إيلاف من الرباط: قال ناصر بوريطة وزير خارجية المغرب إن “كثرة المؤتمرات الدولية والإقليمية حول ليبيا لا يمكن أن تُعوّض الحوارات بين الفرقاء الليبيين”، مؤكدا أن “المغرب يواكب الليبيين ويوفر لهم مجالا أوسع للتحاور فيما بينهم لتحقيق تقدم في المسار السياسي لبلادهم”.
جاءت تصريحات بوريطة صباح الاربعاء في كلمة القاها خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع التشاوري بين مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة، الذي تحتضنه مدينة بوزنيقة (جنوب الرباط). وذلك بحضور أكثر من 60 عضو ا ينتمون للمجلسين.
وذكر بوريطة أن المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس، يحافظ على مواقف ثابتة لا تتغير بتغير الأحداث أو السياقات إزاء الملف الليبي، مضيفا أن “المملكة المغربية تدعم استقرار ووحدة ليبيا، اللذين يُعتبران امتدادا لاستقرارها ووحدتها، كما تشدد على أن حل الأزمة الليبية يجب أن يكون في إطار حوار ليبي-ليبي بعيدا عن التأثيرات والضغوط الخارجية”.
واشار وزير خارجية المغرب إلى أن “احتضان مدينة بوزنيقة لهذا الاجتماع التشاوري هو إشارة إلى الثقة بين البلدين والشعبين، وإشارة أيضا إلى وجود ارتياح لدى الليبيين لعقد اجتماعات في المغرب، بالنظر إلى المقاربة التي اتخذتها المملكة المغربية بتوجيهات من الملك محمد السادس إزاء الملف الليبي منذ البداية، والتي تعتمد على عدم التدخل في الشأن الليبي، واحترام إرادة الليبيين، ودعم كل اختيارات المؤسسات الليبية الشرعية للدفع نحو حل الأزمة في هذا البلد”.
وذكر وزير خارجية المغرب أن “اتفاق الصخيرات، الذي تم التوقيع عليه في المغرب قبل تسع سنوات، يُعد مرجعا سياسيا ويمنح آفاقا سياسية للأطراف الليبية وللمجتمع الدولي في كيفية التعامل مع الأزمة السياسية في ليبيا”، معتبرا أن “هذا الاتفاق أفرز نوعا من الاستقرار في ليبيا كما أفرز مخاطبين لهذا البلد على المستوى الدولي، وروحا إيجابية تحتاجها ليبيا اليوم أكثر من أي وقت مضى”.
وأوضح بوريطة أن “هذا الاجتماع التشاوري بين مجلسي النواب والدولة في ليبيا يُعقد في سياق معقد على مستوى العالم العربي، الذي يمر بتحولات كبيرة تُسممها تدخلات غير عربية في الملفات العربية”، مشددا على أن “هذه التحولات تطرح تساؤلات علينا جميعا، وتطرح على الليبيين بالدرجة الأولى كيفية الحفاظ على سيادة بلادهم ووحدة أراضيها”.
وأشار بوريطة إلى أن “80 في المائة من القضايا المتعلقة بالدول العربية موجودة ضمن أجندة مجلس الأمن ، وهو ما يفسر حجم التدخلات الخارجية في شؤون العرب”.
وقال إن "هذا الاجتماع التشاوري يأتي في سياق الرغبة الأممية في تحريك الملف الليبي على مستوى البعثة الأممية أو على مستوى بعض الأطراف التي طرحت أفكارا تسائل بدورها المؤسسات الليبية حول كيفية التعامل معها ومناقشتها”.
وخلص بوريطة إلى القول "إن الليبيين بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية للتجاوب مع تطلعاتهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتحضير لانتخابات ذات مصداقية. كما أن المجتمع الدولي هو الآخر بحاجة إلى هذه الحكومة لمواكبة الإرادة الليبية على المستويين الداخلي والخارجي”.
في غضون ذلك، اسر مصدر دبلوماسي ليبي لـ "إيلاف" أن الاطراف الليبية تمكنت من التوافق حول حدود الدولة الليبية الموحدة، والعلم الوطني للدولة، والنسخة الرسمية لجواز السفر الليبي، كما تمكنوا من التوافق حول منح الاعتماد والرخص الرسمية للمستشفيات الموجود بالتراب الليبي، حيث يمكن لأي مواطن ليبي العلاج في أي مستشفى داخل التراب الوطني ومن دون قيود.، كما حسموا موضوع التنقلات فيما بين المناطق الليبية .
وذكر المصدر ذاته أن الموضوع الذي لم يتم الحسم فيه بعد هو الموضوع السياسي المتعلق بإجراء الانتخابات.
ويحظى الفرقاء بدعم دولي موحد لدفع العملية السياسية قدمًا، بهدف صنع التوافق اللازم لإخراج حكومة موحدة ومتوافق عليها، تسهر على وضع خارطة طريق واضحة تفضي إلى تنظيم وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وأكد المصدر أن المشاركين في الاجتماع يسعون إلى تقريب وجهات النظر بخصوص النقاط الخلافية التي ما زالت عالقة إلى حدّ الآن، وإخراج البلاد من الأزمة التي تعيشها منذ أكثر من عقد، ودفع المسار السياسي إلى الأمام، مشددا على إجماع الفرقاء الليبية على الالتزام بمستقبل بلدهم، وكلهم وعي بأن الوضع القائم لم يعد قابلاً للاستمرار، وقد طال أمده لفترة طويلة للغاية.
التعليقات