إيلاف من الرباط:توفي، الخميس،الناقد والمترجم المغربي بنعيسى بوحمالة،أحد أبرز الباحثين في مجال نقد الشعر وقراءته وتدريسه،وذلك بعد معاناة مع المرض.

ونعى "بيت الشعر في المغرب" الراحل، مشيرا إلى أنه من القامات الأكاديمية الرفيعة، وأحد القيادات الثقافية التي انتسبت إلى بيت الشعر في المغرب منذ تأسيسه سنة 1996، حيث شغل عضوية هيئته التنفيذية، وترأس تحرير مجلته "البيت" لعدة سنوات، عمل خلالها على تثمين المعرفة الشعرية مغربيا وعربيا وعالميا، وفتح أفق الشعر المغربي على جغرافيات شعريات متعددة.

ورأى "البيت" أن بوحمالة يعد من خيرة الباحثين والدارسين العرب الذين انشغلوا ببُعد الزنوجة في الشعر العربي، وترسخ اسمُه خاصة بدراسته الثمينة عن الشاعر العراقي الكبير حسب الشيخ جعفر، الموسومة بعنوان "أيتام سومر"، علاوة على المؤلفات البحثية والدراسات النقدية الرصينة التي صدرت له في عدد من دور النشر مغربيا وعربيا، كان آخرها كتابه "أرتور رامبو: مقاربات، شهادات، إضاءات"، فضلا عن دوره التربوي والأكاديمي المرموق داخل جامعة مولاي اسماعيل بمدينة مكناس، حيث تخرجت على يديه أجيالٌ من الطلبة والباحثين، الذين تشربوا على يديه المناهج النقدية الحديثة.

وكتب حسن نجمي، الشاعر والروائي والرئيس السابق لاتحاد كتاب المغرب، في وداع بوحمالة: "منذ قرأتُه في أول نص في مجلة "الزمن المغربي" بكل جِدّته وفطنته وقوّته ولغته وأفقه: الخطاب الاستجدائي بين الوظيفتين، اللغوية والشعرية (1982) وإلى آخر لقاء لنا في مؤتمر بيت الشعر في الرباط، لم أتوقف عن قراءته.. وعن صداقته ومحبته. كتَب عن شعري، وعن نثري في "الشاعر والتجربة"، وحاورني في مكناس أمام الجمهور، وعشنا معًا أفقًا مشتركًا في اتحاد كتاب المغرب، وكذا طوال تجربتنا معًا في بيت الشعر في المغرب وفي مجلة "البيت"، واتفقنا واختلفنا، وتبادلنا الاحترام والإعجاب دونما انقطاع. وها هو يغير الاتجاه والعنوان، وينتقل من علاقة قول إلى علاقة صمت. ما أقساها حتى إنني لم أصدق فالموت لا يشبهه، إذ كان دائمًا خلاقًا صانعَ حياة ! كيف سأثق في انصرافه الطارئ المفاجئ المحزن؟ ولكن الموت هكذا، كما نعرف وكما لم نجرّب، يظل الحقيقةَ الوحيدةَ الممكنة. بصدق، بقيتُ دائمًا شاكرًا ممتنًّا لأخي وصديقي بنعيسى بوحمالة، لكرم روحه، ولصداقته، ولمحبته، ولبساطته، ولتواضعه، ولعمقه، وللغته، ولشاعريته .. ولأفقه. الآن أيضا أقول له من جديد: شكرًا. شكرًا. عزاؤنا واحد لجميع أصدقائنا المشتركين، والعزاء لشريكة حياته، لنجله، لأسرته، لأصهاره، لأصدقائه، لرفاق مساره في الكتابة والحياة ولمحبّيه كافة. على روحه الطاهرة الرحمة والمغفرة والرضوان والسكينة".

فيما كتب الشاعر محمد بشكار: "لم يكن ليخطر بخلدي وأنا أنشر بالملحق منذ شهرين، خبرا حول كتابه المخصص لآرتر رامبو، أَن بنعيسى بوحمالة قد أوقد بهذا المؤلف المُترجَم شمعته الأخيرة، وأنه بهذه الشمعة إنما كان يضيء دربا آخر خارج كل السياقات محفوفا بالأساطير، ليكون هو أيضا ذلك العابر الهائل وليس فقط رامبو، وداعا بنعيسى. ستبقى في أعين محبيك شابا أنيقا مَهْما أوْغلتَ بالرحيل في الزمن".

من جهته، كتب الباحث والأكاديمي أحمد زنيبر: "صديقي بنعيسى بوحمالة الخبير بمنطق الشعر المعاصر يغادرنا .. تاركا حقيبة كتفه اليسرى مليئة بالنقد الرصين والتواضع العلمي .. لن أقول لك وداعا .. فشجرة الأكاسيا التي زرعتها لا تزال تطاول الريح".

فيما كتب الناقد نجيب العوفي، مختصرا حالة الحزن التي عمت الوسط الأدبي في المغرب: "الصديق العزيز بنعيسى بوحمالة. في غمرة الزلزال الزّؤام الذي ضرب تركيا وسوريا، سمعتُ فتى سوريا مفجوعا يقول: "الراحلون بخير. أنا الذي أتألم". أتسمعني ؟".

ولبوحمالة عدد من الإصدارات في النقد والترجمة، بينها "النّزعة الزنجيّة في الشّعر السوداني المعاصر... محمد الفيتوري نموذجاً" (جزء أول في 2004 وجزء ثانٍ في 2014) و"أيتام سومر، في شعريّة حسب الشّيخ جعفر" (في جزأين - 2009) و"مضايق شعريّة، ترجمات... مقتربات... بورتريهات" (2013) و"لانا ديركاك: من صفّ ناطحات السّحاب... وقصائد أخرى" (ترجمة 2014)، و"شجرة الأكاسيا... مؤانسات شعريّة" (في جزأين - 2014)، و"بنعيسى بوحمالة... تأويل العين والرّوح، دراسات، شهادات، حوارات" (كتاب جماعي – 2017).