رانغون: قتل متظاهر ضد الانقلاب العسكري في بورما برصاص قوات الأمن الأحد، في الوقت الذي أكدت فيه الحكومة الاسترالية انها تقدم المساعدة لإثنين من مواطنيها اعتقلوا خلال محاولتهم مغادرة يانغون.

وتشهد بورما حالة من الاضطراب منذ إطاحة الجيش بالزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي الشهر الماضي، ما أدى الى اندلاع احتجاجات على مستوى البلاد تطالب بعودة الديموقراطية.

وردت القوات الأمنية باستخدام القوة المفرطة والذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في محاولة لوقف التظاهرات.

وأفاد شهود عيان وكالة فرانس برس أن رجلا قتل الاحد في مدينة مونيوا في وسط البلاد وأصيب شخصان على الأقل في اشتباك مع قوات الامن.

وقال أحد السكان لفرانس برس "شاهدت أشخاصا يحملون رجلا أصيب بالرصاص وفارق الحياة"، مضيفا أن الجثمان نقل الى مستشفى محلي.

وأضاف "استخدموا قنابل صوتية والغاز المسيل للدموع (...) لاحقا أخذوا يطلقون النار. لا أعرف ان كان الرصاص الذي أصاب رأس الرجل الذي توفي من النوع الحي أو المطاطي".

استراليان قيد التوقيف

أكدت وزارة الخارجية الأسترالية الأحد أنها تقدم مساعدة قنصلية لإثنين من مواطنيها في بورما.

وقال متحدث "بالنظر الى الخصوصية التي تحيط بعملنا، لن نقدم تفاصيل إضافية".

وأفيد أن المستشار في مجال الأعمال ماثيو أوكاين وكريستا آفري الذي يحمل كذلك الجنسية الكندية، موجودان حاليا قيد الإقامة الجبرية بعد محاولتهما مغادرة البلاد على متن طائرة مساعدات الجمعة.

ويدير الرجلان شركة استشارية متخصصة في يانغون.

وهناك استرالي ثالث لا يزال قيد الاحتجاز هو الاقتصادي شون تيرنل الذي كان يعمل مستشارا لسو تشي واعتقل بعد اسبوع من الانقلاب.

ولم يمنع العنف خلال نهاية الاسبوع المتظاهرين المؤيدين للديموقراطية وبينهم عدد كبير من الأطباء والممرضين من التظاهر فجرا في ماندالاي، العاصمة الثقافية لبورما وثاني اكبر مدنها، حاملين لافتات كُتب عليها "أنقذوا مستقبلنا" و"أنقذوا قائدتنا" أونغ سان سو تشي التي يحتجزها الجيش في مكان سرّي منذ 49 يوماً.

ولاحقا وضع متظاهرون لافتات تحمل كتابات معارضة للانقلاب في حاويات زهور تمتد على طول أحد الشوارع.

وقال طبيب في ماندالاي إنه بحلول بعد الظهر اشتعلت النيران في التحصينات التي أقامها المتظاهرون وجرى إطلاق نار في الشوارع أدى الى إصابة أربعة أشخاص على الأقل.

وكانت ماندالاي مسرحا لبعض أسوأ أعمال العنف من قبل الشرطة والجنود منذ الانقلاب.

وجاءت الاحتجاجات بعد يوم من تأكيد مجموعة مراقبة محلية مقتل أربعة متظاهرين على يد قوات الأمن في أنحاء مختلفة من البلاد.

"أنت بطل حقيقي"

وكتب محتجّون على مواقع التواصل الاجتماعي "سنناضل حتى النهاية" و"لا نخاف من الدماء" التي يتسبب بها قمع الجيش.

وقُتل نحو 250 مدنياً على أيدي قوات الأمن منذ الانقلاب، بحسب لجنة مساعد السجناء السياسيين. وقد تكون الحصيلة أكبر بكثير إذ إن مئات الأشخاص الذين أوقفوا في الأسابيع الأخيرة، مفقودون حالياً.

في رانغون العاصمة الاقتصادية للبلاد، لا يزال الوضع متوتراً منذ أن فُرض على مليونين من أصل سكانها الخمسة ملايين الأحكام العرفية.

وغرقت بعض الأحياء في الفوضى في الأسابيع الأخيرة، مع متظاهرين يلقون مقذوفات وقنابل مولوتوف على قوات الأمن التي تطلق الرصاص الحيّ.

يحاول بعض البورميين أيضاً مغادرة البلاد. وتتوقع تايلاند تدفق عدد من اللاجئين وسبق أن استقبلت الهند مئات البورميين.

ودفن المشيعون في المدينة جثمان شاب يبلغ من العمر 26 عاما توفي يوم السبت أثناء احتجازه بعد إطلاق النار عليه واعتقاله في الليلة السابقة.

ونشر مقطع فيديو لوالدته خلال الجنازة على مواقع التواصل الاجتماعي تقول فيه "أنا فخورة حقا بما فعلته من أجل الديموقراطية وهذا البلد"، مضيفة "أنت بطل حقيقي".

وايضا جرت مراسم دفن مار لا وين وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ 38 عاما في مدينة تقع في وسط بورما. وقال زوجها الذي تمكن من الاختباء، لوكالة فرانس برس "كانت خرجت قبل لحظات من منزلنا. سمعتهم يطلقون النار وسقطت أرضاً".

وأضاف "عندما ذهبتُ إلى المشرحة لاستلام جثّمانها، كانت جثتها مغطاة بجروح، لا أعرف إذا عذّبوها".

ولم يردّ الجيش على محاولات فرانس برس التواصل معه.

أشغال شاقة

يتواصل القمع أيضاً على الصعيد القضائي مع توقيف أكثر من 2300 شخص.

ودانت محكمة عسكرية ثلاثة رجال من ضاحية هلاينغ ثاريار في رانغون التي شهدت في الأسابيع الأخيرة مقتل عشرات المتظاهرين، بالسجن ثلاث سنوات مع أشغال شاقة، بحسب وسائل إعلام حكومية.

واتُهم مسؤولون في الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية، حزب الزعيمة أونغ سان سو تشي، بـ"الخيانة العظمى"، وهو جرم تصل عقوبته إلى السجن 22 عاماً.

وتواجه الزعيمة السابقة البالغة 75 عاماً، اتهامات بالفساد ووُجّهت إليه تهم أخرى. وفي حال أُدينت، تواجه عقوبة بالسجن لسنوات طويلة وستُمنع من التعاطي بالشأن السياسي.

وتتزايد الإدانات الدولية التي يتجاهلها العسكريون.

ويُتوقع أن يفرض الاتحاد الأوروبي الاثنين عقوبات على 11 ضابطاً بورمياً متورطاً في القمع.

وتنغلق بورما على نفسها يوما بعد يوم. ولا تزال خدمات الانترنت على الهواتف المحمولة مقطوعة وكذلك شبكات الانترنت اللاسلكي، وحدها الصحف الرسمية لا تزال متاحة.