إيلاف من الرباط:صادقت الحكومة المغربية الخميس على مشروع قانون يتعلق بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير المجلس الوطني للصحافة، وذلك بعد تعذر إجراء انتخابات لتجديد المجلس ،وسط انتقادات حادة وجدل سياسي ومهني.
وقال وزير الشباب والثقافة والتواصل،محمد المهدي بنسعيد،إن اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر،تروم وضع تصور جديد لحل الإشكاليات التي يواجهها القطاع.
وأوضح بنسعيد، في معرض إجابته عن أسئلة الصحفيين خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الحكومة، أن " إشكاليات عديدة وحقيقية " يعرفها القانون المؤطر للمجلس الوطني للصحافة، لاسيما في الجانب المتعلق بالجهة المشرفة على تنظيم انتخابات المجلس، مؤكدا، في هذا الصدد، أن المادة 54 من القانون تتحدث عن تأسيس المجلس الوطني للصحافة ولا تحدد هذه الجهة.
وأضاف الوزير بنسعيد أن "الحكومة تعتبر أن هذا القانون غير مكتمل ويجب مراجعته وفق مفهوم مؤسساتي يتجاوز الأفراد والأشخاص".
وأبرز أن اللجنة المؤقتة ستضم خبراء في مجال الإعلام والصحافة سيناقشون مع الفاعلين في القطاع سبل إصلاح الإشكاليات التي يعرفها، مؤكدا أن "الحكومة ستكون ممثلة بصفة استشارية فقط داخل اللجنة، وأن دورها سيقتصر على المساعدة بتعاون مع الصحفيين والمقاولات الصحفية، من أجل تنظيم القطاع وهيكلته وتقوية دور الصحافة المسؤولة". وسجل أن الحكومة تسعى إلى أن يضطلع المجلس الوطني للصحافة بدور أساسي، وطنيا ودوليا، في إطار الدفاع عن القضايا الكبرى للوطن، مضيفا "لا نريد للمجلس أن يعيش نفس الإشكاليات التي تعرفها مجالس أخرى".
وبخصوص مدة انتداب اللجنة التي تبلغ سنتين، أوضح الوزير بنسعيد أنه تم منح اللجنة تسعة أشهر كحد أقصى لإعداد مشروع أو تصور جديد للقطاع، إضافة إلى الوقت الذي تتطلبه المسطرة التشريعية ومناقشة مشروع القانون في مجلسي البرلمان ومجلس الحكومة.
من جهة أخرى، قال الوزير بنسعيد إن الوزارة أيدت الاتفاق الاجتماعي بين النقابة الوطنية للصحافة المغربية والجمعية الوطنية للإعلام والناشرين واعتبرته "نقطة إيجابية"، في انتظار انخراط الجميع فيه، مشيرا إلى أن الحكومة مستعدة لدعم المقاولات الصحفية التي ينبغي لها بذل مجهود لفائدة الصحفيين.
وأبرز بنسعيد ، في السياق ذاته ، أن قانون المالية السابق خصص 6 ملايين درهم (600 الف دولار) لدعم القطاع، معربا عن استعداد الحكومة لرفع هذا الدعم إلى ما بين 150 و200 مليون درهم( 1,5و 2 مليون دولار) ، لكن بمفاهيم جديدة تتعلق بالاستثمار في المقاولات الصحفية على الصعيدين الوطني والدولي وأجور الصحفيين والرفع من قيمة مجهوداتهم.
وشدد بنسعيد على الحاجة إلى "صحافة مغربية تتكلم العديد من اللغات وتتواصل مع العالم وتدافع عن القضايا الوطنية وتنتقد الحكومة وتعطي صورة حقيقية للتطورات التي تعرفها المملكة على الصعيد الإقليمي والدولي".
وكان حزب "العدالة والتنمية" المغربي المعارض (مرجعية إسلامية)قد قال إن مشروع القانون المتعلق بإحداث لجنة مؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر هو "خطوة تراجعية جديدة،تطعن في الصميم المكتسبات الديموقراطية"،التي راكمتها المملكة.
ووصفت الأمانة العامة للحزب إقدام الحكومة على بلورة مشروع قانون استثنائي يعمل على تعويض المجلس الوطني للصحافة، وهو هيئة منتخبة، بلجنة مؤقتة، يتم تعيين أعضائها لمدة سنتين، ب"التطور الخطير وغير المسبوق في تاريخ الصحافة والنشر" بالمغرب.
في سياق ذلك،ذكرت الأمانة العامة للحزب أن مشروع القانون، الذي وصفته ب"الغريب"، إنما "يعكس فشل الحكومة في تطبيق القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة وعجزها عن تنظيم الانتخابات في وقتها في قطاع منظم وناخبوه معروفون، وذلك رغم توفرها على أجل ستة أشهر إضافية للقيام بذلك، بعد التمديد الذي تم لهذه الغاية والذي كان موضوع مرسوم بقانون".
ورأت الأمانة العامة للحزب في تعيين لجنة مؤقتة "إعلانا لحالة استثناء في هذا القطاع الحيوي للبناء الديموقراطي، ومسا بصورة بلادنا ومسارها في مجال حرية الصحافة والتعبير".
واعتبرت الأمانة العامة للحزب أن "الصلاحيات الممنوحة للجنة المؤقتة تتجاوز الاختصاصات المقررة دستوريا وقانونيا للتنظيم الذاتي للمهنة، وتمثل مسا بالاختصاصات الحصرية للبرلمان في مجال الصحافة والنشر، فضلا عن إحداث المشروع لنظامين قانونيين في هذا القطاع. الأول يتمثل في قانون المجلس الوطني للصحافة والثاني في قانون اللجنة المؤقتة، وهي ازدواجية غير مقبولة".
وأضافت أن تركيبة اللجنة المؤقتة في هذا المشروع "وضعت في جزء منها على المقاس"، إذ تضم في عضويتها رئيس وأعضاء من المجلس الوطني المنتهية ولايته بداية هذا الشهر، بعد انتهاء الأجل المحدد بالمرسوم بقانون، وهو ما نتج عنه فقدان رئيس المجلس وباقي الأعضاء فيه لصفتهم، وبالتالي لا يمكن تعيينهم ضمن اللجنة المؤقتة بصفة لم يعودوا يتوفرون عليها، وهو "ما يطرح أسئلة كبيرة عن وجود غايات أخرى من هذا المشروع تتعلق بالحفاظ على مكاسب مادية ذاتية ومنافع شخصية والتضحية من أجل ذلك بالمكتسبات في مجال حرية الصحافة والتعبير وتنظيم المهنة على أسس ديمقراطية".
وذهب بيان الأمانة العامة للحزب، الذي تلقت "إيلاف المغرب" نسخة منه، حمل توقيع الأمين العام، عبد الإله ابن كيران، أن هذا المشروع "يكرس تحايل الحكومة وأغلبيتها على الأحكام الدستورية والقانونية الصريحة التي تنص على وجوب تنظيم انتخابات ديمقراطية وشفافية"، وذلك "بعد المناورة الفاشلة لطرح مقترح قانون – فضيحة لتغيير النظام الانتخابي للمجلس بنظام التعيين، في حالة فريدة تخرج عن مبدأ الانتخاب المعمول به لدى كافة الهيئات المهنية المنظمة ببلادنا كالمحامين والأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والخبراء المحاسبين وغيرهم".
وتبعا للحيثيات السابقة، خلص حزب "العدالة والتنمية"، في بيانه، إلى الدعوة للتراجع الفوري عن هذا المشروع، معبرا عن "رفضه الكلي له"، وأنه "يعتبر أن الحل القانوني السليم هو تكليف اللجنة التي ينص عليها القانون الحالي للمجلس والتي يرأسها قاض بالإشراف على تنظيم الانتخابات دون أي تأخير".