واشنطن: اتّهم الرئيس الأميركي جو بايدن سلفه دونالد ترامب الخميس بمحاولة منع الانتقال السلمي للسلطة في السادس من كانون الثاني/يناير 2021، بعدما خسر الانتخابات الرئاسية.

وقال بايدن في خطاب في الذكرى السنوية الأولى للهجوم على مقر الكونغرس "للمرة الأولى في تاريخنا، لم يخسر رئيس انتخابات فقط، بل حاول منع الانتقال السلمي للسلطة بينما انتهكت عصابة عنيفة حرمة الكابيتول". وأضاف "لم تكن تلك مجموعة من السياح. كان تمرّدا مسلّحا".

ويرفض بايدن أن "يصبح العنف السياسي هو القاعدة" في الولايات المتحدة، حسب فقرات تم بثها مسبقا من خطاب سيلقيه الخميس في ذكرى مرور سنة على هجوم أنصار دونالد ترامب على مبنى الكابيتول.

ويحذر بايدن في خطابه من أنه "علينا أن نقرر اليوم أي أمة سنكون. هل سنكون أمة تقبل أن يصبح العنف السياسي هو القاعدة؟ هل سنكون أمة تسمح لمسؤولين رسميين محازبين أن يطيحوا بالرغبة التي عبر عنها الشعب بشكل قانوني؟ هل سنكون أمة لا تعيش في ضوء الحقيقة إنما في ظل الكذب؟"

ويضيف الرئيس الأميركي في الخطاب بحسب المقتطفات التي نشرها البيت الأبيض "لا يمكننا تحمل أن نصبح أمة من هذا النوع" وذلك بعد سنة على قيام آلاف من أنصار دونالد ترامب باقتحام الكابيتول في محاولة لمنع الكونغرس من المصادقة على انتخاب بايدن.

وكتب بايدن في تغريدة الخميس "أتوجه إلى الكابيتول هذا الصباح للتحدث عن هذا التمرّد، عن وضع الديموقراطية الأميركية وعن الطريق الذي يجب سلوكه حاليًا".

أثار اقتحام هذا الصرح قبل سنة من قبل مناصري دونالد ترامب صدمة في الولايات المتحدة والعالم، حين حضروا بالآلاف الى المبنى فيما كان مثيرو شغب في الخارج يهاجمون قوات الأمن.

لكن قبل حتى أن يتحدث الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة، أفسد أخصامه الجمهوريون كل محاولة لجعل من اليوم الخميس لحظة وحدة وطنية.

نشر زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل بيانًا اتّهم فيه الديموقراطيين بـ"استغلال" سياسي لذكرى الهجوم على مقر الكونغرس "للترويج لأهداف سياسية حزبية كانت موجودة قبل هذا الحدث" واصفا السادس من كانون الثاني/يناير 2021 على أنه "يوم قاتم للكونغرس ولبلادنا".

عمد بايدن لفترة طويلة الى تجنب ذكر ترامب بالاسم علنا، لكن هذه المرة قرر الرئيس التطرق بشكل علني الى "المسؤولية الخاصة" الخاصة للرئيس ترامب في الفوضى" كما أعلنت الناطقة باسمه جين ساكي الأربعاء.

وقالت "ينظر (بايدن) إلى ما حدث في السادس من كانون الثاني/يناير على أنه تتويج لما ألحقته سنوات حكم ترامب الأربع ببلادنا" موضحة أن "الرئيس بايدن يدرك تماما التهديد الذي يطرحه الرئيس السابق على نظامنا الديموقراطي".

فهل يريد الرئيس أن يضفي طابعا سياسيا وأكثر جدية على ولاية تعطي الانطباع بانها تسجل تراجعا في رصيدها الشعبي.

فبعد أشهر على التركز على السياسة الاقتصادية والاجتماعية، يرى البيت الأبيض أن الكثير من آماله في الإصلاح تتلاشى بسبب العرقلة في البرلمان.

وذلك لتراكم عدة عوامل: سأم كبير في مواجهة موجة جديدة من وباء كوفيد-19 وارتفاع التضخم وذكرى الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.

لكن ما يثير قلقا شديدا هو استطلاع للرأي نشر مؤخرا وأظهر أن 55 % فقط من الأميركيين يعتبرون أن جو بايدن هو الفائز الشرعي في الانتخابات الأخيرة.

فقد لاقت نظرية ترامب بان الانتخابات "سرقت" منه أصداء كما يبدو لدى الأميركيين حيث يواصل الرئيس السابق التأكيد لكن بدون إعطاء أدلة بانه الفائز الفعلي في الانتخابات.

وقد ألغى دونالد ترامب مؤتمره الصحافي الذي كان مقررا الخميس من دارته الفاخرة في منتجع مارالاغو في ولاية فلوريدا، لكنه واصل تصريحاته الهجومية.

وأكد مجددا الثلاثاء من دون أن يقدم اي دليل، أنّ الانتخابات الرئاسية شابتها عمليات "تزوير" معتبرا أنها "جريمة القرن" رغم أن المرشح الجمهوري تقدم عليه بأكثر من سبعة ملايين صوت.

من جانب الجمهوريين، فان الاستراتيجية ستكون البقاء بعيدا عن الاضواء فيما قلة هم الذين يجرؤون على انتقاد ترامب بشكل علني.

وكان زعيم المحافظين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل اعتبر في شباط/فبراير 2021 ان الرئيس السابق "مسؤول معنويا" عن هجوم 6 كانون الثاني/يناير، لكنه الخميس لن يحضر المراسم المقررة في واشنطن بل سيحضر جنازة سناتور أميركي سابق في أتلانتا في جنوب الولايات المتحدة.

من جهته، كتب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي بات يشكل للكثير من الأميركيين سلطة معنوية، في مقالة نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز"، أن "أمتنا العظيمة باتت تترنح الآن على حافة هاوية تزداد عمقا. بدون تحرك فوري، نواجه خطرا جديا بأن نشهد مواجهة مدنية وأن نخسر ديموقراطيتنا الثمينة".

أمام هذه الأمة المنقسمة، يريد بايدن أن يقترح خطوات لتعزيز الديموقراطية الأميركية. يحاول الرئيس بشكل خاص أن يعيد إطلاق نصوص قوانين حول حق الأقليات بالتصويت.

من جانب آخر، يتوجه بايدن الثلاثاء الى ولاية جورجيا (جنوب)، رمز المعارك الماضية والحالية من أجل الحقوق المدنية، للتنديد بـ "المحاولات المنحرفة لتجريد مواطنين شرفاء من حرياتهم الأساسية".

لكن في مواجهة ولايات محافظة في الجنوب التي تكثف من القوانين التي تعقّد وصول الأميركيين المتحدرين من أصول افريقية الى صناديق الاقتراع، فان هامش مناورة بايدن يبدو محدودا.

فالديموقراطيون لا يسيطرون على الكونغرس إلا بغالبية ضئيلة وقد يخسرونها بالكامل في الانتخابات التشريعية في الخريف المقبل.

ويبدو هامش مناورة الرئيس لانقاذ "روح أميركا" كما وعد في حملته الانتخابية محدودا جدا.