إيلاف من الرباط: انتقد المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب، في تقرير له صدر الخميس، ما عرفه حادث زلزال الحوز، من نشر وعرض صور أطفال داخل الفضاء الرقمي، معتبرا أن لذلك عواقب سلبية ربما يستمر تأثيرها على الأطفال حتى في مراحل لاحقة من حياتهم، خاصة تلك التي تستغل وضعيات الهشاشة.

وجاء في التقرير الذي جاء تحت عنوان "حماية حقوق الطفل في سياق زلزال 8 سبتمبر 2023.. توصيات المجلس عبر رصده للفضاء الرقمي وزياراته الميدانية"، والذي قدمه المجلس في لقاء بمقره بالرباط، اليوم الخميس، أن المقاطع والصور التي نشرت لم تتضمن أي إشارات تفيد حصول أصحابها على موافقة الأطفال من أجل تصويرهم، أو أن الأطفال موضوع المحتوى يدركون تماما لماذا يتم تصويرهم أو أنهم جزء من قصة أو فيديو سينشر في الفضاء الرقمي، قد يكون له صدى محلي أو حتى عالمي. ونبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى أنه في بعض الحالات قد تؤدي تغطيات حول أوضاع أطفال معينين إلى تعريضهم للوصم، وذكر أن حقوق الطفل في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان تكفل ضرورة الحصول على موافقة مستنيرة، مقدمة بحرية من الطفل عند التعامل مع بياناته وصوره.

من جهة أخرى، رصد المجلس مجموعة من الحملات لفعاليات المجتمع المدني المحلي ومحتوى العديد من المواطنات والمواطنين يستنكرون فيه استغلال الأطفال وتحويلهم إلى مادة درامية مربحة من أجل التأثير في الجمهور وزيادة الكسب والمتاجرة بمعاناة الآخرين واستغلال الظرفية والأزمة من أجل مصالح خاصة.

وسجل المجلس، في هذا السياق، إعلان عدد من الجمعيات المغربية عن تتبعها الفضاء الرقمي لحماية الأطفال وتخصيص عدد منها أرقاما للاتصال، وخلايا من أجل رصد حملات استغلال ضحايا الزلزال، ومن ضمنها حملات استغلال القاصرين.

وذكر المجلس أن وسائط الإعلام والاتصالات، بما في ذلك المحتوى الرقمي والمحتوى على الإنترنت تؤدي وظائف مهمة، خاصة أن هذه الوسائط وشبكات التواصل الاجتماعي تعتبر واحدة من السبل الكفيلة بإيلاء العناية الأولى لمصلحة الطفل. غير أن التغطية الإعلامية حول أوضاع الأطفال واليافعين تطغى عليها تحديات محددة بها، قد تؤدي أحيانا إلى تعريضهم أو تعريض غيرهم من الأطفال واليافعين للخطر أو الوصم.

وأشار التقرير إلى أن الصور والمقاطع المنشورة لصناع المحتوى تطرح إشكاليات أخرى أيضا ترتبط بتملك وإعمال أخلاقيات النشر ومسؤولياتها، بشكل عام، وتلك المرتبطة بالأطفال بشكل خاص.

وجاء في التقرير أنه إذا كانت الصحافة المهنية ملزمة في السياق الوطني بـ «حماية القاصرين وصورهم»، وتشتغل داخل إطار يمنع أن يكون الأطفال موضوع فيديوهات يتم استدراجهم لها بغرض الإثارة، فإن هذا الالتزام لا يشمل باقي الأشخاص المنخرطين في النشر، خاصة داخل الفضاء الرقمي وعلى رأسهم صناع المحتوى والمؤثرين.

ودعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى ضرورة احترام كرامة الأطفال وحقوقهم في جميع الظروف ووجوب إيلاء الأولوية للمصلحة الفضلى لكل طفل وقبل أي اعتبار آخر. وشدد المجلس على أهمية الحصول على إذن الأطفال أو ولي أمرهم مكتوباً، كلما كان ذلك ممكنا وملائماً، من دون أي شكل من أشكال الإكراه.

وخلال الزيارات الميدانية التي قام بها المجلس للمناطق المتضررة عقب الزلزال، أشار التقرير إلى أن جميع الأطفال الذين تم التفاعل معهم وجمعيات المجتمع المدني أشاروا إلى ظاهرة نشر صور الأطفال في مواقع إخبارية إلكترونية وعبر شبكات التواصل الاجتماعي بشكل لا يراعي حقهم في حماية حياتهم الخاصة.