"إيلاف" من لندن : أعلنت منظمة اليونسكو التابعة للامم المتحدة الجمعة عن التصميم الفائز لاعادة بناء جامع النوري الكبير في مدينة الموصل العراقية الشمالية الذي دمره تنظيم داعش عام 2017 لتتولى الامارات إعادة بنائه.

وقالت اليونسكو في تقرير تسلمت نصه "ايلاف" ان ثمانية معماريين مصريين قد فازوا في المسابقة الدولية لإعادة إعمار مجمع مسجد النوري التاريخي في الموصل العراقية (375 كم شمال بغداد) وهو أحد المكونات الرئيسية لمشروع المنظمة الطموح لإعادة تأهيل المدينة القديمة من الموص تحت شعار "إحياء روح الموصل".

تعزيز المصالحة والتماسك

وتم اختيار التصميم الفائز من بين 123 مشاركة وقد قدمه فريق من أربعة شركاء صلاح الدين سمير هريدي ، رئيس الفريق ، خالد فريد الديب ، شريف فرج إبراهيم. وطارق علي محمد وأربعة مصممين معماريين نهى منصور ريان وحاجر عبد الغني جاد ومحمود سعد جمال ويسرا محمد الباحة.

وأشارت المنظمة الى ان إعادة بناء مجمع مسجد النوري وهو موقع تاريخي يشكل جزءًا من نسيج الموصل وتاريخها ، سيكون علامة بارزة في عملية تعزيز المصالحة والتماسك الاجتماعي في المدينة التي مزقتها الحرب. وقالت أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو يعد اختيار التصميم الفائز "المواقع التراثية والمعالم التاريخية هي محفزات قوية لشعور الناس بالانتماء والمجتمع والهوية..إنها مفتاح لإحياء روح الموصل والعراق ككل".

ومن جانبها اوضحت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب بدولة الإمارات العربية المتحدة انه في عام 2018 "أخذت دولة الامارات زمام المبادرة وانضمت إلى اليونسكو في هذا المسعى التاريخي ، المستوحى من تاريخ وإرث الموصل ومرونة وقوة شعبها لقد قربنا بلوغ هذا الإنجاز الهام من تحقيق الالتزام المشترك لاستعادة التماسك الاجتماعي وروح الأخوة والتسامح في الموصل مرة أخرى".

إنجاز المشروع أواخر عام 2021
واضافت اليونسكو ان الفائزين ، مهندسون معماريون متمرسون يتمتعون بسجل حافل في إعادة تأهيل التراث والتخطيط الحضري والعمارة القائمة على المناخ ، سينتجون الآن تصميمًا أكثر تفصيلاً لإعادة إعمار مجمع النوري ، بهدف بدء بنائه في أواخر خريف 2021.

ويتضمن المشروع إعادة بناء مصلى النوري التاريخي والتكامل العضوي للمجمع وهو أكبر مساحة عامة في مدينة الموصل القديمة ، في محيطه الحضري من خلال الأماكن العامة المفتوحة مع خمس نقاط دخول من الشوارع المحيطة بينما ستبدو قاعة الصلاة كما كانت قبل هدم مسجد النوري عام 2017 من قبل تنظيم داعش.
وسيشهد الموقع تحسينات ملحوظة في استخدام الضوء الطبيعي والمساحات الموسعة للنساء وكبار الشخصيات ، والتي ستتصل بالقاعة الرئيسية من خلال فتحة شبه مغطاة. يمكن أن يكون أيضًا بمثابة مساحة مفتوحة للصلاة.
كما سيشمل المشروع الفائز أيضًا إنشاء حدائق مغلقة تستحضر ذكرى المنازل والحدائق التاريخية التي كانت تقع حول قاعة الصلاة قبل إعادة تصميمها في عام 1944.

مشروع لاحياء النفوس
ولدى الاعلان عن الفائزين في التصميم أصدر الفريق الفائائز بيانًا يرحب بنتائج المسابقة قائلاً "عمل فريقنا بشغف كبير لتقديم مشروع يتناول بشكل أساسي الحاجة إلى التماسك الاجتماعي وإحياء النفوس. نحن نتطلع إلى استكمال التصميم والمساعدة في إحياء مدينة الموصل القديمة".
وسيحصل صلاح الدين سمير هريدي وفريقه عن التصميم الفائز جائزة قدرها 50 ألف دولار وسيتم منحه عقد التصميم التفصيلي للمجمع . كماسيتم منح الفائزين بالمركز الثاني جوائز تقديراً لعملهم ، وسيتم منح 30 ألف دولار لفريق من الهند ، تليها 20 ألف دولار للمشاركة من إسبانيا ، و 15 ألف دولار لفريق في الولايات المتحدة ، و 10 آلاف دولار لفريق من المهندسين المعماريين من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وفرنسا وتركيا ولبنان.

دعم إماراتي
وكانت مسابقة التصميم الدولية لإعادة إعمار وتأهيل مجمع النوري في الموصل قد انطلقت في تشرين الثاني نوفمبر عام 2020 من قبل اليونسكو وتم الإعداد للمسابقة بالتنسيق الوثيق مع وزارة الثقافة العراقية والوقف السني العراقي وبدعم من دولة الإمارات وجميعهم أعضاء في اللجنة التوجيهية المشتركة للمشروع.

وتعد إعادة بناء مجمع النوري جزءًا من مبادرة اليونسكو الرئيسية إحياء روح الموصل والتي تم إطلاقها في عام 2018 وتتعلق بإعادة تأهيل النسيج التاريخي لمدينة الموصل القديمة ، وإحياء الحياة الثقافية للمدينة و تعزيز نظامها التعليمي لضمان جودة التعليم للجميع.

وقد طلبت اللجنة التوجيهية المشتركة للمشروع والمسابقة المعمارية الدولية لمجمع النوري من المشاركين الحفاظ على أجزاء المصلى التي نجت من التدمير عام 2017 ودمجها في المباني الجديدة. كما دعت إلى إعادة تأهيل الصروح التاريخية كجزء من الموقع الطبيعي الجديد. ومن خلال إنشاء مساحات جديدة مخصصة للمجتمع - للتعليم والأنشطة الاجتماعية والثقافية - سيخدم المشروع سكان الموصل بطرق تتجاوز وظيفته الدينية الرئيسية.

الزنكي شيد جامع النوري والبغدادي فجره
يشار الى ان جامع النوري الكبير في الموصل قد بني في عام 1173 من قبل نور الدين زنكي بعد ان سيطر على المدينة وهو من مساجد العراق التاريخية ويقع في الساحل الأيمن للموصل وتسمى المنطقة المحيطة بالجامع محلة الجامع الكبير.

وتردد اسم الجامع في الاخبار كثيرا بعد استيلاء تنظيم داعش الارهابي على الموصل في حزيران يونيو عام 2014 حيث القى من منبره زعيم التنظيم ابو بكر البغدادي خطبته التي اعلن فيها قيام "دولة الخلافة" ثم قام مسلحو التنظيم بتفجيره. ويشتهر الجامع بمنارته المحدَّبة، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي. وعادة ما تقرن كلمة الحدباء مع الموصل وتعد المئذنة أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة.

بلغ ارتفاع المئذنة عند انشائها 45 مترا وكانت مستقيمة تماما ولكن في الوقت الذي شاهدها الرحالة ابن بطوطة في القرن الـ 14، كانت بدأت بالميلان وحصلت على لقبها "الحدباء." وكان نورالدين زنكي، المولود في الموصل في عام 1118، هو ابن عماد الدين زنكي أمير دمشق وملك الدولة الزنكية.

وخضع الجامع والمدرسة الملحقة به لعملية تجديد وترميم من قبل الحكومة العراقية في عام 1942، ولكن المئذنة لم ترمم وفي عام 1981 استقدمت شركة ايطالية وكلفت بتثبيتها إلا ان المئذنة تعرضت للمزيد من الضرر ابان الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات اذ تسبب القصف الجوي الايراني في تكسر انابيب الماء الموجودة تحت اسسها مما اضر بهذه الاسس حيث زاد ميلان المئذنة بحوالي 40 سنتمترا منذ ذلك الحين.