في عام 2014، أقام الفنان التشكيلي الصيني آي ويوي، وهو الأشهر بين الفنانين الصينيين في العالم، معرضًا في مبنى سجن الكاتراز الأميركي، محوره "مفهوم الحرية"، وغاب عنه حينها بسبب قرار السلطات الصينية في بكين منعه من السفر منذ سنوات.

قضايا الحرية

اتخذ هذا المعرض من مبنى أحد أشهر سجون العالم وأسوأها سمعة، على جزيرة قبالة خليج سان فرانسيسكو، موطنً له قدم فيه سبعة اعمال سمعية - بصرية للفنان الصيني الذي يعرف عنه التزامه قضايا الحريات في العالم، ووقوفه مواقف معارضة لنظام الحكم الصيني.

من هذه الاعمال ما يمثل نضال أهل التيبت، وقضية تنصت الولايت المتحدة على الاتصالات والإنترنت، والفضائح السياسية التي سربها موقع ويكيليكس.

في حينه، قالت ميشيل جي، المتحدثة باسم هيئة المتنزهات الوطنية الأميركية: "هذا المعرض يتيح للناس التفكير العميق في ما يعينه أن يكون المرء حرًا"، فيما قالت مفوضة المعرض شيريل هينز أن الأعمال المعروضة تطرق "موضوعات تهمنا جميعًا، من حقوق الإنسان والمسؤوليات الفردية إلى دور هذه المفاهيم في بناء مجتمع قائم على العدل".

اليوم، وبعد ستة أعوام على هذا المعرض، يعاد إطلاقه رقميًا في ظل الإغلاق شبه التام الذي فرضته جائحة كورونا على العالم.

تجهيزات فنية

بحسب تقرير نشره موقع "اندبندنت عربية"، احتل التجهيز الصوتي الذي قدمه ويوي إثنتي عشرة من الزنازين الواقعة في الجزء السفلي من السجن، المخصصة للعزل الانفرادي للسجناء كعقاب إضافي. جُهزت كل زنزانة منفردة على نحو يتيح للزائر الاستماع إلى مقطوعة موسيقية أو أغنية أو قصيدة يتم إلقاؤها بصوت صاحبها.

العامل المُشترك بين أصحاب هذه الإبداعات أنهم عانوا الاضطهاد السياسي في بلدانهم، وعُذبوا أو قتلوا في ملابسات مأساوية. بينهم مثلًا الموسيقي النيجيري الشهير فيلا كوتي، والشاعر الإيراني أحمد شاملو، ونشطاء آخرون من روسيا والصين وجنوب أفريقيا، وبعض هذه الأعمال أنجزها أصحابها في فترة الاعتقال.

صورة وصوت

يُتيح البث الافتراضي التجول بين هذه التجهيزات والاستماع إلى الموسيقى والأغنيات أو القصائد الشعرية بصوت أصحابها. تُشكل الأصوات الصادرة عبر شبكات التهوية في الغرفة تبايناً مع العزلة والصمت الذي يلُف المكان، وتفرض وقعها الإنساني اعتمادًا على خلفية مُبدعيها، على الرغم من اختلاف اللغات والانتماءات.

يضيف تقرير "اندبندنت عربية" أن هذا التجهيز الصوتي "لم يكن سوى جزء من عمل أكبر أنشأه الفنان الصيني بين أروقة السجن المهول، ضمت الأجزاء الأخرى من العمل بعض التجهيزات البصرية الأخرى.

يستخدم العمل الرئيسي في المعرض، وهو بعنوان "Trace"، 1.2 مليون قطة من لعبة الليغو المعروفة لتشكيل صور 176 سجينًا ومنفيًا سياسيًا ، من نيلسون مانديلا إلى المخبر الأميركي إدوارد سنودن، إضافة إلى آخرين غير معروفين، بحسب موقع "دايلي نيوز".

ثمة تجهيز آخر يتكون من عشرات المجسمات الكبيرة لطائرات ورقية، يبرز من بينها مجسم للتنين الصيني الشهير، والذي يُعد رمزاً للسلطة في الصين، غير أن الفنان الصيني جاء به هنا كرمز للحرية كما يقول.

كان مؤثرًا

ساهمت هينز في جمع 3.6 مليون دولار لدفع تكاليف المعرض والتنسيق مع الشركاء بما في ذلك هيئة المتنزهات الوطنية الأميركية التي تدير سجن الكاتراز الذي أغلق في عام 1963 وتحول إلى موقع ثقافي وتاريخي يجذب نحو 1.6 مليون زائر سنويًا.

لا شك في أن هذا المعرض كان مؤثرًا؛ إذ تم الإفراج عن العشرات من الأشخاص الذين ذكروا فيه، بمن فيهم الفنان نفسه، بحسب "غارديان"، الذي استعاد جواز سفره في عام 2015، وربما كان هذا العمل الفني هو الذي ساعد في خلق الظروف التي كان فيها هذا ممكنًا.

فما يمكن أن يفعله هذا المعرض المستعاد اليوم في ظل الإغلاق؟

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مواقع مختلفة. الأصول منشورة على الروابط الآتية:

https://tinyurl.com/y86dp3ho

https://tinyurl.com/yb3ujt7t

https://tinyurl.com/y44c7yds