الإجراءات السويدية في وجه كورونا متراخية جدًا حتى الآن، لكن أرقام الإصابات منخفضة، وهي متقاربة مع أرقام دولتي الدانمارك والنروج المجاورتين، واللتين اتخذتا أقسى إجراءات الحجر الصحي. فهل تشذ السويد عن القاعدة؟.

إيلاف: عندما وصلت غزوة فيروس كورونا إلى الدول الإسكندنافية، سارعت حكومتا الدانمارك والنروج إلى فرض قيود شديدة على حدود بلديهما، وأغلقت المدارس، وأوقفت التجمعات، وفرضت الحجر، في حين أن جارتهما السويد سارت في مسار مغاير تمامًا.

هل تقامر؟
الموقع الرسمي للحكومة السويدية يؤكد أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة تهدف إلى تحقيق النتائج الآتية: حصر انتشار الفيروس؛ ضمان توفر العناية الصحية؛ الحد من التأثير السلبي على الخدمات الاساسية؛ التخفيف من الضرر على الاشخاص والشركات؛ نشر المعلومات؛ ضمان اتخاذ الاجراءات الصحيحة في الوقت الصحيح.

لكن الحياة في السويد تبدو عادية جدًا، فالمقاهي والمطاعم والمحال لا تزال مفتوحة، وحركة الناس في المدن طبيعية، باستثناء غلق المدارس الثانوية والجامعات وإيقاف تجمعات تزيد على 500 شخص.

فهل تقامر السويد؟ أم إن التاريخ سيحكم على خطتها بكونها ذكية ساعدت على حماية الاقتصاد وإنقاذ الوظائف خلافًا لما يحصل في غالبية دول العالم الأخرى؟.

تقيد المواطنين
قد لا التفسير يكون بهذه السهولة. فنظام الدولة ودستورها لا يسمحان للحكومة المركزية بالتدخل في كيفية تسيير الإدارات الصحية المحلية، ومن الصعب أن تفرض الحكومة قيودًا تمس حرية الفرد في التصرف الشخصي، فضلًا عن فرض الغرامات على المخالفين.

المسؤول الأول في الدولة عن الأوبئة يؤكد أن سياسة الدولة في التعامل مع الأوبئة كانت ولا تزال مبنية على تطوع المواطنين بالتقيد بنصائح الدولة، وليس فرضها، وأن هذه السياسة كانت ناجحة دائمًا في الماضي. من جانبها، تتقيد الحكومة بنصائح الوكالة الوطنية للصحة، وبالتالي قد تقدم نصائح أكثر شدة في المستقبل بحسب تطور انتشار الوباء وما ينتج منه من ضغط على المستشفيات، لكن في النهاية القرار بيد المواطن. وما يميّز السويد هنا هو الثقة الكبيرة لدى المواطن بالحكومة ووكالاتها.

ربما تكون الديموغرافيا عاملًا آخر. فوفق إحصائيات الدولة، أكثر من نصف العائلات في السويد مكونة من شخص واحد، ما يحد من خطر انتقال الوباء داخل العائلة الواحدة.

أرقام متقاربة
على الرغم من اختلاف الإجراءات بين بلدان إسكندنافيا الثلاثة، فإن الإحصاءات لا تزال متقاربة. فقرب نهاية شهر مارس الماضي، سجلت السويد 105 حالات وفاة من مجموع 3060 إصابة، مقارنة بالنروج (19 حالة وفاة من 3770 إصابة) والدانمارك (55 وفاة من 2200 إصابة)، علمًا أن عدد سكان السويد يعادل تقريبًا مجموع سكان البلدين.

مع ذلك، يبدو أن السويد أيضًا ستتجه إلى فرض إجراءات أقسى، كما فعلت الحكومة البريطانية التي بدأت بسياسة ”مناعة القطيع“ إلى فرض الحجر على السكان، حيث منعت السويد التجمعات من 50 شخصًا فما فوق، ابتداءً من 5 أبريل، وباتت حركة السكان تقل، وبدأت المطاعم والمقاهي تعاني قلة الزبائن.

في الوقت عينه، وقع أكثر من ألفي طبيب وعالم وبروفيسور، بينهم رئيس مؤسسة "نوبل" البروفيسور كارل-هنريك هلدن، عريضة تطالب الحكومة بإجراءات أكثر قسوة.

من هنا، يبدو أن السويد ليست حالة شاذة، وأنها في النهاية ستلجأ إلى اللحاق بباقي دول العالم، فتفرض إجراءات طارئة لا مفر منها في محاربة الوباء.


أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مصادر مختلفة. الأصول منشورة على الروابط الآتية:

https://www.government.se/government-policy/the-governments-work-in-response-to-the-virus-responsible-for-covid-19/

https://www.bbc.com/news/world-europe-52076293

https://www.theguardian.com/world/2020/mar/30/catastrophe-sweden-coronavirus-stoicism-lockdown-europe

https://www.nytimes.com/2020/03/28/world/europe/sweden-coronavirus.html