نبدأ جولتنا لعرض الصحف من صحيفة التايمز البريطانية بمقال للكاتب دانيال فينكليستين تطرق فيه إلى الأصوات الداعمة للفلسطينيين والمؤيدين لهم، ومنتقدي إسرائيل.
ويرى الكاتب أن هناك شرطاً أساسياً لاستمرار هذا الدعم، وهو أن يتيح الجميع من الجانبين - الفلسطيني ومؤيديه، والإسرائيلي ومؤيديه - الفرصة أمام بعضهم البعض ليستمعوا إلى وجهات النظر المختلفة.
وركز مقال صحيفة التايمز في البداية على الداعمين للقضية الفلسطينية، وطرح بعض الأسئلة التي يرى أنها مشروعة من أجل فهم موقفهم والتعرف على مدى إدراكهم لأبعاد الصراع ككل والأزمة الحالية. وأشار إلى أن داعمي الجانب الفلسطيني يركزون على المطالبة بوقف إطلاق النار، وممارسات الإبادة الجماعية دون أدنى اهتمام بالدوافع التي تحرك الإسرائيليين إلى الثبات على الموقف الذي يتخذونه في الوقت الراهن، والذي لخصه فينكليستين في "رفض حل الدولتين".
وتساءل الكاتب: "كيف فشل مؤيدو الحقوق الفلسطينية في إدراك هذا الموقف (موقف إسرائيل)، في إدراك القضية الإسرائيلية، أم أنهم ببساطة لن يفعلوا ذلك؟ هل هناك من لديه استعداد لإظهار الشجاعة الكافية للاعتراف بأن لهذه القصة روايتين مختلفتين؟".
وحدد مقال التايمز نقطتين أساسيتين لابد من تحققهما على أرض الواقع من أجل وضع القضية على المسار الصحيح نحو السلام، وهما مطلبان يرى الكاتب أنه يمكن أن يضعا الجانبين على أول الطريق نحو تعايش سلمي في المنطقة.
وحدد الكاتب المطلب الأول من داعمي الفلسطينيين "بالاعتراف بإسرائيل" حتى يتمكن الجميع من الجلوس والتفاوض في تفاصيل عملية سلام من شأنها أن توصل إلى حل الدولتين بدلا مما يردده مؤيدو الحقوق الفلسطينية من المطالبة "بتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، متجاهلين حقيقة على الأرض تتضمن أن هناك إسرائيل في منتصف المسافة بين النهر والبحر"، على حد تعبير الكاتب.
وقال فينكليستين: "هل هناك استعداد لأن نقول – بوضوح وصراحة – إنه بين النهر والبحر، توجد إسرائيل آمنة بحدود متفق عليها؟ إذ يعيش نصف يهود العالم في إسرائيل وليس لديهم مكان آخر ليذهبوا إليه. وأعتقد أن الحديث عن عدم وجود أي مخططات لإخراجهم من المنطقة ينطوي على كثير من الغموض".
أما المطلب الثاني، فهو "الكف عن التذمر" وفعل شيء مفيد من مبدأ "الواقعية".
ورأى الكاتب أن الواقعية تحقق عندما يعترف كل طرف بوجود الآخر وبحقه في العيش في أمان داخل حدود معترف بها ومتفق عليها، قائلاً: "إذا تحقق حل الدولتين، فعلى الدولة الفلسطينية في هذه الحالة أن تبدي استعداداً للتعايش مع دول الجوار وأن تكون شريكاً يتمتع بالاستقرار والاعتمادية".
الحرب شيء "لا يُطاق"
ننتقل إلى صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" التي نشرت مقالاً لدايفيد ليهرر تناول فيه "بعداً خطيراً" للحرب في غزة يتمثل في الأضرار التي من المتوقع أن تلحق بالبيئة جراء الصراع. وسرد الكاتب قائمة طويلة من المتضررين، وما يخوضون غماره من معاناة تضمنت "القتلى الذين سقطوا جراء هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، ومعاناة الرهائن المحتجزين في غزة، وإزهاق أرواح المدنيين في غزة، بينهم الكثير من النساء والأطفال، والمعاناة المستمرة التي يخوض غمارها الذين فقدوا منازلهم من الفلسطينيين والإسرائيليين، والجنود الذين سقطوا".
لكنه رأى أن المخاوف حيال المزيد من الإضرار بالبيئة جراء الحرب تتوارى خلف كل هذه الفظائع، خاصة المخاوف ذات الصلة بالتغير المناخي التي رأى أنه قد تحقق على أرض الواقع في وقت قريب، مما دعاه إلى وصف الحرب بأنها "لا تُطاق".
وقال الكاتب إن هناك خطراً على البيئة من "نقص الوقود – وفي بعض الأحيان الأضرار المباشرة التي ألحقها القصف الإسرائيلي بمحطات معالجة الصرف الصحي في غزة، مما أدى إلى توقفها عن العمل – وعشرات آلاف الأمتار المكعبة من مخلفات الصرف الصحي التي تتجه مباشرة إلى مستودعات المياه الجوفية تحت الأرض أو إلى البحر المتوسط".
كما حذر من خطر كبير على البيئة جراء انتكاسة قد يشهدها القطاع في التوجه إلى الطاقة المتجددة، مؤكداً أن الكثير من سكان غزة كانوا يعتمدون على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية قبل أن تنال القذائف والصواريخ الإسرائيلية من منازلهم. وأشار أيضا إلى أن الحرب دمرت مشروعاً عملاقاً للطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة الشمسية في غزة، وتم الانتهاء منه قبل الحرب بقليل.
وقال ليهرر: "تمكن رائد أعمال فلسطيني من إبرام اتفاقية للطاقة المتجددة مع السلطة الفلسطينية لبناء حقل طاقة شمسية في غزة. كما انتهى العمل بإنشاء حقل طاقة كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية بقدرة 2 ميغا وات بالقرب من خان يونس قبل الحرب، لكن لم يُربط بشبكة الكهرباء لأن القنابل الإسرائيلية دمرته".
كما تناول المقال السيناريو الإسرائيلي المقترح لتدمير الأنفاق بمياه البحر، وهو ما رأى أنه يشكل خطراً على البيئة نظراً لما يتوقع أن يحدث من زيادة في ملوحة المياه الجوفية في المنطقة. وقال ليهرر: "ذكر كلايف ليبتشين، مدير مركز إدارة المياه العابرة للحدود في معهد آرافا، أن استخدام مياه البحر لتدمير شبكة أنفاق حماس قد يؤدي إلى زيادة درجة الملوحة المرتفعة بالفعل بالمياه الجوفية".
وأشار إلى أن إعادة إعمار غزة سوف تكون من أهم العوامل التي من شأنها أن تضر بالبيئة في الفترة المقبلة، بما في ذلك إعادة بناء المنازل والمرافق والبُنى التحتية وغيرها من المنشآت العملاقة التي تتطلبها الحياة في القطاع بعد انتهاء الحرب. وضرب مثالاً على تلك "الأضرار البالغة" بأن بناء منزل واحد فقط ينتج عنه "4 طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون".
"المندب والرجاء"
وإلى صحيفة الشرق الأوسط السعودية التي نشرت مقالا لمشاري الذايدي حذر فيه من المخاطر التي يشكلها الحوثيون على التجارة العالمية، وما يمكن أن يتكبده العالم من تكلفة حال استمرار الأوضاع الأمنية في المنطقة على ما هي عليه نظراً لاضطرار مئات سفن الشحن التجارية لتغيير مسارها من باب المندب المؤدي إلى قناة السويس إلى مسار رأس الرجاء الصالح.
واستعرض الكاتب الأهمية الكبيرة التي تتمتع بها قناة السويس بالنسبة لمسارات التجارة العالمية وما يمكن أن ينتج عن وجود تهديدات للحاويات البحرية التي تمر عبرها، قائلا: "اكتمال أعمال الحفر في قناة السويس 1869 كان بداية جديدة ثورية لتاريخ النقل البحري؛ إذ أنه ولأول مرة يتم ربط البحرين، الأبيض والأحمر، وبالتالي أوروبا وآسيا، في التاريخ... ممرّ مائي صناعي خطط له المهندس الفرنسي ديليسبس، ودشّنه الخديوي إسماعيل".
وأضاف: "يمكن لقناة السويس أن تستوعب أكثر من 60 في المئة من إجمالي أسطول الناقلات العالمي عندما تكون محمّلة بالكامل، وأكثر من 90 في المئة من ناقلات البضائع. ويمكنها أيضاً استيعاب جميع ناقلات الحاويات وناقلات السيارات وسفن البضائع العامة".
كما عقد الذايدي مقارنة بين رحلة لحاوية بحرية من الخليج العربي إلى مضيق باب المندب ثم قناة السويس بعدها إلى البحر المتوسط وصولاً إلى ميناء روتردام الهولندي ونفس الرحلة من الخليج إلى هولندا عبر طريق رأس الرجاء الصالح، مؤكداً أن الحاوية في الرحلة الأولى سوف تقطع 6436 ميلا بحرياً، بينما تقطع في الرحلة الثانية 11169 ميلا بحريا.
وأشار إلى أن التكلفة هنا لا تقتصر فقط على ارتفاع تكلفة الرحلة – التي تنعكس بالطبع على تكلفة السلع المنقولة – بل هناك أنواع أخرى من التكلفة مثل تكلفة التأمين ضد المخاطر التي ترتفع كلما ازدادت مسافة الرحلة.
التعليقات