ليست القضية هي ان هناك شبابا مغررا بهم، القضية الاكبر ان هناك كباراً يمارسون ارهاب الناس، ونشر فكر الخوارج ودفع المراهقين والشباب الى طريق الموت، بينما هم يستمتعون بملذات الدنيا!!

المشكلة ليست في الشباب المغرر بهم، المشكلة في السماح لفكر مسمم وخارجي، لا يعرف الاعتدال ولا الوسطية، بالتسلل الى مساجدنا وصحافتنا، ينشر افكاره المتطرفة في ظل صمت حكومي عن كل نشاطات هذا الفكر ومخيماته ومساجده واجتماعاته.

كيف يمكن الا ينتشر الفكر الخارجي اذا كانت المساجد، التي هي بيوت الله، تتحول تحت سمع ونظر الدولة الى مقرات حزبية يتم فيها إلقاء المحاضرات التي تنشر فكر التطرف، وتوزعت مساجد الكويت بين الاحزاب والجماعات، وانتشر الى جانبها بناء المساجد العشوائية التي لا تعرف عنها الدولة شيئا، و«مساجد الجواخير» التي لا يعلم إلا الله ماذا يدور فيها. وكيف لا ينتشر فكر التطرف اذا كان كثير من خطبائنا يلقون خطب الجمعة، فلا يقولون الا الكلام المكرر، لانهم غير مؤهلين وغير قادرين، ولانه لا يتم اختيارهم وتدريبهم على هذه المهمة الخطيرة في مخاطبة عقول الناس بما يفيدهم؟ ورغم الاعداد الكبيرة من خريجي الشريعة، فإننا نستورد الدعاة والخطباء غير المؤهلين، او نسمح لكثير ممن لا همّ لهم سوى نشر فكر جماعتهم وحزبهم، وفاقد الشيء لا يعطيه.

كيف لا ينتشر التطرف اذا كانت الاغلبية الساحقة من المشتغلين في الوعظ الديني قد انشغلت في السياسة واصبح منبر المسجد طريقا الى مقعد برلماني؟ وكيف نفسر انتشار مقرات الجماعات في كل الاحياء والمناطق صاحبه انتشار هذا التطرف، بل وانتشار المخدرات والتفكك الاسري؟

كيف لا ينتشر التطرف اذا كانت الجماعات الاسلامية المعتدلة، التي ترفض الارهاب، تتحدث بحياء عن هذه القضية الخطيرة وتجامل في ما يجب عدم المجاملة فيه، وتتحدث عن التطرف والافساد في الارض همسا، بينما ترتفع اصواتها في الشكليات والهوامش والقضايا الصغيرة؟
هناك بيئة فكرية للارهاب يجب التصدي لها. هناك اصلاح للخطاب الديني طال انتظاره، وهناك دولة تمارس التفرج على الانفلات.. والله الحافظ.