فورت مايرز، فلوريدا (الولايات المتحدة): بدأت منطقة جنوب غرب فلوريدا التي دمرها إعصار في الوقوف على قدميها، والعمال الذين ينجزون الأعمال الشاقة، هم إلى حد كبير مهاجرون لا يحملون أوراقا ثبوتية.

تدفّق هؤلاء المهاجرون إلى فلوريدا من ولايات ساحل الخليج الأميركي الأخرى وحتى من المكسيك لتولي العمل.

كثر منهم عمّال رحل دائمون يسافرون من كارثة طبيعية إلى أخرى، يكدحون في النهار وينامون في سيارات وشاحنات في الليل.

منذ ضرب الإعصار إيان جنوب غرب فلوريدا في 28 أيلول/سبتمبر مخلّفا حوالى 125 قتيلا وأضرارا قدرت بعشرات مليارات الدولارات، كان العمال منشغلين بهدم المنازل المتضررة وإزالة الحطام وإصلاح الأسقف وبدء إعادة الإعمار.

وكان إيان إعصارا شديدا من الفئة الرابعة وكانت أعمال إعادة البناء مكثفة وحيوية للتعافي في ولاية يقودها الحاكم رون ديسانتيس الذي قدّم نفسه على أنه مناهض للمهاجرين الذين يقومون حاليا بعملية إعادة الإعمار.

استقدام عمال

وقبل أكثر من أسبوع من هبوب العاصفة، استأجر الحاكم الجمهوري طائرتين لنقل مهاجرين من تكساس إلى مارثا فينيارد، وهي وجهة شهيرة لتمضية العطل في معقل الديموقراطيين، ماساتشوستس.

تصدّرت هذه الرحلات الجوية عناوين الصحف وأضاءت على استياء ديسانتيس والعديد من القادة الجمهوريين الآخرين من الطريقة التي يتعامل بها الرئيس الديموقراطي جو بايدن مع أزمة المهاجرين على الحدود المكسيكية.

فرانسيسكو أنتونيو ريفيرا، وهو من هندوراس يبلغ 46 عاما، ليس معجبا بسياسات ديسانتيس. لكنّ ذلك لم يمنعه من السفر إلى فورت مايرز، مركز المنطقة المتضررة من الإعصار، لتقديم خدماته كعامل بناء.

وقال "اللاتينيون يشكّلون جزءا أساسيا من الولايات المتحدة. ومع ذلك، يتم توقيفنا عند القدوم إلى هنا ويعاملوننا كما يحلو لهم".

لا يحمل ريفيرا أوراقا ثبوتية وعاش لمدة 17 عاما في نيو أورلينز في لويزيانا. لديه خبرة في عمليات إعادة الإعمار بعد الكوارث. فقد عمل في مدينة بنما في فلوريدا بانهاندل بعدما ضرب الإعصار مايكل عام 2018، وفي لويزيانا عام 2021 بعدما ضرب الإعصار إيدا.

في أحد الأيام، لم يحالف ريفيرا الحظ. لم يستدعه أحد للعمل في هذا اليوم. فلم يكن أمامه سوى الانتظار جالسا على الصندوق الخلفي لسيارته.

حوله، يمضي أيضا عشرات اللاتينيين الآخرين الوقت، منتظرين في موقف سيارات متجر لأجهزة الكمبيوتر. يأتي أصحاب منازل ومقاولون في معظم الأيام إلى أماكن مماثلة لتوظيف عمال مياومين.

وقال ساكيت سوني مدير "ريزيلينس" وهي منظمة غير ربحية تساعد المدن الأميركية على التعافي من الكوارث، إن آلاف المهاجرين يكدحون في جنوب غرب فلوريدا حاليا.

القوة العاملة من الرّحل

وأضاف أن هذه القوة العاملة من الرحّل التي تتألف بمعظمها من لاتينيين هي ما "يجعل التعافي ممكنا" بعد الكوارث الطبيعية. وأوضح "يعيدون بناء المنازل والمدارس والمستشفيات".

وتابع أنهم يعملون تحت أشعة الشمس وتحت المطر، يصعدون على الأسطح ويتعاملون مع المنتجات الكيميائية ثم ينامون في الليل في سياراتهم لأنه ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه.

قال خايل كروس البالغ 44 عاما، وهو هندوراسي سافر من تكساس إلى فورت مايرز "عندما نذهب إلى العمل، نفعل ذلك بحماسة ونأمل في المضي قدما".

وأضاف "عندما تأتي من بلد مثل بلدنا، فأنت تبحث عن الحلم الأميركي، والحلم الأميركي هو العمل".

قال سوني إن الرغبة في العمل بدون أوراق، تعرّض العمال لسوء معاملة محتملة من قبل أصحاب العمل، وأحيانا تكون أجورهم منخفضة، مع إعطائهم أقل مما وُعدوا به، كما أنهم يتعرضون لتهديدات بتسليمهم لسلطات الهجرة إذا تقدموا بشكوى.

حصل خوان مارتينيس، وهو مواطن مكسيكي طلب استخدام اسم مستعار خوفا من سلطات الهجرة، على زيارة ودية من عمال "ريزيلينس فورس" قبل أيام.

ومنذ ذلك الحين، يحمل بطاقة تذكره بـ"طلب تقدم بسلفة للعمل المطلوب إنجازه" والتقاط "صور قبل العمل وبعده".

وسافر المكسيكي البالغ 50 عاما من وطنه إلى فورت مايرز عندما سمع بحجم الدمار الذي أحدثه إيان. وقام بالرحلة نفسها للقيام بالأعمال الشاقة بعد إعصاري مايكل وإيدا، وكان يعلم أن فلوريدا ستحتاج إلى مساعدة من بنائين على غراره.

وجد عملا في العديد من المواقع، وقال إن أصحاب المنازل عاملوه حتى الآن بإنصاف.

وأعرب عن أمله في أن يساهم العمل الذي يقوم به والعمال الآخرون، في تغيير نظرة السلطات والسكان في المنطقة.

وقال "نحتاج إليهم وهم يحتاجون إلينا. أود أن يدركوا أننا هنا للمساعدة".