بقدر ما يتفشى وباء كورونا المستجد، تتفشى معه نظريات المؤامرة حول منشأه والهدف منه وعلاجه. ويبقى أكبر خطأ ممكن أن يقع فيه البشر في حالات مثل هذه هو التضليل.

إيلاف من لندن: لا بد من أن يقلق المرء من مخاطر الإصابة بفيروس كورونا مع انتشاره الواسع والسريع. يتوافد القراء بأعداد متزايدة على المواقع الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعية خلال هذه الأزمة لمعرفة الحقائق التي من شأنها أن تطمئن الفرد وتقلل من حالات التوتر والقلق.

لكن، على العكس من ذلك، غالبًا ما يجد المرء العديد من نظريات المؤامرة التي اخذت هي بدورها بالانتشار. أضف إلى ذلك النصائح والعلاجات غير المستندة إلى أي دراسة علمية.

يتعدى التأثير السلبي لذلك على المرء إلى أن يسبب ضررًا كبيرًا للجهود الكبيرة التي تقوم بها مختلف الحكومات والمؤسسات الطبية للسيطرة على هذا الوباء والقضاء عليه.

نظريات شتى

واجه العالم أوبئة كثيرة وتحداها وقضى عليها بنجاح، إلا أن هذه هي المرة الاولى التي يجتاح فيها العالم وباء في زمن بينما هو مرتبط بوسائل تواصل لم يشاهد لها مثيلًا. اضف إلى ذلك حب البشر لمعرفة ”السر“ وحب الفضول، ما مكن البعض من نشر روايات خيالية عن نشوء كورونا.

امتلاك الفرد للمعلومة او ”السر“ يمنحه شعورًا مزيفًا بالسيطرة والتحكم بمصيره. الأسوأ من ذلك أن دراسة حديثة أثبتت أننا على استعداد أكبر لنشر ”معلومة“ من تصديقها.

شبكات مثل تويتر تجد نفسها في حالة إرباك لأن فريقها الصغر نسبيًا يواجه مهمة التحقق من المعلومات التي تنشر على منصته وسط كم هائل من المعلومات المزيفة.

الأمثلة كثيرة ومنها خبر ظهر على منصة ”إنستاغرام“ وحقق مشاركة كبيرة مفاده أن بيل غيتس هو الذي خطط لنشر هذا الفيروس نيابة عن المجمع الصناعي للأدوية.

كذلك انشغلت الأوساط الإعلامية الإيطالية بفيديو نشره مواطن إيطالي من اليابان يدعي وجود علاج لفيروس كورونا وإخفاء الحكومة الإيطالية هذه الحقيقة.

ثمة نظرية أخرى تدعي أن الفيروس انتشر بسبب شبكة الجيل الجديد من الهاتف النقال (5 جي) ما حدى بعدد من البريطانيين إلى تخريب منصات شبكات الهاتف النقال. يضاف فيديو نشر على يوتيوب يزعم أن الفيروس نشر للسيطرة على النمو البشري والتخلص من أعداد كبيرة من السكان، والذي حاز على عدد كبير من المشاهدات.

تقاذف الاتهام

في الوقت ذاته، يساهم بعض الحكومات في نشر نظريات المؤامرة للتغطية على تقصيرها في إيجاد حلول ملائمة لمشكلات مجتمعاتها.

صرح مسؤول صيني أن افرادًا من القوات المسلحة الأميركية نشروا فيروس كورونا في الصين. وسمحت الصين لهذا التصريح أن ينتشر في وسائل الإعلام التي تخضع لسيطرتها. أما الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو فاقترح أن الفيروس سلاح بيولوجي أميركي، الغرض منه استهداف الصين، في حين ادعت إيران أن الفيروس كان غرضه إفشال الانتخابات البرلمانية في فبراير المنصرم.

في الاتجاه المعاكس، غرد ماتيو ساليني، قائد حزب ”ليج“ الايطالي المعادي للمهاجرين أن الصين هي التي طورت الفيروس من الفئران والخفافيش، في حين كرر الرئيس البرازيلي مرارًا أن الفيروس لا يشكل خطرًا، مؤكدًا وجود علاج له. حتى الرئيس الاميركي دونالد ترمب دخل هذا الميدان حيث صرح مرات عدة عن إمكانية علاج الوباء باستخدام أدوية مضادة للملاريا على الرغم من تحفظات العلماء والاطباء. كما اتهم في مناسبات اخرى ”أعدائه“ بتضخيم الوباء للإضرار بإدارته للدولة.

كل هذا حدا بشبكات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب وفيسبوك وتويتر إلى اتخاذ خطوات غير مسبوقة لحذف مثل هذه المشاركات.

أوقفوا نظريات المؤامرة

في كلمة ألقاها الخميس المنصرم في اجتماع افتراضي نظمته مؤسسة تابعة لمايك بلومبرج، أكد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما أهمية نقل الحقائق كما هي إلى المجتمع.

قال: ”اكبر خطأ ممكن أن نقع فيه في حالات مثل هذه هو التضليل، خصوصًا أننا نطلب من المواطنين أن يقدموا التضحيات وأن يتخذوا تدابير قد لا يرغبون بها“. ودعا القادة المحليين من عمداء المدن إلى إحاطة انفسهم بالخبراء وعدم الاعتماد على الآراء الشخصية.

إن نظريات المؤامرة قادرة على أن تكون مضرة جدًا للمجتمع. فهي تؤثر في الخيارات التي يفضلها الناس في ما يتعلق بصحتهم، لكن في الوقت ذاته تؤثر في كيفية تعامل المجموعات البشرية، بعضها مع بعض، وتزيد من حالات العنف تجاه اللذين ينظر إليهم على أنهم متآمرون. لذلك، إضافة إلى الجهود التي تقوم بها الحكومات للحد من انتشار الوباء، عليها أيضًا أن تعمل على إيقاف انتشار نظريات المؤامرة.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مواقع عدة. الأصول منشورة على الروابط الآتية:

نيويورك تايمز | نيوز ويك | يوبا نت