ايلاف من لندن: فيما يشهد العراق اليوم الاحد تظاهرة كبيرة في ساحة التحرير وسط بغداد احياء للذكرى الاولى لاغتيال طائرة أميركية مسيرة لسليماني والمهندس فقد وضعت القوات الامنية في حالة انذار قصوى، بينما العراقيون يحبسون انفاسهم خشية تفجر الصراع الايراني الاميركي حربا على اراضيهم وسط قرع طبولها مقابل محاولات للتهدئة.

وفيما تتصاعد التهديدات بين واشنطن وطهران بمواجهة عسكرية شعواء في حال بادر أحد الطرفين باستهداف الاخر، فان ذلك ينذر بامتداد المواجهات الى دول اخرى في المنطقة واشتراك اكثر من طرف دولي فيها.

وقال محمد جواد ظريف وزير الخارجية الايراني في تغريدة عبر "تويتر" خلال الساعات الاخيرة إن "المعلومات الجديدة القادمة من العراق تشير إلى أن إسرائيل من خلال عناصرها تحيك مؤامرة لشن هجمات على الأميركيين لاستدراج ترمب إلى حرب من خلال ذريعة مختلقة".

واضاف "احذرك يا ترمب، فإن أي لعب بالنار يواجه برد بالمثل بشكل جاد، لا سيما على الأصدقاء الحميمين" في إشارة إلى أن الرد الإيراني سيطاول حلفاء واشنطن في المنطقة بمن فيهم إسرائيل.

وفي الطرف الاخر كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الاميركية أمس إن واشنطن وجهت تحذيراً صارماً إلى طهران بعد معلومات عن هجمات محتملة قد تطال السفارة الأميركية في بغداد. وقالت الصحيفة إن "الولايات المتحدة والعراق وجها تحذيرا إلى إيران والميليشيات التي تدعمها وتوعدا برد سريع على أي هجمات تستهدف الدبلوماسيين أو القوات العسكرية الأميركية".

واشارت معلومات في بغداد الى ان مليشيات الحشد الشعبي قد اخلت مقارها فيما غادر عدد من قادتها الى طهران تحسباً لعمليات قصف قد تشنها القوات الأميركية ضدها.

الحكومة العراقية تهدئ مع طرفي الصراع
ووسط هذه التهديدات، فقد قامت الحكومة العراقية بمحاولات للتهدئة بين واشنطن وطهران وارسلت مبعوثا اليها للتحذير من خطورة قيام وكلائها في العراق من فصائل المليشيات بأي استهداف للسفارة او القواعد الاميركية.

كما اجرت اتصالات مع واشنطن بضرورة عدم استهداف قادة ومقرات الحشد الشعبي في العراق، كما حصل في مرات سابقة واشعل حرب تهديدات بين الجانبين لايزال اثرها يشكل خطرا على استقرار العراق.

وتقول مصادر عراقية إن الحكومة نجحت في الاتفاق مع قادة الميليشيات وفصائل الحشد الشعبي بعدم تنفيذ اي استهداف من هذا النوع والامتناع عن عبور التظاهرات التي دعت إليها والتي تنظم اليوم نحو المنطقة الخضراء والاقتصار على التظاهر ضمن حدود ساحة التحرير وسط العاصمة.

تشديد الاجراءات الامنية في بغداد
وقد وضعت السلطات العراقية ليل السبت قواتها الامنية في حالة الانذار القصوى كما شددت من اجراءاتها الأمنية لحماية المنطقة الخضراء التي اغلقت حتى الاربعاء المقبل، اضافة الى غلق الجسور المؤدية اليها وخاصة "الجمهورية" المؤدي الى المنطقة من ساحة التحرير مركز تظاهرة اليوم التي دعت اليها الفصائل المسلحة.

واعلنت وزارة الداخلية العراقية ليل السبت القيام باجراءات تأمين تظاهرات اليوم وقال المتحدث باسم الوزارة اللواء خالد المحنا إن "وزارة الداخلية باشرت خططا أمنية لكل التجمعات البشرية متوقعا أن يكون تجمع اليوم ضخما، وهو ما دفع لتكثيف القوات الأمنية وحصر مداخل ومخارج ساحة التظاهر وتأمين المواطنين .

واوضح ان هذه الاجراءات شملت توفير الحماية وغلق الطرق الفرعية للشوارع العامة فضلا عن الجهد الاستخباراتي والتقني وكاميرات المراقبة.
ومن جانبها، أعلنت مديرية مرور بغداد عن قطع عشر طرق رئيسية في أرجاء العاصمة ليل السبت على الاحد لتأمين خطة احياء ذكرى اغتيال سليماني والمهندس.

سياسيون وقادة مليشيات بين التهدئة والتصعيد
ومن جهتهم، فقد تباينت مواقف قادة القوى السياسية والفصائل المسلحة العراقية بين التهديد والتهدئة.

فعشية الذكرى السنوية الأولى لاغتيال سليماني والمهندس، فقد شدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على ضرورة منع استعمال السلاح خارج نطاق الدولة واستهداف أي من البعثات الدبلوماسية.

وقال الصدر في تغريدة على "تويتر" تابعتها "ايلاف" الاحد، "تريد بعض الجهات وبعض الدول ادخالنا في بوتقة التصعيد العسكري والأمني في العراق".. مؤكدا بالقول"يمنع منعا باتا استعمال السلاح خارج نطاق الدولة ويمنع استهداف أي من البعثات الدبلوماسية أيا كانت بل مطلقا".

وحذر الصدر من أن "كل من يفعل ذلك فهو عاص لأوامرنا وقراراتنا بل هو يضر بأمن العراق أرضا وشعبا وينفع قوى الشر والظلام لجر العراق للعنف وجعله ساحة للصراعات الاقليمية والدولية"، لافتا الى ان "العراق وشعبه بحاجة للسلام والسيادة ولن نركع الا لله تعالى".

ومن جانبه، اعتبر رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض اليوم أن "طريق الجهاد والتضحية ما زال طويلاً"..متعهداً لسليماني والمهندس بالقول"سنظل كما ربيانا ولن نخذلهما أبداً".

وقال الفياض في بيان بهذه الماسبة "أيها القائدان العظيمان لم يكن يليق بكما بعد هذا السفر الخالد من الجهاد والكبرياء سوى الشهادة.. حيث أبى الله إلا أن يتمَّ نوره عليكما في ليلة كانت تكريما لكما".

وهاجم الفياض الولايات المتحدة من دون تسميتها علناً قائلا "ستبقى دماؤكما كابوساً يؤرق مضاجع القتلة المجرمين وسوف تسقط هذه العروش الخاوية المتغطرسة، كما أسقط دم الحسين عروش الظالمين ومن أولى بالحسين منكما".

اما الامين العام لمليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي فقد تعهد بأخذ الثأر للقتيلين قائلا "قسماً بإسم رب الشهداء أن نسير على طريقهم وأن نأخذ بثأرهم ونكمل طريقهم". وأضاف "إلى الأب الغالي أبو مهدي أب كُل المجاهدين والمقاومين .. إبنك قيس الخزعلي يعدك بأخذ ثأرك وثأر الحاج قاسم سُليماني وثأر كُل الشُهداء .. قسماً بدمائكم الطاهرة .. قسما.. قسما".

ومن جانبه، كتب زعيم تحالف النصر رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي في تغريدة له يقول " تمر اليوم الذكرى الاولى لحادثة المطار الدامية التي استشهد جراءها قادة قاتلوا معنا لهزيمة داعش وتم التجاوز على سيادة العراق وخرق امنه. ان التصعيد الذي حذرنا منه كاد ومازال ان يدخل العراق والمنطقة في صراع مدمر يمكن تجاوزه بالتزام الحكمة وحماية سيادة البلد ومصالحه والتزام اطر الدولة".

اما حزب الدعوة بزعامة رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي فقد اعتبر ان سليماني والمهندس قد تعرضا الى "عملية غادرة قامت بها القوات الاميركية أودت بحياتهما ورفاقهما في تعدٍ صارخ وانتهاك فاضح للسيادة العراقية".

واشار في بيان تسلمته "إيلاف" الى إن "هذا العمل لا يمكن وصفه إلا بأنه عمل ارهابي انتهكت فيه الولايات المتحدة الاميركية المواثيق والاعراف والقوانين الدولية وتعدت فيه على دولة ذات سيادة". وشدد على ضرورة احترام السيادة العراقية واحترام ضيوفه وضرورة إبعاده عن ساحات الصراعات والأزمات والتمسك بما يحفظ كيانه وهيبته أمام مواطنيه وأمام الشعوب الاخرى".

وكانت طائرة اميركية مسيرة قد اغتالت قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقية ٲبو مهدي المهندس بضربة صاروخية قرب مطار بغداد الدولي في الثالث من يناير عام 2020.