مع اقتراب موعد الاقتراع للانتخابات الرئاسية الأميركية الثلاثاء القادم، تُهيمن تحليلات الكتاب والسياسيين حول الانتخابات على عناوين الصحف الأميركية والبريطانية، بينما تركز الصحف الأوروبية على تغييرات المناخ، التي أصبحت سبباً لكوارث مميتة في القارة خلال السنوات الأخيرة.
ونبدأ جولة الصحف لهذا اليوم من صحيفة واشنطن بوست، التي نشرت مقالاً بعنوان "الناخبون يواجهون أسوأ اختيار رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة" ، بقلم الكاتب جورج ويل.
يرى الكاتب في مقاله أن دونالد ترامب معروف بتجسيده "انفجاراً من الأفكار المتناثرة والنوبات الانفعالية"، بينما قد تتخلى المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس "عن مبادئها الجديدة بنفس السهولة التي تبنت بها مبادئها السابقة" على حد تعبيره.
وفي ظل هذين الموقفين، يقارن الكاتب بين المرشحين في الانتخابات الرئاسية الـ 59 الماضية التي شهدتها الولايات المتحدة، وبين عام 2024 ، معتبراً أن خيار المرشحين هذا العام هو "الأسوأ على الإطلاق" على حد تعبيره.
فعلى صعيد السياسية الخارجية، يقول الكاتب إن ترامب وهاريس يتبنيان أساليب مختلفة من "الغموض"، مشيراً إلى أن ترامب يُعد أسلوبه مختصراً إذ "وعد بحل حرب روسيا وأوكرانيا في غضون 24 ساعة"، بينما تتحدث هاريس بـ"استفاضة" كما فعلت عند شرح الوضع في الشرق الأوسط ، مقتبساً تصريحات لهاريس قالت فيها: "لن نتوقف عن السعي لما هو ضروري لتكون الولايات المتحدة واضحة بشأن موقفها من الحاجة لإنهاء هذه الحرب".
كما يرى الكاتب أن ترامب وهاريس "يتفقان تماماً" بشأن الديْن الوطني، "الذي ارتفع بمقدار 1.8 تريليون دولار في السنة المالية التي انتهت في 30 سبتمبر/أيلول"، ويشير إلى أن كليهما يعد "بعدم" اتخاذ أي إجراء لمعالجة المشكلة الرئيسية، وهي إنفاق برامج الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية.
ويضيف ويل، أن ترامب وهاريس يتفقان أيضاً على أن الديمقراطية الأميركية في حالة من "الفوضى"، إذ يقول ترامب إن الانتخابات "مزورة"، بينما تعبر هاريس أن "الدستور والكونغرس والشعب ضعفاء للغاية لدرجة أن لا أحد سواها يمكنه منع ترامب من تدمير ما أسسه جورج واشنطن وحافظ عليه أبراهام لينكولن" بحسب الكاتب.
ويختتم الكاتب مقاله: "أياً كان الفائز، يجب على كلا الحزبين أن يشعرا بالندم لما ألحقاه بالبلاد"، ودعا الحزبين للبدء في التخطيط لترشيحات عام 2028، لـ"تجنب اختيار سيكون سيئاً" كما حدث هذا العام، على حد وصفه.
- الانتخابات الأميركية قد تُغير العالم، إليكم كيف!
- ترامب يحظى بدعم أغنى رجل في العالم، فما الذي يريده ماسك؟
- كيف كانت محادثة دونالد ترامب وإيلون ماسك التي حضرها مليون متابع على إكس؟
"خيار أميركا المصيري بين ترامب وهاريس"
وفي الصحف البريطانية، عنونت فايننشال تايمز افتتاحيتها بـ"خيار أميركا المصيري بين ترامب وهاريس".
وأشارت الصحيفة إلى أن دونالد ترامب قد سُئل عما إذا كانت انتخابات هذا العام ستنتهي بالعنف، فأجاب: "يتوقف الأمر على النتائج"، لافتة إلى أن "عدم ثقة العديد من الأميركيين في نظام التصويت يعود في الغالب إلى الرئيس السابق".
وتوضح الصحيفة أنه على مدار قرابة 250 عاماً منذ إعلان استقلال الولايات المتحدة، كانت أهم ميزة في الولايات المتحدة، كانت "انتقال السلطة السلمي"، غير أن اعتماد حملة ترامب لعام 2024 "صراحة" على رفضه لانتصار جو بايدن في انتخابات 2020 يهدد تلك الميزة بحسب الصحيفة.
وتستشهد فايننشال تايمز بأن ترامب تعهد بأن يكون أول قرار له كرئيس هو العفو عن "الأبطال" الذين سُجنوا بسبب الهجوم على الكابيتول في السادس من يناير/كانون الثاني عام 2021، بالإضافة إلى أنه يذكّر الناخبين في كل تجمع بأنه "يخطط لمعاقبة من يحملهم مسؤولية هزيمته في 2020".
وتشير الصحيفة إلى أن برنامج ترامب الاقتصادي بمثابة "رفض لدور أميركا العالمي بعد الحرب"، إذ يعتزم فرض رسوم جمركية بنسبة 20 في المئة على جميع الواردات، و60 في المئة على السلع القادمة من الصين، وهو ما اعتبرتها الصحيفة معاناة للمستهلك الأميركي الذي سيتحمل معظم تكاليفها من خلال ارتفاع الأسعار، على حد تعبيرها.
وتنقل الصحيفة عن تقديرات صندوق النقد الدولي بأن هذا "التحول" سيؤدي إلى خفض النمو الاقتصادي الأميركي بنسبة نقطة مئوية العام المقبل، وسيساهم في تقليص النمو العالمي بمقدار الربع، وستصبح تكلفة "تصعيد الحواجز التجارية" أكثر ارتفاعاً في عام 2026.
في المقابل، ترى الصحيفة أن أن برنامج هاريس الانتخابي يعد "تقليدياً وغير مثير للاهتمام"، إلا أن هنالك عدداً من المميزات تشمل دعم التشريعات التي ستضمن حقوق الإنجاب على مستوى البلاد، ما "سيوفر للنساء الحرية في اتخاذ قرارات بشأن أجسادهن".
وتشير فايننشال تايمز إلى أن اللجنة اللاحزبية للميزانية الفيدرالية، ترى برنامج هاريس على أنه برنامج "سيزيد الديْن الفيدرالي الأميركي المتزايد بنصف ما سيفعله برنامج ترامب"، وتشير أيضاً إلى أن التحول للطاقة المتجددة، يعد عنصراً مركزياً في أجندة هاريس، واعتبرته "خدمة لأميركا والعالم" بحسب الصحيفة.
وتنهي الصحيفة افتتاحيتها بأن "الناخبين الأميركيين على وشك اتخاذ قرار قد يؤثر على البلاد والعالم لعقود قادمة"، ما يستدعي "وقتاً للتوقف، والتفكر، والتفكير في العواقب".
"المناطق في حوض البحر المتوسط ستصبح غير قابلة للسكن"
وفي صحيفة لوموند الفرنسية، مقال للكاتبة ماغالي ريغيزا بعنوان "فيضانات في إسبانيا، إذا استمر الاحتباس الحراري بهذا المعدل، فإن العديد من المناطق في حوض البحر الأبيض المتوسط ستصبح غير قابلة للسكن".
تقول ريغيزا إن الفيضانات المميتة التي اجتاحت إسبانيا مؤخراً، تتُضاف إلى قائمة طويلة من الأحداث "المدمرة" التي تعاني منها فرنسا وأوروبا منذ أكثر من 30 عاماً، ما يستدعي النظر في مخاطر عدم اتخاذ الإجراءات بشأن التغير المناخي".
وتشير الكاتبة إلى أن "هذه الكارثة الجديدة" تأتي تزامناً مع تقرير جديد للأمم المتحدة حول عدم كفاية السياسات المناخية، التي تدفع الكوكب نحو ارتفاع في درجات الحرارة سيبلغ أكثر من ثلاث درجات مئوية بنهاية هذا القرن.
وتشير ريغيزا إلى أن ظاهرة الفيضانات المدمرة معروفة لدى القدماء منذ قرون، إلا أنها وحتى خلال القرن العشرين، مازالت تسبب الكوارث كل عام، تزداد تكاليف أضرارها بشكل متسارع، ومازال عدد ضحاياها مرتفعاً، على الرغم من التقدم في العلوم والتكنولوجيا التي أدت إلى تحسين التنبؤات الجوية، وأنظمة التحذير، وتعزيز السدود.
وتشير الكاتبة إلى أن هناك سببين لهذا "التناقض"، الأول يتمثل بازدياد عدد الأشخاص المعرضين لهذه المخاطر بشكل مباشر، إذ دفع النمو السكاني إلى العيش في وديان الأنهار والسهول الساحلية.
أما السبب الأخر فترى الكاتبة أنه تم التلاعب بالبيئة بشكل كبير، ما أثر على إمكانية امتصاص الأرض للمياه، وظروف جريان المياه السطحية، إذ جعلت الطرق المعبدة التربة غير قابلة للاختراق، وتم تغطية المجاري الطبيعية، أو تحويلها إلى أنابيب خرسانية، وفي مناطق الزراعة تم استبدال البساتين بالصوبات الزراعية.
وتختتم الكاتبة مقالها بتحذيرات من تجاهل مخاطر تغييرات المناخ، والتي يمكن أن تجعل "العديد من المناطق في حوض البحر الأبيض المتوسط ستصبح غير قابلة للسكن".
التعليقات