اديس ابابا: مرّت ستة شهور على إرسال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد قوات إلى تيغراي في إطار حملة عسكرية تعهّد بأن تكون سريعة ومحددة الأهداف.

لكن العنف يتواصل بينما يتحدث تقرير تلو الآخر عن مجازر وجرائم اغتصاب واتّساع رقعة الجوع.

أرسل أبيي الذي منح جائزة نوبل للسلام عام 2019، قوات إلى الإقليم الواقع في أقصى شمال إثيوبيا في نوفمبر لاعتقال ونزع سلاح قادة جبهة تحرير شعب تيغراي، الحزب الحاكم للإقليم الذي هيمن على الحياة السياسية في البلاد على مدى ثلاثة عقود.

وأفاد أن الخطوة جاءت ردا على هجمات جبهة تحرير شعب تيغراي المتكررة على معسكرات للجيش. كما أعقبت أشهرا من التوتر، شملت إجراء تيغراي انتخابات غير مصرّح بها.

ونفت جبهة تحرير شعب تيغراي في البداية بأن تكون أطلقت أولى الطلقات واتّهمت أبيي بالسعي لغزو المنطقة.

بعد أسابيع من الضربات الجوية والقتال العنيف، سيطرت القوات الفدرالية على عاصمة الإقليم ميكيلي في أواخر نوفمبر.

وأعلن أبيي النصر بينما قللت حكومته من احتمال أن تكون جبهة تحرير شعب تيغراي قادرة على القيام بتمرّد.

لكن القتال لم ينتهِ.

وفي تصريحات أدلى بها لدبلوماسيين في ميكيلي في آذار/مارس، تحدّث القيادي في تيغراي الجنرال يوهانس غيبريمسكل تيسفاماريام عن "حرب قذرة" بلا جبهات تتسبب بالمعاناة لـ"ضحايا عزّل".

وأفاد أبيي في وقت سابق هذا الشهر أن الجيش الإثيوبي يحارب "على ثماني جبهات" في بؤر توتر بينها تيغراي، حيث تبنّى مقاتلون موالون لجبهة تحرير شعب تيغراي تكتيكات "حرب العصابات".

وأشار آخر تحديث نشرته الأمم المتحدة الثلاثاء عن الوضع في تيغراي إلى "أعمال عدائية نشطة تم تسجيلها في وسط وشرق وشمال غرب المنطقة".

وقال المفوض الأوروبي لشؤون إدارة الأزمات يانيز لينارتشيتش لفرانس برس إن "القتال لا يزال متواصلا ويبدو حتى أنه يزداد حدة في بعض المناطق، ما يجعلني أعتقد أنه على ما يبدو لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذا النزاع".

اعتمد الجيش الإثيوبي على قوات من من إقليم أمهرة، جنوب تيغراي، لإحكام السيطرة على غرب وجنوب تيغراي بعدما فرّت قوات جبهة تحرير شعب تيغراي.

ولم تخفِ الحكومة في أمهرة خططها لضم هذه الأراضي، التي تتهم جبهة تحرير شعب تيغراي بألحاقها بالإقليم المضطرب عندما تولت السلطة مطلع تسعينات القرن الماضي.

وأفاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الكونغرس عن "تطهير عرقي" في غرب تيغراي مع طرد سلطات أمهرة سكان تيغراي، وهو أمر تنفيه أمهرة والمسؤولين الفدراليين على حد سواء.

كما تلقى أبيي دعما من الجيش الإريتري، المتهّم بارتكاب بعض أسوأ الفظائع التي شهدها النزاع، بما في ذلك عمليات اغتصاب جماعية ومجازر أودت بالمئات.

ونفى البلدان دور إريتريا حتى أواخر آذار/مارس عندما اعترف أبيي بالأمر أخيرا أمام النواب.

وأفاد حينها أن الإريتريين سينسحبون، لكن الأمر لم يحدث حتى الآن رغم المناشدات الدولية العديدة لذلك.

وفي الأثناء، لا يزال قادة جبهة تحرير شعب تيغراي فارين ويشيرون إلى أن قواتهم تستعيد زخمها كما أنهم يجنّدون عناصر من أهالي تيغراي الذين تضرروا جرّاء النزاع.

وتصعّب القيود المتواصلة على وسائل الإعلام مهمة التحقق بشكل مستقل من صحة هذه الادعاءات.

أقّر مجلس الأمن الدولي بالإجماع الأسبوع الماضي أول بيان له بشأن النزاع، معربا عن "قلقه العميق" حيال الانتهاكات واتساع نطاق الانتهاكات لحقوق الإنسان ودعا إلى تكثيف الاستجابة الإنسانية.

وجاء ذلك بعدما فشلت عدة اجتماعات عقدت في تشرين الثاني/نوفمبر في التوصل إلى أي نتائج ملموسة.

في الولايات المتحدة، أشاد وزير الخارجية الأميركي السابق مايك يومبيو في إحدى المرّات بقدرة إريتريا على "ضبط النفس" لكن سلفه بلينكن طالب مرارا بانسحاب القوات الإريترية.

كما عيّنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مبعوثا خاصا إلى القرن الإفريقي هو الدبلوماسي المخضرم جيفري فيلتمان.

وأعلن الاتحاد الأوروبي في كانون الأول/ديسمبر أنه سيؤجّل تقديم مبلغ قدرة نحو 90 مليون يورو (109 مليون دولار) كان مخصصا لدعم إثيوبيا.

وأفاد لينارتشيتش فرانس برس أن التمويل لن يستأنف ما لم يسمح بوصول المجموعات الإغاثية من دون عراقيل وفي غياب تحقيق "مستقل وذو مصداقية" في الانتهاكات لحقوق الإنسان التي ارتُكبت خلال النزاع. وأما الاتحاد الإفريقي فالتزم الصمت نسبيا منذ دعا إلى وقف الأعمال العدائية في تشرين الثاني/نوفمبر.

ورفض أبيي دعوات كبار مبعوثي الاتحاد الإفريقي لإجراء محادثات مع قادة تيغراي، مصرّا على أن النزاع ليس إلا عملية لحفظ "القانون والنظام".

شكّل القتال في تيغراي ضربة لموسم الحصاد في منطقة كانت تعاني في الأساس من انعدام للأمن الغذائي. وتقدّر حكومة مؤقتة عيّنها أبيي أن نحو 4,5 ملايين شخص باتوا بحاجة إلى مساعدات غذائية.

وحذّرت الأمم المتحدة الثلاثاء من أنه "من المتوقع أن يتدهور الوضع أكثر مع تواصل النزاع وعرقلته موسم الزراعة المقبل".

وأفاد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك مجلس الأمن الدولي في 16 نيسان/أبريل أنه تلقى تقارير تشير إلى أن 150 شخصا "يموتون من الجوع" في منطقة تقع في جنوب تيغراي.

ولم يكن من الممكن التأكد من هذا الرقم فيما ردت إثيوبيا أن أحدا لم يمت جوعا خلال الحرب.

بدورها، كشفت تقارير حكومية اطلعت عليها فرانس برس هذا الأسبوع أن القوات الإريترية تمنع وصول المساعدات الغذائية وتنهبها في تيغراي.