العقوبات على إيران تأثيرها. وفي أعقاب لقاء مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، قال بومبيو في روما: "نظريتنا تعمل، وموارد إيران تتناقص مقارنة بذي قبل".

كما أعرب بومبيو أيضًا عن تفاؤله حيال الدخول في محادثات مع الإيرانيين والتوصل إلى تهدئة، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية، أي هذا تفاؤل بأن تؤدي العقوبات دورها في ردع إيران، أي في تحجيم قدرات إيران العسكرية وصولًا إلى خنق النظام بالكامل.

حوار سلمي؟

من منظور آخر، ثمة بوادر حوار سلمي، ربما لم تنضج مكوناته بعد. يقول الخبراء إن التوتر وصل إلى مستوى غير مسبوق مع ضربة أرامكو، لكن الحرب لم تندلع، بالتالي كان واضحًا بالنسبة إلى كل الأطراف الإقليمية المعنية بالصراع أنها مرحلة استنزاف لا مرحلة حرب.

فالولايات المتحدة تستنزف إيران بالعقوبات، وإيران تستنزف الجميع بأدرعها العسكرية المنتشرة في المنطقة، وتحديدًا في اليمن. ولفت مراقبون إلى أن بيان محادثات رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون وترمب ركّز على "ردّ دبلوماسي موحد على هجوم أرامكو"، مع التشديد على تعبير "دبلوماسي"، وفي ذلك رسم لخط "ضبط النفس" الذي لن تتجاوزه السعودية أو الدول الغربية الكبرى.

وهكذا، ما كان ردع إيران بفعل حربي مطروحًا. فبكل بساطة، الحرب هذه ليست محسوبة – ولا محسومة - النتائج، خصوصًا أن أطرافًا أخرى تتحرق شوقًا لدخول هذه الحرب، متى اندلعت، وفي مقدمهم حزب الله، أي حزب إيران في لبنان وسوريا، ويمكنها أن تلحق كبير الضرر بالمصالح الأميركية والغربية في المنطقة، ناهبك بقدرتها على تهديد الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

في الجانب الإيراني، أدرك ملالي طهران أنهم فقدوا هامش المناورة السياسية والعسكرية بعد ضربة أرامكو، فكان أن حثوا الحوثي على الإعلان عن مبادرة من جانب واحد لوقف استهداف السعودية بالمسيرات والصواريخ، الأمر الذي تجاهلته السعودية تمامًا.

في هذه الأثناء في نيويورك، كان حسن روحاني يلقي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قائلًا: "أمن السعودية يتحقق من خلال إنهاء الحرب في اليمن، وليس الاستعانة بالأجانب".

ردّ ولي العهد السعودي على روحاني قائلًا لقناة سي بي أس الأميركية إن الهجوم على أرامكو عمل حربي، وإنه يفضل الحل السياسي مع إيران.