باريس: بعد حوالى أربعة عقود على هجوم شارع روزييه الذي استهدف الجالية اليهودية في باريس، أعيد فتح التحقيق القضائي هذا الأسبوع مع توقيف أحد المشتبه فيهم في النروج والذي تأمل فرنسا بأن يسلم إليها.

ذهل أحد المحامين في القضية بإعلان توقيف وليد عبد الرحمن أبو زايد في منزله في سكيين في جنوب النروج وعلق قائلا "هذا امر لا يصدق!.

ومثل أبو زايد (61 عاما) أمام محكمة نروجية الخميس وأوقف على ذمة التحقيق. واستأنف القرار رافضا التهم الموجهة إليه.

وقال أمام محكمة أوسلو "لا أقبل بعملية تسليمي لأنني لا أثق بالحكومة الفرنسية" مضيفا أنه "بريء".

ويشتبه القضاء الفرنسي في أن هذا الرجل الفلسطيني الذي حصل على الجنسية النروجية في العام 1997 ويعيش في النروج منذ العام 1991، هو "أحد منفذي الهجوم" في حي بليتزل اليهودي الواقع في قلب باريس.

ففي التاسع من أغسطس 1982، ألقت مجموعة مسلحة قنبلة في مطعم جو غولدنبرغ وفتحت النار في داخله وعلى المارة. ونُسبت العملية إلى حركة فتح-المجلس الثوري بزعامة "أبو نضال"، وهي مجموعة فلسطينية منشقة عن منظمة التحرير الفلسطينية. وقد أسفر هذا الهجوم عن سقوط ستة قتلى و22 جريحا.

في المجمل، أصدر قضاة التحقيق الفرنسيون المكلفون الملف، أربع مذكرات توقيف إحداها في حق وليد عبد الرحمن أبو زيد واثنتان تستهدفان شخصين في الأردن فيما طالت الأخيرة مشتبها فيه يقال إنه موجود في الضفة الغربية المحتلة.

ويتّهم القضاء الفرنسي كل المشتبه بهم بالتحضير للهجوم أو بتنفيذه.

ورفض الأردن مرارا تسليم المشتبه بهما الموجودين على أراضيه ومن بينهما العقل المدبر المفترض للهجوم.

من جانبها، لم تستجب النروج يومها للطلب الفرنسي لأنها لم تكن تسلم مواطنين نروجيين إلى دول أخرى إلا أن وسائل الإعلام المحلية ذكرت أن إقرار آلية جديدة بين أوسلو والاتحاد الأوروبي وايسلندا حول مذكرات التوقيف العام الماضي بات يوفر لها هذه الإمكانية.

اتفاق سرّي

في وقت سابق من هذا الاسبوع وقبل الاعلان عن إلقاء القبض على أبو زايد، قال محام فرنسي لوكالة فرانس برس إنه "مؤيد للحل النروجي".

ومن المفترض من حيث المبدأ اتخاذ قرار بشأن تسليم أبو زايد في موعد لا يتجاوز 45 يوما بعد توقيفه. ويجب أن يبحث القضاء النروجي في هذه المسألة خلال جلسة استماع مستقبلية.

إن هدف هذا التسليم المحتمل بسيط: تأكيد الشكوك التي تحوم حول هذا الرجل و"السماح بإجراء محاكمة" انتظرتها عائلات الضحايا لفترة طويلة، كما أوضح أحد المحامين لوكالة فرانس برس.

وكتب غيّوم دينوا المدير العام للرابطة الفرنسية لضحايا الإرهاب على تويتر "الكفاح المتواصل للقضاة المسؤولين عن ملفات مكافحة الإرهاب والضحايا والرابطة يؤتي ثماره".

وأكدت مصادر فرنسية مطلعة أن عملية التوقيت تمت بفضل التحديث الأخير لمذكرة التوقيف و"مثابرة" المحققين.

وقالت جاكلين نييغو إحدى سكان باريس فقدت شقيقها أندريه في ذلك الهجوم "إنها أخبار مذهلة".

ووفق وكلاء دفاع عن الضحايا، تدعم وثائق جاءت من أرشيف رئاسة الحكومة الفرنسية فكرة وجود اتفاق سرّي بين الاستخبارات الفرنسية والمجموعة الفلسطينية في الثمانينات، يضمن غياب الملاحقات في حق الأخيرة في فرنسا في مقابل تعهّدها بعدم ارتكاب اعتداءات.

وعادت هذه الفرضية إلى الظهور في الفترة الأخيرة بعد تصريحات عدة لرئيس جهاز مكافحة التجسس في فرنسا بين تشرين الثاني/نوفمبر 1982 و1985 إيف بونيه الذي أكد خلال جلسة استماع أمام قاضي التحقيق المكلف هذه القضية وجود "اتفاق" بين الطرفين.

لكن العناصر التي اطّلعت عليها وكالة فرانس برس ضمن تلك الوثائق الأرشيفية لا تأتي على ذكر هذه الوعود.