إيلاف من الرباط: أكد عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية، الخميس، ببكين، القناعة التامة لبلاده بأن الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول الإفريقية تشكل "ركيزة قوية"بالنسبة للقارة السمراء، مشددا على أن "من شأن هذه الشراكة أن تعزز العلاقات بين الجانبين وترتقي بها إلى مستويات أوسع".

ونقل أخنوش، رئيس الوفد المغربي إلى القمة الرابعة لمنتدى التعاون الإفريقي – الصيني، المنظم تحت عنوان: "اجتماع عالي المستوى حول دعم التصنيع في إفريقيا، وتحديث الزراعة، والتنمية الخضراء على طريق التحديث"، إلى المشاركين تحيات وتقدير الملك محمد السادس، مشيرا إلى أنه يتشرف بتمثيله في أشغال القمة الرابعة لمنتدى التعاون الإفريقي - الصيني، الذي "يجسد الرغبة الحثيثة في تطوير وبلورة رؤية مستقبلية للعلاقات الصينية -الإفريقية".

وأشاد أخنوش، في هذا الإطار، بمختلف المبادرات الصينية التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، وما تفتحه من آفاق وفرص مهمة للتعاون، وفي مقدمتها مبادرة "الحزام والطريق" و"المبادرة الدولية للتنمية" التي "تساهم في بناء تصور متميز للعلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف".

افتتاح

وافتتحت أشغال قمة منتدى التعاون الصيني - الإفريقي، التي تختتم الجمعة، بحضور الرئيس الصيني ، ورؤساء الدول والحكومات الافريقية، من بينها المغرب.

ويضم الوفد المغربي، الذي يقوده أخنوش، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف الاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجزولي، وسفير المملكة المغربية لدى بيكين عبد القادر الأنصاري، ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج.

وعرف حفل افتتاح هذا المنتدى حضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ، وعدد من رؤساء المنظمات الدولية والإقليمية.

الصين الصديقة

استحضر أخنوش، في معرض كلمته، "الزيارة المثمرة" التي قام بها الملك محمد السادس، للصين في مايو 2016، والتي توجت بالتوقيع على الإعلان المشترك حول إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية، التي "تعكس مدى الإمكانات المتاحة بين البلدين"، و"تجسد الإرادة السياسية القوية والصادقة للبلدين في الإسراع في بلورة هذه الرؤية المشتركة على أرض الواقع، والمضي قدما نحو آفاق واعدة للتعاون".

وقال أخنوش إن اختيار موضوع "دعم التصنيع في إفريقيا، وتحديث الزراعة، والتنمية الخضراء على طريق التحديث" شعارا لهذا الاجتماع رفيع المستوى، يعكس "الوعي العميق للصين وإفريقيا بأهمية التصنيع والتحديث الزراعي والتنمية المستدامة بالنسبة للقارة الإفريقية".

استراتيجيات طموحة

ذكّر أخنوش، في هذا السياق، بأن بلاده قامت باعتماد "استراتيجيات طموحة" في هذا الإطار، على غرار "ﺍﻟﻤﻴﺜﺎﻕالوطني للانبثاق ﺍﻟﺼﻨﺎعي" ومخطط "التسريع الصناعي"، اللذين "ساهما في تطوير القدرات الصناعية وتعزيز الابتكار في المملكة".

وأضاف اخنوش أن بلاده حرصت أيضا على إخراج "ميثاق تنافسي" جديد للاستثمار، وفق مقاربة من بين أهدافها "تعزيز وجود المقاولات المغربية على الصعيد الدولي" و"الرفع من جاذبية وتدفق الاستثمارات الأجنبية" على بلاده.

وفي هذا الإطار، قال أخنوش إن بلاده "تدرك أهمية الرهان على مجموعة من قطاعات المستقبل"، كالطاقات المتجددة، وصناعة السيارات الكهربائية، وصناعة الطائرات، والصناعات الإلكترونية، والهيدروجين الأخضر.

وأضاف أن بلاده، على غرار الصناعة، راهنت على "إطلاق مبادرات طموحة" لتحديث قطاع الزراعة، من بينها مخطط "المغرب الأخضر " ثم استراتيجية "الجيل الأخضر 2020 – 2030". وأضاف أن بلاده تمكنت من خلالهما من "تحديث قطاعها الزراعي" ، و"تعزيز إنتاجيته واستدامته من أجل ضمان السيادة الغذائية"، وذلك في ظل تداعيات تحديات التغيرات المناخية وآثارها على الفلاحة وضمان الأمن الغذائي بالدول الإفريقية، وفي سياق صعب يتسم بتراجع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والضغط على الموارد الطبيعية لا سيما الموارد المائية.

وفي إطار تعزيز الحكامة الجيدة للماء، قال أخنوش إن المغرب يقوم، وفقا للتوجيهات الملكية، بإعداد مشاريع كبرى بقيمة مالية تتجاوز 14 مليار دولار، من بينها اعتماد السقي بالتنقيط في القطاع الزراعي، واستكمال بناء السدود، ونقل المياه بين الأحواض عبر طرق سيارة للمياه، إضافة إلى مشاريع أخرى مبتكرة في إطار تحلية مياه البحر. وأشار إلى هذه المشاريع ستمكن من توفير حاجيات البلاد من الماء، سواء الموجهة للقطاع الزراعي أو للشرب.

المغرب وإفريقيا

حول علاقة بلاده بإفريقيا، قال أخنوش إن السياسة الإفريقية للمملكة وضعت التنمية الفلاحية والأمن الغذائي في صلب اهتماماتها؛ مشيرا إلى أنه من خلال الزيارات التي قام بها الملك محمد السادس للدول الإفريقية، كانت الفلاحة تشكل دائما عنصرا أساسيا في استراتيجية التعاون مع الدول الإفريقية، سواء من خلال برامج التعاون المتعددة، أو من خلال التوجيهات الملكية لمجموعة المكتب الشريف للفوسفات لوضع برامج خاصة في هذا المجال للدول الإفريقية.

ولمواجهة تحديات الأمن الغذائي في إفريقيا، يضيف أخنوش، أطلقت المملكة مشاريع كبرى، مثل بناء مصانع لإنتاج الأسمدة في إثيوبيا ونيجيريا، كما عزز المكتب الشريف للفوسفات حضوره في إفريقيا من خلال افتتاح 12 تمثيلية في الجهات الأربع للقارة، وتعزيز إنتاج وتوزيع الأسمدة من خلال إطلاق ثمانية مشاريع صناعية في قارة إفريقيا.

شريك مثالي

وشدد أخنوش، على أن المغرب، بفضل مؤهلاته وموارده الاستراتيجية، سيبقى "شريكا مثاليا للصين وإفريقيا في تنفيذ مختلف المبادرات المشتركة"، مشيرا إلى أن هذا التعاون يتيح "التركيز على قطاعات حيوية"، مثل تحديث الزراعة، وتطوير البنية التحتية، والطاقات المتجددة.

تعزيز التعاون

قال أخنوش إنه إذا كان النظام الدولي يواجه في السنوات الأخيرة توالي وتداخل أزمات عديدة، وتسارع حدوث تغييرات جيوسياسية عميقة في عالم أصبح متعدد الأقطاب، فقد "أصبح العمل المشترك من قبيل تعزيز التعاون الصيني - الإفريقي ضروريا لربح مختلف الرهانات".

التزام مغربي

شدد أخنوش على أن بلاده تبقى "مستعدة للمساهمة في إعطاء مضمون ملموس لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي"، عبر "تطوير آلياته وبرامجه ومبادراته في مختلف القطاعات،" وفي إطار "مزيد من الانفتاح على التجربة الصينية الرائدة"؛ خاصة وأن أهداف هذا المنتدى، يضيف المسؤول المغربي، "تتقاطع مع مجموعة من المبادرات" التي أطلقها الملك محمد السادس، التي "تعكس التزام المغرب بالسلام والاستقرار والتكامل الإقليمي والتنمية المستدامة في إفريقيا، وعلى رأسها "المبادرة الدولية لتيسير وصول بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي" التي تهدف إلى "توفير وصول مباشر ومفيد أكثر إلى المحيط لبلدان الساحل، مما يسهل التجارة والتبادلات الاقتصادية"؛ و"مشروع خط أنابيب الغاز نيجيريا – المغرب، الذي يهدف ل"إنشاء ممر طاقة استراتيجي يعزز التعاون في مجال الطاقة وينشط النمو الاقتصادي في المنطقة".

قناعة راسخة

قال أخنوش إن بلاده على "قناعة راسخة" بأن هذه المبادرات، المدعومة بالشراكات الثلاثية، ستلعب دورا حيويا في تحقيق مستقبل مزدهر ومستدام لإفريقيا؛ مشيرا إلى أن الصين، من خلال دعمها لهذه المبادرات، لن تعمق شراكتها مع المغرب فحسب، بل ستلعب أيضا دورا حاسما في تعزيز الاستقرار الإقليمي والازدهار في إفريقيا، بما يتماشى مع مبادراتها العالمية.

برنامج المنتدى

يعرف برنامج المنتدى تنظيم 4 اجتماعات رفيعة المستوى حول حكامة الدولة، والتصنيع والتحديث الفلاحي، والسلام والأمن، فضلا عن التعاون عالي الجودة في إطار مبادرة الحزام والطريق. كما يتضمن جدول أعمال هذه القمة المهمة للفاعلين الاقتصاديين من الجانبين الندوة الثامنة لرواد الأعمال الصينيين والأفارقة التي ستنظم على هامش أشغال منتدى التعاون الصيني الإفريقي.

وستعتمد هذه القمة وثيقتين ختاميتين، إحداهما إعلان، والأخرى مخطط عمل، لبناء توافق كبير بين الجانبين ووضع خارطة طريق لتنفيذ التعاون الصيني- الافريقي في الأعوام الثلاثة المقبلة.

خلفية

يشكل منتدى التعاون الصيني -الإفريقي (فوكاك)، الذي يحتفل هذه السنة بالذكرى الرابعة والعشرين لتأسيسه، شراكة متميزة بين الصين والقارة الافريقية، قائمة على المبادئ الأساسية للتضامن، والتعاون، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية.

ويعتبر (فوكاك)، الذي تأسس في أكتوبر 2000 ببكين، أقدم المنتديات الإقليمية في الصين. وبرزت هذه الآلية سنة 2006، عندما أعلنت بكين إنشاء صندوق تنمية صيني - إفريقي بقيمة 5 مليار دولار.