الخرطوم: يحبس السودانيون الأنفاس مع اقتراب موكب 30 يونيو الذي يراد له أن يكون مليونيا، ودعا اليه "تجمع المهنيين" الذي قاد الحراك ضد الديكتاتور عمر البشير، من أجل إستكمال مطالب الثورة.

يأتي ذلك فيما أعلنت السلطات أنها ستتخذ اجراءات هامة ستكون لها تداعيات سياسية واقتصادية كبيرة، وحضّت على "التعبير السلمي عن الرأي والمطالب"، وسط مخاوف من حصول عنف.

وفيما يقول متساكنون في الخرطوم ومدن سودانية أخرى إن الساحات "تحولت إلى ما يشبه الثكنات العسكرية" مع تمترس دبابات في الطريق العام، واستنفار أمني غير مسبوق، فقد ناشد عبد الله حمدوك رئيس مجلس الوزراء الانتقالي "الشعب السوداني والجماهير كافة، بالتعبير السلمي عن الرأي والمطالب، أثناء ممارسة حقهم الاصيل الذي انتزعه الشعب في ثورة ديسمبر المجيدة وذلك يوم غد الثلاثاء خلال مسيرات ومواكب 30 يونيو".

ونادى حمدوك بحسب خطاب له عشية التظاهرات ونقلته وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، ب"توخي أقصى درجات الحرص واتباع الارشادات والتوجيهات الصحية التي تساهم في الوقاية من زيادة انتشار فيروس كورونا، حماية للجميع من مخاطر الانفجار الوبائي".

وعبّر حمدوك عن ثقته في "يقظة الثوار وتمسكهم بسلاح السلمية الذي انتصرت به الثورة في مواجهة القوى الظلامية"، على حدّ تعبيره.

وقال حمدوك إنّ "التوازن الذي تقوم عليه المرحلة الانتقالية هو توازن حساس وحرج"، مشيرا الى انه بين كل حين واخر يمر بكثير من المصاعب والهزات التي تهدد استقراره، منوها الى أن هذا التوازن "تتربص به قوى كثيرة داخل وخارج البلاد تحاول إعادة مسيرة البلاد الى الوراء".

يضيف: "ما أؤكده واعد به باننا قد نتعثر ولكننا لن نعود -ابداً- الى الوراء... أعيد التأكيد على التزامات الحكومة المبدئية بتحقيق العدالة والقصاص الذي يضمن عدم تكرار الجرائم التي تم ارتكابها خلال الثلاثين عاما الماضية في حق أبناء شعبنا، ومحاربة سياسات الافقار المنظم التي عانى منها شعبنا خلال العقود الثلاثة الماضية لصالح سياسات اقتصادية متوازنة تضمن التنمية وعدالة توزيع الموارد وتوفير الخدمات الاساسية للجميع، وتحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في السودان والسعي لاسكات صوت الرصاص وجدل البندقية في الساحة السياسية السودانية الي الابد، وضمان سيادة حكم القانون والعدالة في ربوع البلاد بشكل جذري لا مساومة ولا تهاون فيه".

وقال رئيس الوزراء السوداني حكومته ستتخذ خلال الأيام المقبلة، عددا من "القرارات الحاسمة في مسار الفترة الانتقالية، قد يكون لبعضها أثر كبير، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا".

وحذر حمدوك من أن "بعض الجهات ستحاول استغلالها (تظاهرات 30 يونيو) لتأجيج وصناعة حالة من عدم الاستقرار"، دون أن يحدد أسماء الجهات أو صفاتها.

ويعتقد محللون أن فلول النظام السابق قد تعمد إلى جرّ التظاهرات السلمية إلى العنف من أجل أجندات خاصة، وتحذر السلطات السودانية الانتقالية باستمرار من "مندسين" وتحضّ على التظاهر السلمي.

وأشار حمدوك إلى أنه "تسلم مذكرات من لجان المقاومة وأسر الشهداء والتقى قوى سياسية وحزبية"، ووعد بأن "تعمل الحكومة على تنفيذها بالشكل الأمثل خلال أسبوعين".

وفي وقت سابق الإثنين، أعلنت السلطات السودانية، توقيف 9 من قيادات حزب المؤتمر الوطني (حزب الرئيس السابق عمر البشير) والحركة الإسلامية، قبل نحو 10 أيام، بدعوى أنهم كانوا ينسقون لـ"تحركات معادية".

ونفذت أجهزة الأمن السودانية، الأحد، خطة أمنية تشمل الإغلاق الكامل للجسور، والشوارع المؤدية لمقر القيادة العامة للجيش، وتفريغ منطقة وسط العاصمة الخرطوم، مع اقتراب موعد مليونية 30 يونيو.

قال تجمع المهنيين السودانيين، في وقت سابق إن مليونية 30 يونيو تأتي "لاستكمال أهداف الثورة، وتصحيح مسارها، وإنهاء مظاهر التهاون والالتفاف على إرادة الشعب، وليست للاحتفال".

وتسببت الدعوات للمليونية في انقسام وسط تحالف قوى الحرية والتغيير، حيث عارضتها الأحزاب المنضوية تحت تحالف نداء السودان، أبرزها حزب المؤتمر السوداني والأمة القومي، في حين أيدها الحزب الشيوعي والتجمع الاتحادي.

وأضاف بيان تجمع المهنيين: "مواكب الثلاثين من يونيو ليست للاحتفال، إنما لتذكير من نسوا أن قوى شعبنا الثورية هي الجذوة المتقدة، تحت رماد التردد والبطء والمساومات".

وتابع: "مواكب الثلاثين من يونيو تخرج بأمر الشارع الحي، لتأكيد أنه لا مجال للتهرب أو التلاعب بأهداف ثورة ديسمبر 2019، وعلى رأسها الوصول إلى سلام ينعم به كل من عانى ويلات الحرب، لتأكيد مدنية الدولة وبسط سلطة الشعب على ثرواته، ووضع إنسان السودان وموارده على طريق النماء والإنتاج ومحاسبة القتلة والمفسدين".

من جانبها، قالت قوى الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية)، في بيان، إن "الدعوات التي أطلقتها لجان المقاومة وأسر الشهداء للخروج في يوم 30 يونيو القادم، هي دعوات مشروعة".

و30 يونيو 2019 هو اليوم الذي خرجت فيه مظاهرات حاشدة، مكنت من التوصل إلى اتفاق سياسي في 21 أغسطس 2019، تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وتحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، بجانب حكومة انتقالية.

وعزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل 2019، عمر البشير من الرئاسة تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر 2018، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية وقمع الحريات العامة والخاصة.