واشنطن: عزّز سلاح البحرية الأميركي مراقبة غواصاته بعدما تبيّن أنّ عالمة معادن سابقة لشركة كانت تزوّد السفن الفولاذ، زوّرت نتائج اختبارات متانتها.

واعترفت المهندسة المتخصّصة بالمعادن أمام محكمة في ولاية واشنطن بأنّها تلاعبت لمدة ثلاثين عامًا باختبارات متانة الغواصات لسلاح البحرية الأميركي التي بُنيت على حد قولها، بمواد غير مطابقة المواصفات المطلوبة وليس بفولاذ يفترض أن يكون مقاومًا بدرجة كبيرة عند الغوص وفي مواجهة درجات حرارة قصوى.

وذكرت وزارة العدل الأميركية في بيان أنّ إيلين توماس (67 عامًا) أقرّت الإثنين بالتهم الموجّهة إليها في قضية احتيال كبير في محكمة في الولاية الواقعة في شمال غرب البلاد، لتزويرها هذه الإختبارات عبر إخفاء حقيقة أنّ الفولاذ الذي تمّ سكبه في مصنعها لا يتطابق مع المعايير التي حدّدها البحرية الأميركية.

وكانت إيلين توماس واحدة من أوائل المهندسات المتخصّصات بالمعادن في البلاد في سبعينات القرن الماضي وعملت في اختبارات شركة "برادكن" في تاكوما إحدى ضواحي سياتل.

وقد يحكم عليها بالسجن عشر سنوات ودفع غرامة مقدارها مليون دولار عندما يعلن القاضي بنجامين سيتل قراره في 14 شباط/فبراير المقبل.

ويقع هذا المصنع لصب الفولاذ قرب قاعدة "كيتساب" للغواصات الكبيرة. وهو الوحيد في البلاد القادر على إنتاج فولاذ قوي بدرجة كافية لتلبية متطلّبات البحرية الأميركية، وتلجأ إليه المجموعات الكبيرة للصناعات الدفاعية التي تبني الغواصات الهجومية الأميركية مثل "جنرال دايناميكس" و"هانتيغتن إينغالز أنداستريز".

وفي كل مرة يتم فيها صب الفولاذ للغواصات يجب سكب جزء من المعدن في قالب اختبار بسماكة مماثلة لأجزاء هيكل الغواصة التي يراد تقويتها لتحمّل الضغوط الهائلة من أعماق البحار.

ويجري بعد ذلك تحليل قالب الإختبار هذا للتأكّد من أنّ كل منتج مطابق للمعايير الصارمة التي وضعتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون).

تلاعب بالنتائج

لكن بين 1985 و2017، سنة تقاعد توماس، لم يحقّق نصف القوالب التي أنتجها مصنع تاكوما هذه المعايير لكن المهندسة حسّنت النتائج التي تم الحصول عليها من خلال تصحيح الأرقام يدويًّا.

وأوضحت توماس أنها قامت بذلك في بعض الحالات لأنها اعتقدت أنه من "الغباء" أن تطلب البحرية الأميركية إجراء اختبارات لمئة درجة تحت الصفر فهرنهايت (73 درجة مئوية دون الصفر).

وفي حالات أخرى، أوضحت أنها استخدمت "حكمها كمهندسة" وصحّحت رقمًا واحدًا لأنّ الأرقام الأخرى بدت سليمة.

وعملت توماس في مصنع تاكوما من 1977 إلى أيار/مايو 2017 وعُينت مديرة لقسم المعادن في 2009.

واكتشف التزوير عندما قلّصت توماس حجم عملها قبل التقاعد وقام متدرّب بمراجعة اختباراتها وأبلغ إدارة المصنع. واعترفت شركة برادكن في حزيران/يونيو 2020 بمسؤوليتها ووافقت على دفع غرامة مقدارها 11 مليون دولار.

الإحتيال على البحرية الأميركية

وتنصّ لائحة الإتّهام على أنّ إيلين توماس "أنشأت واستخدمت نظامًا بقصد الإحتيال على البحرية الأميركية (...) وزوّرت نتائج أكثر من 240 منتجًا للصلب وهذا يشكل جزءًا كبيرًا من إنتاج برادكن من الفولاذ للبحرية".

وتفيد دعوى الحكومة بأنّ "بيانات توماس الكاذبة وتحريفها للحقائق أدّيا إلى قيام الشركة المتعاقدة الرئيسية بتركيب مكوّنات دون المستوى على الغواصات البحرية، وبقبول البحرية لتلك الغواصات ووضعها في الخدمة، ما يعرّض أفراد البحرية والعمليات البحرية للخطر".

وفي دفاعها عن نفسها، أكّدت توماس أنّها "لم يكن لديها نية يومًا بالمساس بسلامة المادة". وعبّرت عن "ارتياحها لأنّ الإختبارات الحكومية لا تشير إلى أنّ السلامة البنيوية لأيّ غواصة تعرّضت في الواقع للخطر"، حسب هيئة الدفاع.

لكن وزارة العدل الأميركية رأت أنه كان على سلاح البحرية الأميركي "اتخاذ إجراءات مهمة لضمان سلامة الغواصات المتضرّرة".

وامتنعت البحرية الأميركية عن الإدلاء بأي التعليق، لكن وزارة العدل قالت إنّ البحرية "اتّخذت خطوات مكثّفة لضمان التشغيل الآمن للغواصات المتضرّرة". وأضافت أنّ "هذه الإجراءات ستؤدّي إلى زيادة التكاليف والصيانة مع مراقبة الأجزاء التي لا تتطابق مع المعايير".

وبين 1985 و2017، استحوذ البنتاغون على عشرات الغواصات ما زال نحو أربعين منها في الخدمة.