رانغون: تجاهل العسكريون الحاكمون في بورما الانتقادات المتزايدة مشددين قمعهم للتعبئة المتواصلة في البلاد فيما يواصل المتظاهرون الاحتجاج على الانقلاب، مع تكثيف عمليات التوقيف الليلية والتهديد بملاحقة كل من يؤوي ناشطين مطلوبين.

وحذّرت السفارة الأميركية من تحركات للجيش و"قطع اتصالات" محتمل في رانغون. وكتبت على حسابها لخدمة المواطنين على تويتر مساء الأحد "هناك مؤشرات على تحركات للجيش في رانغون واحتمال لقطع الاتصالات بين الواحدة والتاسعة" من الاثنين بالتوقيت المحلي (18,30-02,30 ت غ).

وتوقف المسار الديموقراطي الذي بدأ قبل عشر سنوات قبل أسبوعين في بورما مع استيلاء العسكريين على السلطة مطيحين بحاكمة البلاد الفعلية أونغ سان سو تشي.

وصباح الأحد ولليوم التاسع على التوالي، نزل آلاف البورميين إلى الشوارع، فيما نشر الجيش لفترة وجيزة عربات مدرعة في شوارع العاصمة.

وفي رانغون كبرى مدن البلاد، تجمعوا في أماكن عدة بما في ذلك قرب معبد شيوداغون الشهير للمطالبة بالديموقراطية وتحرير زعيمتهم.

وقرب محطة القطارات المركزية، قطع سكان الطريق بواسطة جذوع أشجار لمنع الشرطة من الدخول إلى الحيّ، وأخرجوا شرطيين أتوا بحثاً عن موظفين في سكك الحديد مضربين عن العمل، بهدف جعلهم يستأنفون عملهم.

نشر المجلس العسكري الحاكم برئاسة الجنرال مين أونغ هلاينغ قائمة تضم أسماء سبعة ناشطين من الأشهر في البلاد مطلوبين بسبب تشجيعهم على التظاهر.

وقال الأحد في بيان "إذا عثرتم على أحد الفارين المذكورين في القائمة أو إن توافرت لديكم معلومات عنهم بلغوا أقرب مركز للشرطة. من يؤوي هؤلاء سيواجه ملاحقات بموجب القانون".

منذ بدء حركة الاحتجاجات، أوقف العسكريون نحو 400 مسؤول سياسي وناشط وأفراد من المجتمع المدني بينهم صحافيون وأطباء وطلاب.

ومن بين الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذه اللائحة مين كو ناينغ أحد قادة الحركة الطالبية في 1988 الذي أمضى عشر سنوات في السجن لدوره في التظاهرات ضد الحكم الديكتاتوري في تلك المرحلة.

وقال قبل ساعات من إصدار مذكرة توقيف في حقه، "يوقفون الناس ليلا وعلينا أن نتوخى الحذر". وجاءت تصريحاته في مقطع مصور نشره السبت عبر فيسبوك منتهكا بذلك حظرا صادرا عن المجلس العسكري باستخدام شبكة التواصل الاجتماعي هذه. وأضاف "قد يقمعون بالقوة وعلينا أن نكون مستعدين".

وجعلت تظاهرات 1988 من اونغ سان سو تشي الشخصية الرئيسية في البلاد المنادية بالديموقراطية ما أدى إلى وضعها في الإقامة الجبرية مدة سنوات قبل أن تصل إلى السلطة في العام 2015.

أوقفت أونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام مرة أخرى في الأول من شباط/فبراير ولم تشاهد منذ ذلك الحين لكن حزبها الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية تبلغ أنها "بصحة جيدة" وهي محتجزة في مقر إقامتها في نايبياداو عاصمة بورما الإدارية من دون إمكانية التواصل مع أي شخص.

ومنح مينغ أونغ هلاينغ السبت صلاحيات استثنائية للقوى الأمنية التي بات بامكانها القيام بمهمات تفتيش في المنازل من دون مذكرات رسمية أو توقيف أشخاص لفترة قصيرة من دون إذن قضائي.

لم تردع هذه الأخبار آلاف المحتجين في يانغون من العودة إلى التقاطعات الرئيسية في جميع أنحاء المدينة لليوم التاسع تواليا من الاحتجاجات.

تم رصد بعض المركبات المدرعة لفترة وجيزة تتحرك حول المركز التجاري للعاصمة مساء الأحد. وتوقفت أحدهم لاحقا داخل حديقة الحيوان بالمدينة.

لكن سبعة من ضباط الشرطة انشقوا عن صفوف الجيش للانضمام إلى المتظاهرين المناهضين للانقلاب في مدينة داوي في جنوب البلاد، ما يعكس تقارير وسائل إعلام محلية عن انشقاقات معزولة خلال الأيام الأخيرة.

ومساء الجمعة تشكلت لجان حراسة شعبية بشكل عفوي عبر البلاد مكلفة حراسة الأحياء في حال قيام السلطات بعمليات لتوقيف معارضين.

وأظهر مقطع مصور في حي في رانغون عاصمة البلاد الاقتصادية عددا كبيرا من السكان ينزلون إلى الشارع متحدين حظر التجول المفروض اعتبارا من الساعة 20,00 بعد انتشار شائعات حول مداهمة للشرطة لتوقيف معارضين.

ويعتبر البعض أن الإفراج الجماعي عن سجناء هذا الأسبوع تم تنسيقه بهدف إثارة الاضطراب من خلال إطلاق سراح أشخاص سيئي السلوك، وذلك من أجل تخصيص مكان في السجون للمعتقلين السياسيين.

وقالت ميو كو كو وهي من عناصر حرس حيّ في وسط رانغون "لا نثق بأحد في الوقت الراهن، خصوصاً بالذين يرتدون البزات".

وصدرت تنديدات دولية كثيرة بشأن الوضع في بورما في الأسبوعين الأخيرين إلا أنها لم تؤد إلى تغيير موقف الانقلابيين.

ويؤكد المجلس العسكري أنه تسلم السلطة محترما الدستور وأمر الصحافيين في البلاد التوقف عن الحديث عنه على أنه "حكومة انقلابية".

أكد بيان وجهته السبت وزارة الاعلام إلى نادي المراسلين الأجانب "نحذر (...) الصحافيين ووسائل الاعلام من الكتابة بغية إثارة اضطرابات عامة". وطلب أيضا من الصحافيين احترام "اخلاقيات وسائل الاعلام" عندما يغطون الأحداث في البلاد.

ودعا اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الجمعة العسكريين إلى الإفراج فورا عن كل الأشخاص "المعتقلين تعسفيا" ومن بينهم أونغ سان سو تشي وإعادة السلطة إليهم.

ونظمت تظاهرات تضامن مع البورميين في تايلاند المجاورة التي تضم جالية كبيرة من العاملين الوافدين من بورما، فضلا عن الولايات المتحدة واليابان وأستراليا.

إلا أن الحلفاء التقليديين للجيش البورمي لا سيما روسيا والصين دعوا إلى عدم التدخل في "شؤون بورما الداخلية".