حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من تقليص إسرائيل لما تطلق عليه "المساحة الآمنة" في غزة إلى 11 في المئة فقط من مساحة القطاع.
والمساحة الآمنة هي تلك التي يستطيع النازحون التوجه إليها هرباً من مناطقهم السكنية التي تشهد عمليات عسكرية للجيش الإسرائيلي.
وأشارت الأونروا عبر حسابها على منصة إكس إلى تسبب ذلك التقليص في إشاعة حالة من الخوف والذعر بين النازحين، مجددة مطالبتها بوقف فوري لإطلاق النار في القطاع.
ووصف المتحدث الرسمي باسم الوكالة الأممية عدنان أبو حسنة، التقلص الذي تشهده المناطق الآمنة في غزة بالدراماتيكي، قائلا في تصريحات لبرنامج غزة اليوم الذي تذيعه بي بي سي: "أيام سوداء يعيشها النازحون في قطاع غزة؛ فلا مكان على الإطلاق ليذهبوا إليه وينصبوا خيامهم فيه".
وأضاف أبو حسنة: "نتحدث عن تسونامي بشري. نحن أمام مئات الآلاف من الهائمين على وجوههم في الشوارع، يسكنون العراء الآن بلا أدنى مقومات الحياة. نتحدث عن مليون وثمانمئة ألف فلسطيني يعيشون في مساحة أقل من أربعين كيلو مترا مربعا."
وتطرق أبو حسنة لانعكاسات هذا الزحام الشديد على الحالة الصحية للنازحين، قائلا: "هذه بيئة خصبة تماماً لانتشار الأمراض المعدية كالتهاب الكبد الوبائي الذي ينتشر في قطاع غزة بمعدل ألف حالة أسبوعيا، وكذلك التهاب السحايا، وفيروس شلل الأطفال، فضلاً عن الأمراض الرئوية والمعوية".
وأكد المتحدث باسم الوكالة الأممية أن أي أوامر إخلاء جديدة يصدرها الجيش الإسرائيلي للنازحين تفاقم من مأساة هذا الوضع.
وقال الدفاع المدني في غزة إن تقليص المساحات الآمنة في خان يونس يضع أكثر من 450 ألف شخص أمام تحديات إنسانية جديدة.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، حذرت منظمة الصحة العالمية من إمكان تفشّي شلل الأطفال في غزة، وذلك بعد اكتشاف الفيروس الشهر الماضي في عينات من مياه الصرف الصحي في مناطق وسط وجنوبي القطاع.
وقال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن "العثور على فيروس شلل الأطفال في مياه الصرف الصحي بقطاع غزة يعدّ دليلا على أن الفيروس قد وجد طريقه إلى المجتمع، ما يضع الأطفال غير المحصّنين في خطر الإصابة بشلل الأطفال".
وبالفعل تم تسجيل أول حالة لطفل مصاب بشلل الأطفال بعد إجراء فحص لعينة له في الأردن الأسبوع الماضي.
"اختراق واضح للحق في السكن بل وفي الحياة"
وعن الكيفية التي تم بها تقليص المناطق الآمنة وانعكاسات ذلك على النازحين وعلى سير العمليات الإغاثية، قال محمد المغير مدير الإمداد في الدفاع المدني بغزة، إن الجيش الإسرائيلي "ادعى وجود مناطق إنسانية كانت تبلغ مساحتها 70 كيلو مترا مربعا".
وأضاف المغير لبرنامج غزة اليوم: "مع تكرار الاجتياحات، تقلصت هذه المساحة لتقدر الآن بـ 35 كيلو مترا مربعا، وهناك 20 في المئة من هذه المساحة عبارة عن طرقات وشوارع".
وتابع موضحاً أن "ما يقارب 28 كيلو مترا مربعا هي المناطق التي أصبحت تؤوي ما يقارب المليون وثمانمئة ألف نازح".
ولفت المغير إلى أن هذا الزحام الشديد يزيد من عبء ومعاناة طواقم الدفاع المدني، إذ تؤدي إلى شلّ حركتها وصعوبة تحرّك طواقمها لتلبية نداءات الاستغاثة التي ترد إليهم من هذه المناطق، ما يؤدي إلى زيادة الخسائر البشرية.
وأكد المغير أن تقليص المساحة الإنسانية لهذا الحد، وإجبار مئات الآلآف من البشر على التكدس في هذه المساحة المحدودة للغاية، يمثل اختراقاً واضحاً للحق في السكن بل وفي الحياة.
وأعرب النازحون الذين يتلقون أوامر بالإخلاء، عن أن تقليص المناطق الآمنة أمامهم للتوجه إليها، فاقمت من معاناتهم.
برنامج غزة اليوم تحدث إلى بعض هؤلاء النازحين وسألهم عن انعكاسات هذا التقليص عليهم..
وتحدث برهوم أحمد من خان يونس إلى برنامج غزة اليوم قائلاً: "كلما ذهبنا إلى مكان، جاء الجيش وأمرنا بمغادرته. الآن معظم مناطق غزة تحولت إلى مناطق خطرة. نفترش الطرقات بأطفالنا وأسرنا ولا نعرف إلى أين نذهب".
فيما عبر سامر حسن عن ضيق المساحة المتاحة قائلاً: "حشرونا حشرا في المواصي، غربي خان يونس، حيث لم يعد هناك متسّعٌ لقدَم".
في حين قال عبد الهادي عبيد: "فجأة لم نجد متسعاً في أي منطقة. منطقتنا كانت منطقة آمنة وفجأة تحولت لمنطقة قتال".
وقالت لويز ووتردج مسؤولة الاتصالات بوكالة الأونروا، في تدوينة على منصة إكس: "يبدو أن الفلسطينيين محاصرون بهذا الكابوس إلى ما لا نهاية".
وفي يوليو/تموز الماضي، توقعت الأونروا اضطرار 250 ألف فلسطيني إلى النزوح مجددًا من مدينة خان يونس، في أكبر عدد للنازحين منذ أكتوبر/تشرين أول الماضي.
يُذكر أنه على مدى أكثر من عشرة أشهر، منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول الماضي، لقي ما لا يقل عن 40 ألف فلسطيني مصرعهم في غزة.
التعليقات