إيلاف من القدس: أعداد مرضى كورونا في الأراضي الفلسطينية قد تكون الأقل في منطقة الشرق الأوسط، وعدد الوفيات لم يتجاوز الاثنين، ولكليهما سجلت أمراض مزمنة أخرى. التدابير الاحترازية التي اتخذتها حكومة السلطة الفلسطينية متمثلة في رئيس الحكومة وطاقمه مع تعليمات الرئيس الفلسطيني، ساهمت في تقليل عدد الإصابات، وفي تخفيف التكلفة على فلسطين الدولة الفتية الفقيرة، التي لا تمتلك جهازًا صحيًا متطورًا مثل دول المنطقة، ومنها إسرائيل.

وكانت أوساط محلية فلسطينية وإقليمية أشادت بالخطوات والتدابير التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية في مواجهة كورونا.

لعل أبرز ظاهرة في مواجهة كورونا في فلسطين هي الإيجاز الصحافي الذي يقدمه يوميًا الناطق بلسان حكومة فلسطين إبراهيم ملحم، الذي يقدم منذ بداية الأزمة إيجازًا صباحيًا، وآخر مسائيًا، بشكل يومي، حيث تقوم الحكومة بالرد على أسئلة الصحافيين بكل شفافية وصراحة.

كما أشار السيد إبراهيم ملحم في حديث خاص مع "إيلاف" حول مواجهة كورونا في أراضي السلطة الفلسطينية إلى أن الحكومة تعاني من شح الميزانيات وقلة المعدات الطبية، ومع ذلك استطاعت حصر انتشار الفيروس وتخفيف الأعباء الاقتصادية على السلطة الفلسطينية.

الوقاية مبكرًا
أكد إبراهيم ملحم خلال الحديث أن الحكومة الفلسطينية، وبتوجيهات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بدأت في الإجراءات الصارمة مبكرًا، وهذا من أجل سلامة الناس، ومنع وصول الوباء إلى الأراضي الفلسطينية، فعندما وصل كورونا إلى فلسطين انتقلت الإجراءات لتصبح وقائية وقطع السلسلة ومنع العدوى، وذلك عن طريق الإغلاق ومنع التجول وإغلاق المدارس والمساجد والقاعات والمطاعم والمقاهي ومنع التجمعات في شتى أنحاء الأراضي الفلسطينية. يضيف إبراهيم ملحم إن الرئيس قال في هذا السياق من الأفضل أن يلومنا الناس على أننا بكّرنا في اتخاذ الإجراءات من أن يلومونا لأننا تأخرنا.

وردًا على سؤال "إيلاف" حول سر العدد القليل للإصابات والوفيات في فلسطين المتاخمة لإسرائيل والأردن، وأن هناك أعدادًا كبيرة نسبيًا ووفيات كثيرة، قال ملحم إن العمل كان على نطاق واسع في منع تفشي كورونا عن طريق التوعية من جهة وخطوات الحكومة الصارمة من جهة أخرى من إغلاق ومنع تجمع وإجراء فحوصات وتقديم المعلومات بوضوح وشفافية والتعاون مع الجهات المختلفة إقليميًا وعالميًا لمواجهة الوباء، وأثنى ملحم على وعي المواطن الفلسطيني الذي تقيد بالتعليمات وتفهم خطورة هذا الفيروس الذي وصفه ملحم بالعدو للبشرية.

تعاون مع الأردن وإسرائيل
أما عن التعاون مع إسرائيل والأردن، فأكد ملحم أن هذا الفيروس لا يعرف الحدود ولا القوميات ولا الأعراق. وكان هناك تعاون مع إسرائيل ومع الأردن، في مسعى إلى كسر سلسلة انتقال العدوى عن طريق إغلاق الجسور ومعابر الحدود مع الأردن ومع إسرائيل. وكانت هناك تفاهمات بأن تكون هناك إجراءات إسرائيلية على المعابر مقابل إجراءات فلسطينية من الجهة المقابلة لاستيعاب الأزمة، ورصد الحالات، ومنع انتقال العدوى.

وأشار إلى أنه حصلت حالات مؤسفة بأن ترك المشغلون الإسرائيليون عمّالًا مصابين بكورونا على المعابر، مما أدى إلى نقل العدوى في بعض المناطق، إلا أن الحكومة استطاعت تجاوز هذه الأزمة بالتفاهم مع الإسرائيليين على آلية تمكن منع انتقال العدوى من مكان إلى آخر. وأضاف إنه كان هناك تعاون على الصعيد الطبي والمستلزمات الطبية.

مساعدات عربية ودولية
في شأن المساعدات التي تلقتها السلطة الفلسطينية، قال إبراهيم ملحم إن هناك مساعدات وصلت من الكويت والسعودية وقطر ومن الصين ومن الاتحاد الأوروبي للفلسطينيين، منها المالية، ومنها المعدات الطبية والمستلزمات الصحية الأخرى، والتي تفتقر إليها المستشفيات الفلسطينية، وجهاز الصحة، مثل أجهزة التنفس ومسحات الفحص.

وقال ملحم في هذا السياق إنه مع بداية الأزمة كان الجهاز الطبي يجري نحو 300 فحص يوميًا، ومع تلقي المساعدات والمعدات أصبح يجري 3 آلاف فحص يوميًا، وفي الأيام الأخيرة تجري المستشفيات نحو 5 آلاف فحص يوميًا للمواطنين لتحييد الإصابات ومحاولة معرفة الأماكن الأكثر عرضة للإصابة ومعالجتها.

غزة
وبما يتعلق بقطاع غزة قال إبراهيم ملحم إن الحكومة عملت بشكل مكثف مع مكاتب وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، وتلقت المعلومات أول بأول، وإن الحكومة تعاملت في أزمة كورونا مع غزة مثلها مثل جنين ورام الله والخليل، وقدمت إلى غزة المستلزمات الطبية والمعدات اللازمة من دون تأخير.

طوارئ مخففة
عن حالة الطوارئ وإمكانية تخفيفها في الأراضي الفلسطينية، قال إبراهيم ملحم إن العالم بكامله بدأ مرحلة يمكن أن نطلق عليها اسم التعايش مع فيروس كورونا، ولكن من دون التخلي عن الإجراءات الطبية والحفاظ على السيطرة في مواجهة الوباء، لكن هناك حاجة إلى إعادة تدفق الدم في شريان الاقتصاد تدريجيًا عبر تمكين قطاعات معيّنة من العودة للعمل كي لا يصبح الوضع خطيرًا، ومن لم يمت بكورونا يموت من الفقر والجوع، والعودة لتنشيط الاقتصاد ستكون مع الظروف الخاصة بمواجهة كورونا وعدم التسرع في العودة إلى ما كنا عليه.

وأضاف أن المرحلة المقبلة ستكون مهمة، فمن جهة محاولة العودة في مرافق معينة للعمل، ومن جهة استمرار إغلاق المدارس والكنائس والمساجد والجامعات وقاعات الأفراح والمقاهي والمطاعم، لأن التجمعات الكبيرة هي عرضة لنقل الوباء بشكل كبير، وإن الإجراءات المخففة ستكون أيضًا مع استمرار الفحوصات واتخاذ الحيطة والحذر في تصرف المواطن بشكل عام والتقيد بالتعليمات والتوجيهات من أجل السلامة العامة وصحة الناس.

أوضح ملحم أن شهر رمضان في هذا العام بدا مميزًا في عدم التجمع والصوات الجماعية وموائد الرحمن واللقاءات والدعوات وغير ذلك. وأشاد مجددًا بوعي المواطن الفلسطيني والمجتمع الفلسطيني لخطورة المرحلة والتزامهم بالتعليمات وساعات فتح وإغلاق المحال، وعدم التنقل بين المدن من دون الضرورة.

في النهاية، قال ملحم إن منصة الإيجاز الصحافي اليومي التي انتهجها مكتب رئيس الحكومة شكلت جسرًا بين المواطن والحكومة، وأسهمت في نقل المعلومة الصحيحة إلى المواطن بكل شفافية، حيث إن اعتماد المعلومة في الإيجاز جاء لتجفيف مصدر الشائعة، وأصبح الإيجاز بمثابة الخبر اليقين عن كل تطور في مسألة فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية، وساهم هذا الإيجاز في بناء الثقة المتبادلة بين المواطن والحكومة عبر الشفافية والمعلومة الصريحة والدقيقة والإجابة عن أسئلة الصحافيين الجريئة والمهمة.