بيروت: حوّل القتال أجزاء واسعة من شمال غرب سوريا إلى مناطق غير صالحة للسكن من قبل المدنيين الذين تضيّق المعارك الخناق عليهم في ظل ظروف معيشية بائسة، وفق ما أفاد تقرير نشرته ثلاث جهات غير حكومية الأربعاء.

استند التقرير الصادر من منظمتي سيف ذي تشيلدرن (أنقذوا الأطفال) والرؤية العالمية وجامعة هارفرد إلى تحليل صور ملتقطة بالأقمار الاصطناعية لمدن ومخيمات في محافظة إدلب أجراه برنامج تابع لمبادرة هارفرد الإنسانية.

وتشنّ قوات النظام بدعم روسي منذ ديسمبر هجومًا واسعًا ضد مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقًا) وفصائل معارضة أخرى، تمكنت بموجبه من إحراز تقدم كبير في جنوب إدلب وغرب حلب.

أورد التقرير أنه "في المناطق التي تمّت معاينتها، يقدّر الباحثون أن نحو ثلث المباني تعرّضت لأضرار كبيرة أو دُمّرت".

وأضاف "مع فرار غالبية سكان هذه المناطق قبل أو خلال الهجوم، فإن دمار المنازل والبنى التحتية الحيوية سيجعل من المستحيل تقريبًا عودة العائلات في المستقبل القريب".

تظهر الصور التي تمّ تحليلها حقولًا زراعية امتلأت بمخيمات النازحين خلال أشهر، وقرى وبلدات سوّيت بالأرض. ودفع الهجوم خلال ثلاثة أشهر نحو مليون شخص للفرار بحسب الأمم المتحدة، في موجة نزوح غير مسبوقة منذ اندلاع النزاع قبل تسع سنوات. وغادر هؤلاء منازلهم تدريجيًا مع تقدم قوات النظام وتعرّض المدارس والمستشفيات في مناطقهم للقصف بشكل دوري. وتوجّه القسم الأكبر منهم نحو مناطق لا يشملها التصعيد قرب الحدود التركية شمالًا.

وقالت المتحدّثة باسم منظمة "أنقذوا الأطفال" جويل بسول "في أفضل السيناريوهات، أي وقف فوري لاطلاق النار، سيستغرق الأمر أشهرًا إن لم يكن سنوات لإعادة بناء البنية التحتية المدنية، ومن ثمّ إعادة بناء ثقة هؤلاء الناس للعودة إلى منازلهم".

وذكرت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة حول سوريا في أحدث تقاريرها الإثنين أن قوات النظام تعمّدت استهداف البنى التحتية المدنية لإخافة السكان وتسهيل تقدمها العسكري، ما جعل "المناطق المدنية غير صالحة للسكن".

وأشارت على وجه التحديد إلى مدينتي خان شيخون ومعرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي واللتين استعادتهما قوات النظام، معتبرة أن تسوية هذه المناطق بالأرض جاء في "محاولة واضحة لتسريع عملية السيطرة على طرق استراتيجية" في إشارة الى طريق حلب دمشق الدولي.

لم يترك القصف الجوي على جنوب إدلب، وفق لجنة التحقيق، "للمدنيين أي خيار سوى الفرار" واصفة أزمة إدلب بـ"كارثة إنسانية، بينما تواصل الأسر الهرب ويتجمد الأطفال حتى الموت". ويشكّل الأطفال أكثر من نصف النازحين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة ويعيش عشرات الآلاف من النازحين في العراء.