الامم المتحدة: أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي خلال جلسة حول سدّ النهضة الإثنين عن دعمهم للجهود التي يبذلها الاتّحاد الأفريقي لحلّ الأزمة الناجمة عن المشروع الكهرمائي الضخم الذي تبنيه أثيوبيا على النيل الأزرق ويثير توتّرات حادّة بينها وبين مصر والسودان.

وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتّحدة كيلي كرافت التي دعت إلى عقد هذه الجلسة نيابة عن مصر إنّ "الولايات المتّحدة تأخذ علماً بالجهود الأخيرة التي بذلها الاتّحاد الأفريقي لتسهيل إجراء محادثات إضافية بين الدول الثلاث بشأن سدّ النهضة".

وأضافت أنّ "هذه المشكلة معروضة على المجلس لأنّ الوقت قصير ونافذة التوصّل إلى اتفاق قد تُغلق بسرعة"، مطالبة الدول الثلاث بالامتناع عن اتّخاذ "أي إجراءات من شأنها تقويض حسن النيّة الضروري للتوصّل إلى اتفاق".

وذهب العديد من المتحدثين الآخرين في الجلسة في الاتجاه نفسه، مشيرين إلى أنّ هذا الملف بات في عهدة الاتّحاد الأفريقي.

وكانت أثيوبيا أكّدت مجدّداً السبت عزمها على البدء بملء خزّان سدّ النهضة "في الأسبوعين المقبلين"، متعهّدة في الوقت نفسه محاولة التوصّل إلى اتفاق نهائي مع مصر والسودان خلال هذه الفترة، برعاية الاتحاد الإفريقي.

وخلال جلسة مجلس الأمن قالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو إنّه "يمكن التغلّب على الاختلافات والتوصّل إلى اتّفاق إذا برهنت كلّ الأطراف عن الإرادة السياسية اللازمة لتقديم تنازلات وفقاً لروح التعاون التي تم التأكيد عليها في إعلان المبادئ لعام 2015".

وأضافت "نأمل بشدّة أن تواصل مصر وأثيوبيا والسودان جهودها للتوصّل إلى اتّفاق (...) يكون مفيداً للجميع".

وسدّ النهضة الذي بدأت أديس أبابا ببنائه في 2011 سيصبح عند إنجازه أكبر سدّ كهرمائي في إفريقيا، مع قدرة إنتاج بقوة ستة آلاف ميغاواط. لكنّ هذا المشروع الحيوي لأثيوبيا والذي أقيم بارتفاع 145 مترا، يثير توترات حادّة بينها وبين كلّ من السودان ومصر اللتين تتقاسمان مع إثيوبيا مياه النيل وتخشيان أن يحد السد من كمية المياه التي تصل إليهما.

ومصر التي تعتبر هذا المشروع مصدر تهديد "وجودي" دعت مجلس الأمن الدولي إلى التدخّل.

وكانت مفاوضات ثلاثية حول تشغيل السد وإدارته استؤنفت في وقت سابق في حزيران/يونيو، وقد تعثّرت حول عمل السدّ خلال فترات الجفاف، وحول آليات حلّ الخلافات المحتملة.

وتقول أثيوبيا إنّ الكهرباء المتوقّع توليدها من سدّ النهضة لها أهمية حيوية من أجل الدفع بمشاريع تنموية في البلد الفقير البالغ عدد سكانه أكثر من 100 مليون نسمة.

لكنّ مصر تقول إنّ السد يهدّد تدفّق مياه النيل التي ينبع معظمها من النيل الأزرق حيث بني السدّ، وقد تكون تداعياته مدمّرة على اقتصادها ومواردها المائية والغذائية. وتستقي مصر 97 في المئة من حاجتها من المياه من النيل.

وكان الاتحاد الأفريقي الذي عقد الجمعة عبر الفيديو قمّة مصغّرة حول السدّ، قال إنّ هذا الملف بات في عهدته، وإنّ الدول الثلاث ستبدأ برعايته مفاوضات على مستوى اللجان الفنية بغية الوصول إلى اتفاق في غضون أسبوعين.

وكانت إثيوبيا تحفّظت سابقاً على تدخّل أطراف أخرى في النزاع، لا سيّما بعد محاولة وساطة قامت بها الولايات المتحدة، بناء على طلب مصر، وانتهت في شباط/فبراير إلى الفشل. واتهمت أديس أبابا في حينه واشنطن بالتحيّز للقاهرة.

لكنّ أديس أبابا رحّبت هذه المرّة بمبادرة الاتّحاد الأفريقي، مؤكّدة أنّ "القضايا الأفريقية يجب أن تجد حلولا أفريقية".