ادنبره: تعهدت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجون الأربعاء تحويل الانتخابات العامة المقبلة في المملكة المتحدة إلى تصويت بحكم الواقع على الاستقلال، بعدما منعت المحكمة العليا في بريطانيا محاولتها إجراء استفتاء جديد دون موافقة لندن.

وقالت ستيرجون إن الحكم الصادر عن المحكمة العليا في لندن يفضح الفكرة القائلة إن اسكتلندا يمكنها الخروج من المملكة المتحدة طوعا.

وأدى الحكم الذي اتخذ بالإجماع إلى نسف مساعي الحكومة القومية في اسكتلندا لإجراء استفتاء ثان في تشرين الأول/أكتوبر المقبل، بعد نحو عقد من اختيار الاسكتلنديين البقاء في المملكة المتحدة قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقالت ستيرجون التي تقود الحزب القومي الاسكتلندي إنها تحترم قرار القضاء، لكنها اتهمت وستمنستر بإبداء "ازدراء" لإرادة اسكتلندا الديموقراطية.

وأشارت في مؤتمر صحافي إلى أن الحكومة ستبحث الآن في استخدام انتخابات المملكة المتحدة المقرر إجراؤها بحلول أوائل العام 2025 ك"استفتاء بحكم الأمر الواقع" على الانفصال بعد أكثر من 300 عام.

وأضافت "سنجد وسيلة ديموقراطية وقانونية ودستورية أخرى يستطيع الشعب الاسكتلندي من خلالها التعبير عن إرادته. في رأيي، قد تكون (تلك الوسيلة) انتخابات".

خارج المحكمة، قال ديفيد سيمبسون (70 عاما) الذي صوت للمرة الأولى لصالح الحزب القومي الاسكتلندي عام 1970، إنه ما زال يأمل في تحقيق الاستقلال في المستقبل.

وأضاف لوكالة فرانس برس "هذه ليست نهاية الطريق. لا يوجد شيء مستحيل".

في إدنبره، قال ناشطون يحملون علم اسكتلندا مكتوب عليه عبارة "اسكتلندي وليس بريطاني"، إن أصواتهم خُنقت.

وقال جيرارد كلارك (74 عاما) "لا أحد يسمح لنا بأن نقول كلمتنا".

مناهضون للاستقلال

لكن هذه المسيرة قوبلت بتجمع حاشد لمناهضين للاستقلال خارج البرلمان الاسكتلندي ملوحين بلافتات كتب على إحداها "نريد البقاء في المملكة المتحدة".

من جهته اعتبر رئيس الحكومة البريطانية ريشي سوناك في مجلس العموم القرار أنه "واضح وحاسم" مضيفا "حان الوقت للسياسيين للعمل معا وهذا ما ستقوم به هذه الحكومة".

لكن قادة الحزب القومي الاسكتلندي قالوا ساخرين إن سوناك يفتقر إلى التفويض الديموقراطي لنفسه بعدما أصبح رئيسا للوزراء فقط من خلال أصوات نواب حزب المحافظين.

وقال رئيس المحكمة العليا الاسكتلندي روبرت ريد إن صلاحية الدعوة إلى استفتاء "حكر على" برلمان المملكة المتحدة بموجب تسوية نقل سلطات معينة في اسكتلندا.

وأضاف "وبالتالي، لا يملك البرلمان الاسكتلندي سلطة تشريع إجراء استفتاء على الاستقلال الاسكتلندي".

وكانت حكومة إدنبره تريد إجراء تصويت في تشرين الأول/أكتوبر من العام المقبل على سؤال "هل ينبغي أن تكون اسكتلندا دولة مستقلة؟".

لكن حكومة المملكة المتحدة التي تشرف على الشؤون الدستورية للبلاد، رفضت مرارا منح إدنبره سلطة إجراء استفتاء.

وهي تعتبر أن آخر استفتاء أجري في العام 2014، عندما رفض 55 في المئة من الاسكتلنديين الاستقلال، حسم السؤال لجيل كامل.

لكن ستيرجون وأعضاء حزبها يقولون إن لديهم الآن "تفويضا لا جدال فيه" لاستفتاء آخر على الاستقلال، لا سيما في ضوء خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.

عارض معظم الناخبين في اسكتلندا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ولكن، وللمرة الأولى، فازت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في اسكتلندا أغلبية من النواب المؤيدين للاستقلال.

وتشير استطلاعات الرأي إلى تقدم طفيف لمؤيدي الاستقلال.

أراد محامو الحكومة الاسكتلندية إصدار حكم بشأن حقوق البرلمان المفوّض في إدنبره إذا استمرت لندن في عرقلة استفتاء على الاستقلال.

وكانت الحكومة الاسكتلندية تسعى إلى إنشاء إطار قانوني خاص بها لإجراء استفتاء آخر مجادلة بأن "الحق في تقرير المصير هو حق أساسي وثابت".

لكن المحكمة العليا رفضت المقارنات الدولية التي أثارها الحزب القومي الاسكتلندي والتي شبهت اسكتلندا بكيبيك أو كوسوفو.

وأوضح ريد أن القانون الدولي حول تقرير المصير لا ينطبق إلا على المستعمرات السابقة أو عندما يكون الشعب مقموعا باحتلال عسكري أو عندما تُحرم مجموعة محددة من حقوقها السياسية والمدنية.

وأضاف أن أيا من تلك الشروط لا ينطبق على اسكتلندا.

كما رفض حجة الحزب القومي الاسكتلندي بأن الاستفتاء سيكون "استشاريا" فقط وليس ملزما قانونا.

وتابع القاضي أن أي تصويت من هذا القبيل ستكون له "عواقب سياسية كبرى" بغض النظر عن وضعه القانوني.

وقالت ستيرجون "طالما أن هناك نفسا في جسدي، فأنا أرفض التخلي عن المبدأ الأساسي للديموقراطية" معلنة أن الحزب القومي الاسكتلندي سيعقد مؤتمرا خاصا في العام الجديد للتحضير لمسعاها إلى الاستقلال.