تتفاقم الأزمات البيئية المتتالية والمتراكمة، والتي وحده الإنسان مسؤول عنها نتيجة الإهمال واللامبالاة وحب الذات، بغية الإستئثار بخيراتِ البيئة والتسلطِ على النظام الإيكولوجي. في ما يأتي أبرز 10 أزمات بيئية شهدها العالم في العام المنصرم.

مع شروق كل شمس تتفتح عيوننا على أزمة بيئية جديدة، تتفاقم يومًا بعد يوم في شتى أنحاء العالم، مُهدِّدة توازنه وتنوعه البيولوجي. مجمل هذه الأزمات غير ناتج عن عوامل طبيعية، إنما عن إفراط الإنسان في استغلال موارد الطبيعة وثرواتها.

في ما يأتي أكثر 10 أزمات بيئية حدةً واجهها العالم في عام 2019:

1- تلوث المياه: بقي تلوث المياه مصدر قلق بيئي في عام 2019. ومع وجود العديد من الملوثات التي تهدد مياه محيطنا، لا يؤثر تلوث المياه على الحياة البرية البحرية ومياه الشرب فحسب، بل يشكل أيضًا ضغوطًا مالية على الموارد. ولعل أبرز الأزمات البيئية التي استمرت في عام 2019 كان رمي المنتجات البلاستيكية في المحيطات، حيث يُقدر أن 8 ملايين طن من البلاستيك ينتهي بها المطاف في المحيط وفي النظام البيئي في كل عام.

2- التصحّر: تلعب النباتات دورًا مهمًا في حياتن. في الواقع، نحن بحاجة إلى النباتات من أجل البقاء؛ إذ لا توفر لنا الظل والمأوى فحسب، بل تزودنا أيضًا بالأوكسجين والغذاء والدواء والماء. يعتمد البشر والحيوانات على حد سواء على الأشجار والنباتات من أجل البقاء. بقيت مشكلة إزالة الغابات تتفاقم بسرعة في عام 2019، حيث مثل قطع الأشجار غير القانوني مصدر قلق بالغ لأنه يقلل من الغابات بمعدل ينذر بالخطر. وتشير الإحصاءات إلى أن إزالة الغابات تساهم في الانبعاثات الدفيئة بنسبة 15 في المئة.

3- تلوث الهواء: يقتل تلوث الهواء في كل عام نحو 7 ملايين شخص. استمر هذا التلوث في عام 2019 بإضعاف طبقة الأوزون وتهديد الحياة البرية والتسبب بالمشكلات الصحية. أما أولئك الذين يعيشون في المدن أو المناطق ذات المستويات العالية من تلوث الهواء، فقد بقَوا أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة.

4- ارتفاع منسوب المحيطات: بقي ارتفاع منسوب مياه المحيطات يشكل مصدر قلق في عام 2019. في تسعينيات القرن الماضي، ارتفع منسوب سطح البحر بنحو 1.1 ملليمتر سنويًا.&
حاليًا، يرتفع خذا المنسوب بنحو 3.1 ملليمتر في كل عام.

5- حرائق الأمازون: اجتذبت حرائق غابات الأمازون في البرازيل في عام 2019 الاهتمام الدولي لأهميتها في الحفاظ على التوازن البيئي في العالم، حيث توافق زعماء دول العالم الصناعية الكبرى في اجتماعهم الطارئ في باريس على خطورة استمرار الحرائق الناجمة في البرازيل، واعتبارها كارثة بيئية كبرى لها تداعيات جسيمة على العالم. توفر الغابات مدى واسعًا من الخدمات البيئية لحماية الكوكب واستدامة البيئة، حيث تلعب دورًا مهما في ثبات التربة وحماية الأراضي من التجريف بفعل الرياح والمياه، كما تعمل على الحفاظ على امتداد مستدام من المياه العذبة النظيفة، حيث تأتي ثلاثة أرباع كميات المياه العذبة المتوفرة في العالم من مستجمعات المياه في الغابات. وتُعد غابات الأمازون أكبر غابة مطيرة في العالم، إذ تزيد مساحتها على 800 مليون هكتار، وتمتد عبر تسعة بلدان، وتطلق وحدها نحو 8 تريليونات طن من بخار الماء في الجو كل عام. كما تلعب هذه الغابات دورًا دوليًا محوريًا في قضية التغيرات المناخية، وتؤثر بشدة على توازن المناخ العالمي، لأنها تنتج أكثر من 20 في المئة من أوكسجين الغلاف الجوي، وتمتص أكبر كمية من غازات الاحتباس الحراري.

6- جودة المياه: يعاني العديد من المناطق في العالم نقصًا في المياه الجيدة وإمداداتها. الانخفاض في نوعية مياه الشرب يؤدي إلى استهلاك المياه المعبأة. وفي المناطق التي تقل فيها الموارد، قد لا تتوافر المياه المعبأة في زجاجات، ما يمكن أن يسبب الجفاف والأمراض. بقيت جودة المياه في عام 2019 تؤثر في انخفاض إمدادات المياه وبالتالي في قطاع الزراعة. سلطت دراسة للبنك الدولي صدرت بعنوان "جودة غير معروفة: الأزمة غير المرئية في المياه" الضوء على الطرائق التي تتم بها هذه العملية، من خلال استخدام أكبر قاعدة بيانات عالمية حول جودة المياه، تم جمعها من محطات المراقبة وتكنولوجيا الاستشعار عن بعد وأدوات التعلم الآلي. قدرت الدراسة أن انخفاضًا بمقدار الثلث في الإمكانات الاقتصادية للمناطق المتأثرة بسبب انخفاض جودة المياه، ينجم عن طلب الأكسجين البيوكيميائي، وهو كمية الأكسجين الذائبة التي تحتاجها البكتيريا والكائنات البيولوجية الهوائية لإزالة وتحليل النفايات العضوية في جسم مائي ما.

7- إنتاج الغذاء: تؤثر الانبعاثات الدفيئة والتلوث في الهواء في طريقة نمو المحاصيل، وتؤدي التغيرات الشديدة في درجات الحرارة إلى التغير في التربة والهواء، ما يؤثر بدوره على المحاصيل. تسببت معضلة إنتاج الغذاء في عام 2019 بأثار سلبية على المناطق ذات الموارد المنخفضة، وزادت من تكلفة الغذاء في بعض مناطق المعمورة.

8- تغير المناخ: أشار تقرير الأمم المتحدة الأخير إلى أن من دون "تغييرات غير مسبوقة" في أنشطتنا وعاداتنا، فإن كوكبنا سيتأثر بشكل كبير بظاهرة الاحتباس الحراري في غضون 12 عامًا. واعتبر أن الغازات الدفيئة هي السبب الرئيسي لتغير المناخ. وتوقعت الهيئة الدولية للمناخ في عام 2019 أن ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بمقدار درجة مئوية وحتى 3 درجات مئوية فوق مستويات حرارة العام 1990 سينتج آثارًا مختلطة في نفعها وضررها، بحسب المنطقة، وبشكل مُجمل أشارت الأدلة المنشورة إلى ترجيح ارتفاع صافي تكاليف الأضرار الناجمة عن تغير المناخ، وإلى زيادتها بمرور الوقت.

9- التعديل الوراثي: صدرت تقارير عدة في عام 2019 تحذر من التعديل الوراثي باستخدام التكنولوجيا الحيوية للهندسة الوراثية. حيث تسبب الهندسة الوراثية للأغذية السموم والأمراض. ويجب القول أنه يمكن أن تشكل بعض هذه المحاصيل تهديدًا للعالم من حولنا، وخصوصًا حين تبدأ الحيوانات استهلاك المواد الكيميائية غير الطبيعية.

10- النفايات المشعة: النفايات المشعة مصطلح يطلق على كل مخلفات تحتوي على مواد إشعاعية، وغالبًا ما تنتج عن عمليات الانشطار النووي. لكن هناك الكثير من الصناعات التي تنتج مخلافات إشعاعية وليس فيها تفاعلات نووية؛ إذ إن أغلبية المخلفات النووية لا تحتوي على مركزات عالية من النظير المشع، لكنها تبقى مصدر خطر وتلوث إشعاعي على الجسم البشري. تعتبر النفايات المشعة مصدر قلق بيئي شديد السمية ويمكن أن يكون لها تأثير مدمر على حياة الأشخاص الذين يعيشون بالقرب منها، إن لم يتم التخلص منها بشكل صحيح. قدرة الإنسان على التحكّم والسيطرة على المخلفات والنفايات المشعة المتولدة عن استخدام المصادر المشعة لا تزال تثير الشكوك لدى الرأي العام في كثير من الدول حول جدوى استغلال الإنسان للطاقة النووية.