بهية مارديني: مع هزيمة المعارضات السورية عسكريا، وتوقف التظاهرات السلمية تقريبا، وسيطرة الروس والايرانيين على مفاصل الدولة السورية عسكريا وسياسيا واقتصاديا، يروج معارضون ومن بينهم الناشط كمال اللبواني لسيناريو استبدال النظام بعنصر من النظام ذاته، ليقود مرحلة انتقالية تنتهي برحيل إيران وتضمن حقوق السوريين في دولة ذات سيادة، ومن بين تلك الأسماء المطروحة، يبرز اسم علي مملوك نائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية.

وتتعدد القراءات والتسريبات للمشهد السوري الملتبس حول البديل القادم للرئيس السوري الحالي بشار الأسد والذي ما زال يتلقى دعما روسيا ايرانيا مشتركا.

وكثرت الأحاديث والتعليقات حول تفاهمات دولية على استبدال الأسد تارة بعلي مملوك نائب الرئيس السوري للشؤون الأمنية منذ يوليو 2019، وتارة بطرح أسماء أخرى، خاصة بعد أن شنت أخيرا وسائل اعلام روسية هجوما عنيفا على الأسد مما اعتبر أنه ضوء أخضر من الرئاسة الروسية لاقتلاع الأسد ورفع التغطية عنه نهائيا.

"إيلاف" حاورت كمال اللبواني المعارض السوري والمعتقل السياسي السابق، والذي تناول موضوع علي مملوك كحل محتمل رغم أنه من صلب النظام الحالي، وبعد سنوات من الدم والحرب والعنف والتهجير والقتل، ووسط تساؤلات مشروعة من السوريين. فهل قامت الثورة لاستبدال النظام بالنظام أم هي ثورة حرية وعدالة وديمقراطية وتغيير حقيقي وليس اعادة انتاج الأسد بمن شاركوه القرار والفعل والتنفيذ؟

يقول اللبواني لـ"إيلاف": "موقفي ورأيي كان ولايزال منذ ربيع دمشق عام ٢٠٠١ أننا نريد نظاما ديموقراطيا برلمانيا ودولة حق وقانون من دون فساد ولا استبداد، وتثبت هذا الموقف في اعلان دمشق عام ٢٠٠٧".

وأضاف "مع بداية الثورة السورية كرسنا هذا في وثائق القاهرة وفي أهداف الائتلاف الوطني، وقلنا إن النظام الحالي يمعن في القتل والتدمير ولا يمكن الحديث عن سوريا الوطن قبل رحيله وأداة رحيله هي الضغوط الدولية والعصيان المدني والمسلح بقيادة الجيش الحر مع اشتراط وجود حكومة تمسك الأرض والمال وتضبط السلاح".

عفوية الثورة

واعتبر اللبواني أنه "نتيجة عفوية الثورة وعدم وجود منظمات وحياة سياسية في سوريا قبل الثورة، وقلة خبرة ووعي الثوريين بالأمور التنظيمية والإدارية، ونتيجة سلوك بعض الأحزاب السياسية الشمولية التي ركبت الثورة، وبعض الانتهازيين ووكلاء الدول المتدخلة، ونتيجة إفساد المال السياسي، وإدخال منظمات التطرف والإرهاب لجسد الثورة من قبل دول عدوة ودول تدّعي الصداقة، فقد اتجهت الثورة نحو الفشل والخسارة خاصة عندما أضيف التدخل الإيراني والروسي السافر لصالح النظام، فثورة الشعب لولا كل ذلك لكانت قد حسمت المعركة لصالحها منذ العام الأول"، على حدّ تعبيره.

وتحدّث اللبواني عن "مرحلة سيطر النظام وحلفائه على معظم سوريا كليا، والمحررة جزئيا والتي تسيطر عليها منظمات مرتبطة به أيضا".

المعارض السوري كمال اللبواني خلال مشاركته في تظاهرة تندد بجرائم الأسد

وأوضح أنه "بوجود معارضة باعت نفسها للدول وصارت تلهث وراء تقاسم السلطة بأي شروط مع النظام القائم عبر هيئة التفاوض واللجنة الدستورية، أصبح الشعب هو الخاسر الأكبر، وضاعت تضحياته وآماله".

وبخصوص المشهد الحالي يرى اللبواني أنّ "الموجود حاليا هو احتلالات متعددة ونظام مجرم ومعارضة فاسدة، والجهود الدولية لا تثمر عن أي تقدم منذ خمس سنوات، لذلك عندما تحاورت الدول النافذة أقصد روسيا وأميركا برعاية اسرائيلية، وبالتشاور مع دول اقليمية، حصل تفاهم على تعهيد روسيا للحل بشرط إخراج ايران وايجاد سلطة في سوريا تقبل بالتفاوض على حل سياسي".

تنصّل

يرى اللبواني أن الطرف الروسي "لا يزال يحاول التنصل من هذا التفاهم والهروب نحو الأمام عبر استعادة شرعية الأسد عبر الجامعة العربية أو عبر المعارضة التي صارت بيده عمليا، لقطع الطريق على الضغوط الدولية التي تمارس على الروس لإجبارهم على تغيير الأسد الذي ربط مصيره بالوجود الإيراني ولا يريد التقدم نحو أي تسوية نتيجة حجم الانتهاكات التي ارتكبها، بينما تصعد الدول الأخرى ضغوطها الديبلوماسية والاقتصادية والجنائية على النظام وروسيا وإيران لدفعهم للقبول بالحل".

وحول النقطة الفاصلة هنا وسط كل هذا يقول اللبواني "إن المرحلة الحاسمة هي رحيل بشار وتسليم السلطة لشخصية أمنية عارفة ومتوافق عليها دوليا، تطلب من الطرف الإيراني الخروج رسميا، ويدعم طلبها بقرار ملزم من مجلس الأمن، وتفتح باب التفاوض الجدي على حل سياسي يسمح بعودة آمنة للشعب والمعارضة ليقوموا هم بتنظيف التغلغل الإيراني الذي طال كل مؤسسات الدولة والمجتمع".

تردد

وكشف اللبواني أنه تم تداول اسم على مملوك ليلعب هذا الدور، وهو لا يزال مترددا أيضا في القبول نتيجة الظروف المعقدة جدا والمهام الصعبة التي ستقع عليه، ناهيك عن خوفه من التصفية على يد الطرف الإيراني الذي يفهم أنه مستهدف من هذا الحل".

يضيف: "نحن اليوم نعيش في هذا المشهد القائم على الضغوطات الاقتصادية والسياسية والاستخباراتية التي هي أرخص تكلفة من الحرب علّها تعطي ثمارها، وهو ما نشارك به بفعالية وهذا الخيار ليس هو ما نريد، لكنه بوابة لاستمرار نضالنا من أجل أهدافنا التي ذكرناها سابقا، بأدوات وأساليب مختلفة".

ويوضح: "هذا الحل يصبح أفضل بكثير من كل الحلول المطروحة الأخرى بما فيها التي تسير بها المعارضة في منصة تركيا أو منصة الرياض، مع استحالة الخيار الأساسي الذي اعتمدته الثورة وهو اسقاط النظام بالثورة وبواسطة الجيش الحر، الذي انتهى تماما حاليا".

وبرر بأننا نحن اليوم "مهجرون ومهزومون عسكريا، ومشردون، ولدينا احتلالان بغيضان هما الروسي والإيراني، والخلاص من احتلال ايران الأخطر، وفتح باب الحل السياسي والعودة، تعيد الأمل في اعادة بناء الوطن وتقليص الهيمنة الروسية وحصرها في مصالح معينة بين دولتين ذات سيادة، وهذا العمل يتطلب حلولا وجهودا كبيرة وعملا دؤوبا".

ويخلص اللبواني الى اعتبار أن "الموضوع ليس اختيارا، بل وصفه بكونه "بحثا عن طريق، لمتابعة النضال من أجل سوريا وشعبها المظلوم".