إيلاف من القدس: قال تحليل كتبه هيرب كينون الصحفي الأميركي الإسرائيلي عبر صحيفة "جيروزاليم بوست" إن عملية اغتيال محمود المبحوح، القيادي البارز في حماس، عام 2010، في غرفة فندق بدبي، كان لها تأثيرها السلبي الشديد على العلاقات الإسرائيلية الإماراتية، واستمر هذا التأثير لبضع سنوات.
وأشار الكاتب إلى أن نتنياهو قد درس هذه السابقة جيدًا قبل أن يمنح الضوء الأخضر لضربة الدوحة. ومن الواضح أنه رأى أن فوائد تصفية قادة حماس تفوق مخاطر تنفير الدول الخليجية.
التهرب من اغتيال المبحوح والاعتراف بعملية الدوحة.. لماذا؟
لعقود، شنت إسرائيل حربًا خفية ضد أعدائها: اغتيالات، وهجمات إلكترونية، وتخريب - جميعها يكتنفها الغموض. لم يُعترف رسميًا بعملية اغتيال المبحوح في دبي عام 2010. وكان المسؤولون الإسرائيليون يشيرون بخجل إلى "تقارير أجنبية".
ولكن كانت عملية الدوحة مختلفة. في غضون دقائق، أعلن نتانياهو مسؤوليته. حتى أن إسرائيل أطلقت على العملية اسم "قمة النار"، وقدم مسؤولون كبار لم يكشف عن هويتهم تفاصيلها. لم يكن الأمر كالمعتاد.
قد يقول البعض إن إسرائيل أقرت بشن ضربات ضد الحوثيين في اليمن، لذا فهذا ليس بالأمر الجديد. لكن الأمر مختلف. من الواضح أن إسرائيل في حالة حرب مع الحوثيين. وهذا ليس الحال مع قطر.
فلماذا التحول من الغموض إلى المسؤولية؟
أولاً: لحماية الولايات المتحدة، خاصة أن قطر حليف رئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو، وتستضيف أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة. بإعلانها مسؤوليتها عن الهجوم فورًا، ضمنت إسرائيل عدم تحميل واشنطن مسؤولية الهجوم الذي وقع في ظل قاعدتها.
ثانيًا: إظهار الثقة. بإعلانها مسؤوليتها، أظهرت إسرائيل أنها لن تخفي أفعالها، ولن تردعها التداعيات الدبلوماسية. كانت الرسالة واضحة: بإمكاننا الوصول إلى أي مكان، ولن نتردد في ذلك. هذا يعني أن عصر الإنكار المعقول قد يكون في طريقه إلى الزوال، ليحل محله مبدأ الردع الشفاف.
هذا التحول يحمل مخاطر. فالشفافية تُصعب عملية خفض التصعيد: فالخصوم الذين كان من الممكن أن يلتزموا الصمت قد يشعرون بأنهم مُجبرون على الرد بمجرد الاعتراف العلني بالهجوم.
على سبيل المثال، امتنعت إسرائيل لسنوات عن تحمل مسؤولية هجومها على منشأة نووية سورية عام 2007، وذلك إلى حد كبير لتجنب دفع الرئيس آنذاك بشار الأسد إلى التصعيد لمجرد حفظ ماء الوجه.
ومع ذلك، ثمة فوائد أخرى لتحمل المسؤولية. فهو يزيل الغموض، ويوضح حدود المسؤولية، وقد يعزز الردع: إذ يدرك قادة حماس، وقادة حزب الله، والجنرالات الإيرانيون الآن أن إسرائيل لن تعثر عليهم فحسب، بل ستنسب إليهم الفضل في ذلك علنًا، مما يبدد الشك ويزيد الضغط النفسي.
المنطقة أكثر قابلية للاشتعال
السؤال هو: هل تُبشر هذه الجرأة بمبدأ جديد أم أنها كانت حدثًا استثنائيًا؟ إذا كانت هي القاعدة الجديدة، فقد استبدلت إسرائيل الإنكار بنوع خطير من الشفافية - شفافية تُزيل الغموض، لكنها قد تجعل المنطقة أكثر قابلية للاشتعال.
كانت ضربة إسرائيل في الدوحة حلقةً أخرى - فريدة - في حربها الطويلة مع حماس، سواءٌ أكانت هذه اللحظة نقطة تحول أم مجرد عنوان رئيسي دراماتيكي آخر، فإن ذلك يعتمد على ما يلي:
هل ستتراجع قدرة حماس العملياتية حقًا؟ هل ستعيد قطر ضبط لعبتها المزدوجة؟ هل سيرحب الخليج بهدوء بما حدث لقطر، أم سيزداد تضامنه معها؟ وهل ستواصل إسرائيل تحمل مسؤوليتها عن ضرباتها الخارجية علانيةً، مُعيدةً صياغة قواعد اللعبة الإقليمية؟
واختتم الكاتب الإميركي الإسرائيلي ما كتبه عبر "جيروزاليم بوست" قائلاً :"في يوم الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، بينما كان الأميركيون يحيون ذكرى الصدمة الأعمق التي تعرضوا لها، ذكر نتانياهو الإسرائيليين بأنهم أيضاً لديهم يوم الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) الخاص بهم: السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، وكما تعهدت أميركا بملاحقة أعدائها أينما اختبأوا، فإن إسرائيل سوف تفعل الشيء نفسه، لقد كانت ضربة الدوحة بمثابة هذا التعهد في العمل ــ مهما كانت النتائج والعواقب".


















التعليقات