إيلاف من بيروت: على الرغم من أن المحكمة الجنائية الدولية تلاحق رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتانياهو لارتكابه جرائم حرب، وإبادة جماعية في حق سكان غزة، إلا أن المفاجأة أن هذه الملاحقة من جانب "الجنائية الدولية" قد تنقذ رقبته، وتمنحه رئة جديدة يتنفس بها حفاظاً على مستقبله السياسي.

ووفقاً لتحليل يمكن وصفه بالصادم، من فرط تركيزه على البعد الآخر، نشرته "بوليتيكو"، وبعيداً عن فرض وقف مؤقت للقتال، فإن الاتهامات بارتكاب جرائم حرب من شأنها أن تدفع الإسرائيليين إلى الالتفاف حول رئيس وزرائهم.

كانت حكومة الحرب الهشة التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي على وشك الانهيار في نهاية هذا الأسبوع، وعندما بدا أن أيام بنيامين نتنياهو في السلطة قد تكون معدودة، اتخذت المحكمة الجنائية الدولية خطوات لإنقاذه.

كانت حكومة الحرب الهشة التي شكلها رئيس الوزراء الإسرائيلي على وشك الانهيار في نهاية هذا الأسبوع بعد أن هدد الجنرال المتقاعد بيني غانتس، وهو السياسي الإسرائيلي الذي من المرجح أن ينهي مسيرة نتانياهو السياسية الطويلة والعاصفة، بالانسحاب من الحكومة إذا لم يتم حل معضلة ما بعد الحرب، وكيفية حكم غزة.

وزاد الإنذار من الضغوط السياسية على الزعيم الإسرائيلي المحاصر، حيث حذر غانتس من أنه سيسحب دعمه ما لم يتم تلبية مطالبه. وقال غانتس لنتانياهو في بيان متلفز السبت: "الخيار بين يديك".

الدعم يعود من جديد
اليوم، يبدو أن ثورة الجنرال المتقاعد في مرتبة متأخرة بفضل إعلان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الإثنين، أنه يسعى للحصول على أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إلى جانب 3 من قادة حماس، بما في ذلك يحيى السنوار، زعيم الحركة الإسلامية في غزة.

وإذا كان خان وفريقه المكون من 6 خبراء "خمسة منهم بريطانيون"، يأملون في أن يتمكنوا من خلال اتهام الجانبين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من وقف القتال وإقناع إسرائيل بإعادة التفكير في حملتها العسكرية، فإن مسعاهم لن يتحقق.

التفاف حول نتانياهو
وفي غضون دقائق من نشر الأخبار، دان زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، وهو من بين كبار خصوم نتنياهو السياسيين، خان ووصف إعلانه بأنه "كارثة".

وقال لابيد لحزبه البرلماني، حزب "يش عتيد" الوسطي، إنه يأمل أن يدين الكونغرس الأميركي مبادرة خان.

ويدعو لابيد نتنياهو منذ أسابيع للموافقة على إجراء انتخابات جديدة، وكتب لابيد على موقع إكس X : "إن أوامر الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية هي فشل أخلاقي كامل، لا يمكننا قبول المقارنة الشنيعة بين نتانياهو والسنوار، بين قادة إسرائيل وقادة حماس".

غضب غانتس
وسرعان ما حذا غانتس نفسه حذوه، وقال: "إن المقارنة بين قادة دولة ديمقراطية مصممة على الدفاع عن نفسها من الإرهاب الدنيء وبين قادة منظمة إرهابية متعطشة للدماء (حماس) هو تشويه عميق للعدالة وإفلاس أخلاقي صارخ" .

وتشن إسرائيل حربا في غزة منذ أن قتل مسلحو حماس حوالي 1200 إسرائيلي واحتجزوا 250 آخرين كرهائن في 7 تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي.

وأدت الغارات الإسرائيلية على المنطقة الخاضعة للسيطرة الفلسطينية إلى مقتل ما لا يقل عن 35 ألف شخص، وفقا لأرقام وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة والتي توفر أرقام منفصلة للضحايا بين المقاتلين والمدنيين.

وأثارت حصيلة القتلى قلقا دوليا، حيث اتهمت جنوب أفريقيا إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قضية تنظرها محكمة العدل الدولية، ومقرها أيضا في لاهاي.

استهداف لاسرائيل وليس نتانياهو
وقال ناداف شتراوشلر، وهو استراتيجي سابق لحملة نتانياهو، لصحيفة بوليتيكو إن بيان خان لن يساعد إلا نتانياهو من خلال إجبار السياسيين المعارضين على الدفاع عنه، وحذر من أن معظم الإسرائيليين سينظرون إلى خان على أنه يستهدف إسرائيل وليس نتنياهو فقط.

وقال: "لا يرى الناس أن هذا أمر ضد نتانياهو فقط، إنه ضد الدولة الاسرائيلية".

وتوقع شتراوشلر أن رد فعل الجمهور الإسرائيلي على إعلان خان سيعكس رد فعله على الجهود التي يبذلها الرئيس الأميركي جو بايدن وغيره من الديمقراطيين الأمريكيين مثل تشاك شومر، زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، لإقناع القيادة الإسرائيلية بالالتزام بحل الدولتين للفلسطينيين.

وقال: "لقد حاول الديمقراطيون والإدارة إجبار نتانياهو على السير في اتجاه معين، لكن النتيجة كانت عكسية تماما".

ورغم أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ربما لم يكن يضع السياسة في الاعتبار، فإن "النتيجة ستكون نفسها تماماً: فهي ستعزز موقف نتانياهو".

وأشاد أقارب بعض الإسرائيليين الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس في غزة، والذين ينشطون أيضا في منتدى الرهائن والعائلات المفقودة الذي ينتقد نتانياهو بشكل متزايد، بمسألة أوامر الاعتقال ضد كبار مسؤولي حماس، لكنهم تراجعوا عن "المساواة التي يتم رسمها بين نتانياهو وحماس".

أولمرت: لا تقارنوا نتانياهو مع السنوار
وقال إيهود أولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق والمنتقد الشرس لنتنياهو، لصحيفة بوليتيكو: "إن ربط نتانياهو بالسنوار، أمر يصعب على الإسرائيليين استيعابه".

وأوضح أن ذلك لن يؤدي إلا إلى تشجيع الإسرائيليين على الشعور بمزيد من الحصار.

وتابع :"أنت كمن يأخذ القاتل الذي أرسل رجاله لذبح إسرائيليين أبرياء، وتربطه برئيس وزراء إسرائيل المسؤول عن هجوم مضاد، أعني أن هذا شيء لا يمكن للإسرائيليين قبوله".

قال أولمرت. “هذا كله لصالح نتانياهو، الإسرائيليون يقولون بالفعل: انظروا، كلهم ​​معادون للسامية. كلهم ضدنا".