ايلاف من الرياض: أجرت السعودية تعديلاً للائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر إذ شمل القرار تطبيق مبدأ الرقابة اللاحقة على جميع المطبوعات الخارجية والفسح الفوري للمؤلفات المكتوبة من الخارج، إضافة إلى اعتماد مادة جديدة في اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر بعنوان «ضوابط إجازة الكتب غير الورقية المنشورة خارجياً» تحت فصل المطبوعات الخارجية.

إيلاف تحدثت مع المثقفين والأدباء السعوديين الذين باركوا خطوة وزارة الإعلام وهيئة الإعلام المرئي والمسموع بتعديل اللائحة التنفيذية مؤكدين انعكاسها إيجاباً على هامش الحرية كما ستثري منافذ التوزيع السعودية بالمحتوى المتميز فور صدوره علاوة على رفد الساحة الثقافية بالإنجازات المتنوعة.

وصول إلى الداخل بسرعة

وفي هذا الصدد، قال الشاعر السعودي جاسم الصحيح، إن القرار سوف يتيح الفرصة للكتب المطبوعة في الخارج كافة للوصول إلى الداخل بسرعة، دون وجود حجر عثرة رقابية في طريقه قد تعيق حركته، أو تعطله، أو تؤجله، أو تمنع دخوله في نهاية المطاف.

وأشار إلى أن هذا القرار يحمل في طياته مساحة كبيرة من الحرية تتجلى على القارئ منذ القراءة الأولى، ولكن حينما نتعمق فيه نكتشف أنه يلقي بالمسؤولية الكبرى على الناشر أو الموزِّع فهو الذي يتحمل مضامين هذا الكتاب.

مزيد من المسؤولية

وطالب الشاعر الصحيح بضرورة أن تكون لدى الناشر - الموزِّع رقابة ذاتية على جميع الكتب التي سيطبعها لكيلا يقع في فخّ القرار إذا لم يكن كفؤا لمسؤولية الرقابة الذاتية الملقاة على عاتقه، مبيناً أن الحرية هنا تعني مزيداً من المسؤولية وليس مجرد العبث والتسلية.

ويعتبر الشاعر السعودي هذا القرار أنه سيرفع سقف الحرية لانتشار الكتاب في المملكة، لكنه يرجو ألا تكون الرقابة اللاحقة مجرد" شكلية" تحاسب على أدقّ التفاصيل، وتعنى بالظاهر من القول، إذ يرى أن مثل هذه الرقابة الصارمة سوف تعيدنا للمربع الأول الذي يجب أن نكون قد تجاوزناه بهذا القرار الجديد، فنكون حينها كما قال المثل "كأنك يا بو زيد ما غزيت"، على حد وصفه.

نقلة نوعية

القاص والكاتب السعودي محمد علوان من جهته عبر عن هذا القرار بقوله: أبارك هذه النقلة النوعية كما نطالب بالمزيد للكاتب والناشر فهم أبناء الوطن وعلينا أن نثق بقدراتهم لخدمته والرفع من شأنه.

وأشار إلى أن فكرة رفع الرقابة تضع الكاتب والناشر عند حدود المنطقية والمسؤولية الوطنية، فهذا العصر التقني تجاوز العديد من الحواجز إذ يعد أمراً غير منطقي أن يمكث الكتاب أسيراً لرقيب تجاوزه الزمن والأحداث المتسارعة، مطالباً الابتعاد عن البيروقراطية والنمطية.

ولفت إلى أننا نحن في زمن "محمد بن سلمان" مُشعل الرؤية وقائدها على كافة الأصعدة، والإعلام واحد من هذه المجالات التي يجب على قادته الوصول إلى التميز.

وفي السياق ذاته، يعتقد الأديب السعودي جبير المليحان أن دور الرقيب في طريقه للاضمحلال، واصفاً قرار الإعلام السعودي بالجميل، حتى وإن جاء متأخرًا جداً؛ فحصون الرقابة تهاوت منذ زمن بين الحدود، وأصبح العالم بيتاً واحداً، مضيفا "أنت في منزلك تستطيع أن تشاهد ما يحدث في العالم، وفي نفس اللحظة من أحداث، وكتب وفعاليات. لا معنى أن تكون هناك رقابة غير رقابة الضمير، وما يؤمن به الإنسان دون إكراه".

وأشار إلى أن "العالم في طريقه للنضج، والقيم والمبادئ متاحة لكل من يملك القدرة على الاختيار، والقناعة بما يؤمن به.. نتمنى أن تزال بقية حواجز الرقابة والحجز (كحجز بعض الصحف، والمجلات والمقالات) بالرغم من أن كل الوسائل لتعدي ما يحجب أصبحت متاحة وميسرة".

رؤية السعودية الجديدة

من ناحيتها، ترى الأديبة السعودية ليلى الأحيدب أن هذا القرار يتماشى مع رؤية السعودية الجديدة كما يتزامن مع الخطى السريعة والواثقة التي يقطعها الوطن نحو التغيير إلى الأفضل.

وتقول الروائية الأحيدب، لاشك إنه قرار الحرية للكلمة وللكتاب، الحمدالله أننا تخلصنا من غزوات معارض الكتب ولم يعد هناك أوصياء يدخلون إليها ليصادروا ما شاءوا كما كان في السنوات الماضية، إذ إن الكتاب هو بوابة التغيير ولا يفترض خضوعه للرقابة والتحقيق.

وأشارت إلى أن هذا القرار سينمح حركة النشر فضاءات كبرى لا مكان فيها للتضييق والتشدد، مضيفة أنها خطوة أولى نتمنى أن يتبعها خطوات في تغيير مفهوم الرقابة بحد ذاته خاصة في زمن بات يمكن القارئ وصوله للكتاب الذي يريد بضغطة زر.

تطبيق مبدأ الرقابة اللاحقة

يذكر أن وزارة الإعلام والهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع عدلت اللائحة التنفيذية لنظام المطبوعات والنشر لتتيح للقطاعين الخاص والعام الفسح الفوري المباشر للمؤلفات المكتوبة وتطبيق مبدأ الرقابة اللاحقة إضافة إلى خدمة الفسح الفوري المباشر للمطبوعات الخارجية الإلكترونية.