تونس: من أستاذ في القانون الدستوري الى معلّق سياسي بعد تقاعده، كان الرئيس التونسي المنتخب قيس سعيّد شبه مجهول حتى وقت قصير مضى، وهو رجل الصرامة و"النظافة" في نظر فئة واسعة من التونسيين، يتبنى أفكارا محافظة، ولا يتخلّى عن الثورة.

أصبح سعيّد (61 عاما) رئيسا لجمهورية تونس بغالبية 72,71 في المئة من أصوات الناخبين الذين شاركوا في انتخابات الأحد.

ولد في 22 فبراير 1958 في عائلة من الطبقة الاجتماعية الوسطى من أب موظف وربة منزل، ودرس بالجامعة التونسية وتخرج منها ليدرّس فيها لاحقا القانون الدستوري قبل أن يتقاعد منذ سنة.

حصل على دبلوم في سن 28 عاما من الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري في تونس ثم باشر تدريس القانون في جامعة سوسة، وأشرف لفترة وجيزة على قسم القانون العام لينتقل منذ العام 1999 الى حدود 2018 الى جامعة العلوم القانونية والسياسية في تونس العاصمة.

يقول طلابه إنه كان يكرّس نفسه للتدريس ويصفونه بالإنسان المستقيم والصارم الذي نادرا ما يبتسم.

أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عليه اسم "روبوكوب" لأنه دائما غالبا ما يعتمد في كلامه اللغة العربية الفصحى التي يتكلمها بطلاقة وبدون توقف.&

ويروي أحد طلابه في تغريدة على "تويتر"، أنه "كان يمكن أن يمضي ساعات خارج حصص الدرس مع الطلبة لتوضيح بعض النقاط بخصوص امتحان".

لكن الصحافي نسيم بن غربية الذي كان من طلابه يصفه "بالأستاذ الجديّ والمسرحي أحيانا، لكن دائم الإصغاء لطلابه".

ويتذكر صحافي في وكالة فرانس برس أن سعيّد كان، حين يدخل صباحا الكلية، يبدأ بإلقاء التحية على كل من يصادفه من زملائه وعلى عمّال النظافة والموظفين بالإدارة والطلبة، ويسأل عن أحوالهم وأحوال عائلتهم فردا فردا.

ضمت شبكة أنصاره طلبة متطوعين، الى جانب شخصيات كان حضورها بارزا خلال احتجاجات "القصبة 1" عام 2011 التي شكلت منعطفا في مسار الانتقال الديموقراطي في البلاد الذي انطلق بعد سقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.

لقي استحسانا بين التونسيين خلال ظهوره المتعدد منذ 2011 في وسائل الإعلام التونسية، ليقدّم تفسيرات وتوضيحات ويبسّط المسائل الدستورية المعقدة في دستور البلاد الذي وضع في العام 2014.

أثار سعيّد الجدل منذ إعلان ترشحه للرئاسة لقلة المعلومات عنه ولقربه من شخصيات سياسية محافظة. واعتبره البعض يساريا، فيما صنفه آخرون بالإسلامي المحافظ.

النظيف

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي العديد من مقاطع الفيديو التي تظهر بعض توجهات الرجل المدافع بشدة على لامركزية القرار السياسي وضرورة توزيع السلطة على المناطق.

يدعو سعيّد لانتخاب مجالس جهوية تعين بدورها ممثلين لها "من أجل أن تصل إرادة الشعب للسلطة المركزية ومقاومة الفساد".

ومن الواضح أن التأييد الذي حصل عليه سببه النظرة اليه على أنه شخصية خارج نظام الحكم والسياسيين قريبة من التونسيين الذين ملّوا نظام الحكم وممثليه.

ينظر اليه "كرجل نظيف"، وهو يقطن منزلا في منطقة سكنية متوسطة، وكان مقر حملته الانتخابية مكتبا متواضعا وسط العاصمة.

انتُقد سعيّد لمواقفه المحافظة في بعض القضايا الاجتماعية، لكنه في خطاباته لا يستند الى مرجعيات دينية وعقائدية.

قال عنه خبير القانون الدستوري وأستاذه السابق عياض بن عاشور في تصريح لصحيفة "لاكروا" الفرنسية "هو بالفعل محافظ جدا وليس إسلاميا".

غير أن سعيّد أكد في مؤتمر صحافي إثر صدور نتائج الدورة الأولى أن "لا رجوع عن المكتسبات في ما يتعلق بالحريات وحقوق المرأة"، رافضا في الوقت ذاته اقتراح المساواة في الميراث.

سيتمثل التحدي الأول الذي سيواجهه في توسيع دائرة مساعديه المندفعين جدا، لكن من دون أن يملكوا أي خبرة في الحكم.

كان شقيقه نوفل أحد أركان حملته، لكن قيس سعيد أكد في المناظرة الجمعة مع منافسه الخاسر نبيل القروي، أنه لن يوظف "أبدا" فردا من عائلته في الدولة.

لسعيّد بنتان وولد وهو متزوج من القاضية إشراف شبيل.