2 ـ 2
لبنان يستردّها قريباً... فهل تكرّ سبحة فضائح «المدينة»؟
«الرأي العام» تروي حكاية هروب رنا قليلات و«بنك أسرارها» الى ... الفخّ وصولاً لمصر عبر تركيا
بيروت ــ من علي الموسوي
يرسم تقرير لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري شبهات كثيرة حول أزمة بنك «المدينة» اللبناني الذي ارتبط اسمه بمديرته التنفيذية السابقة رنا قليلات التي شغلت الناس والقضاء على مدى الأعوام الثلاثة الأخيرة.
وجاء هذا التقرير، بِما تَضمّنه من إشارات وتلميحات إلى احتمال تمويل هذه الجريمة من أزمة بنك «المدينة»، ليزيد من الأضواء المركّزة على قليلات التي تباهت بثرائها الفاحش حتى داخل زنزانتها «الفخمة» في سجن النساء في بعبدا، اذ ارتدت في إحدى المرات فستان سهرة بقيمة 12 ألف دولار أميركي تنزّهت به في باحة السجن على مرأى من «النزيلات» اللبنانيات الفقيرات والعاملات الأجنبيات المحتاجات، كما احتفلت بعيد ميلادها «خلف القضبان» في حضور عدد من أصدقائها وصديقاتها والعاملين لديها وتحت إمرتها الذين أبوا إلا أنْ يشاركوها هذه الفرحة «العامرة» ولو في الزنزانة, ولم يُعرف كيف استطاعت قليلات أن تقيم هذه «الحفلة» داخل السجن، ولم يتضح إذا كان القضاء على علم بهذه المخالفة الصريحة لنظام السجون في لبنان وهل نالت ترخيصاً منه فاحتفلت بعلمه أم بتغطية منه أم بغفلة عنه وعن المسؤولين الأمنيين المولجين حماية هذا السجن؟
ولكن بطبيعة الحال، فإنّ قليلات كانت تستطيع في العهد الأمني السابق أن تفعل ما يحلو لها ولو داخل زنزانتها التي تحوّلت «سويت» فخماً, ولم يكن الأمر يحصل من دون مقابل وإكراميات وهدايا ورشى وحسابات مصرفية وهمية على حساب المودعين, حتى أنّ السجناء الرجال «المرميين» في سجن رومية المركزي وسواه من السجون في المحافظات اللبنانية، كانوا يمنّون النفس لو أنّ نِعَم قليلات تحلّ عليهم وكم واحداً منهم تمنى أنْ يكون «امرأة» مسجونة مع رنا قليلات.
تعارُف وتدليك
خلال إقامتها في السجن، تعرّفت قليلات إلى السجينة أنات يوسف عماد(من بلدة دير الأحمر) الموقوفة احتياطياً بجرم مخدرات، وراحت تعطف عليها وتعاملها بإحسان أسوة ببقية السجينات، واستطاعت أن تكسب ودّها، وتقرّبها منها فارتبطتا بعلاقة صداقة قوية حتّى صارت مستودع «أسرارها»، وباتت تساعدها في توضيب ثيابها وتدليكها، إلى أن أُفرج عن أنات في 10 مارس 2005 إثر صدور حكم بتبرئتها، رغم مرور عام وخمسة أشهر على توقيفها.
ورفضت قليلات أن تنقطع علاقتها بأنات بعد خروج الأخيرة من السجن، فأخبرتها بأنّها ستعمل لديها كطاهية في المنزل براتب شهري مقداره 500 دولار أميركي، فوافقت الأخيرة وشكرتها، وهو ما لم تكن تنتظره.
«شموع» في السجن و«مَدعوون»
وكان طوني يوسف عماد (والدته تيريز مواليد العام 1977) يتردّد إلى السجن للوقوف على حال شقيقته أنات وإحضار ما يلزمها من أغراض ومراجعتها في شأن قضيتها، فأخبرته عن صديقتها قليلات وعرّفته إليها، فكثرت الزيارات واللقاءات في السجن مما أدى إلى حصول لقاءات تعارُف بين طوني ومرافقي قليلات وسام شعبان سراج، ومحمد قنديل، وحاطوم كرم حاطوم، والكردييْن كاميرون ودارا، وسائقها محمود غنوم الذين كانوا يحضرون يومياً، وأكثر من مرة أحياناً إذا لزم الأمر، من أجل إرسال وجلب أوراق من محاميها وأقاربها وتأمين الملابس لها وكل ما تطلبه للسجينات معها, ومع الوقت انضم طوني إلى «حاشيتها»، وصار واحداً من المستخدمين لديها، وهو الذي أشرف، بحكم اختصاصه، خلال شهر يناير 2005، على شراء الطعام وقالب الحلوى من المؤسسة التي يعمل فيها في محلة جلّ الديب، وقام بترتيب المائدة في السجن لمناسبة احتفال قليلات بعيد ميلادها، فاغتنم هذه الفرصة الذهبية ليتعرّف إلى مدعوّيها وضيوفها وبينهم جهاد,ح وزوجته ميرنا.
تحوّلات سياسية فـ ,,, تخلية
لم تستطع قليلات أن تعيش داخل السجن حيث وسائل الراحة والأمان والاطمئنان والاستجمام مؤمّنة لها، في ظلّ المتغيّرات السياسية الداخلية والاقليمية التي تفاقمت بُعيْد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 فبراير 2005، وما تبعها من تحوّلات دراماتيكية في لبنان من تظاهرات وتظاهرات مضادة كانت تشي بأنّ لبنان لن يبقى «مملوكاً» من أحد, ورغم أنّ القضاء كان رفض مراراً ترْك رنا لقاء كفالات مالية باهظة، إلا أنّها حصلت على قرار قضائي بتخليتها بكفالة مالية وخرجت من السجن يوم الخميس في 17 مارس الماضي، ولكنّها لم تذهب إلى منزلها متحاشية «جيش» الإعلاميين والمصوّرين الذين كانوا يرصدونها للفوز بحديث أو صورة، وطلبت من وسام سراج أن يقلّها إلى منزله في بلدة برجا حيث تناولت طعام الغداء مع أفراد أسرته واستراحت بعض الوقت إفساحاً في المجال أمام إنهاء الموظّف لديها محمد قنديل معاملات حجز غرفة لها في فندق «ريجينسي بالاس» في محلة أدما (كسروان), ثمّ تولّى سراج نقلها سراً ومن دون علم أحد إلى الفندق، كي تظلّ بعيدة عن عيون الفضوليين وتحضيراً للسفر خلافاً لتدبير قضائي واضح وصريح يمنعها من مغادرة الأراضي اللبنانية، حتّى أنّه تمّ حجز جواز سفرها كمؤشّر الى أنّه يصعب عليها ترك لبنان بطريقة شرعية وقانونية.
تغيير الإقامة للتمويه
أقامت رنا في هذا الفندق نحو عشرة أيام تردّد خلالها وسام إليها لشراء حاجياتها وإحضار ما يلزمها، كما كان سائقها الأساسي محمود غنام يأتي يومياً مصطحباً صديقتها الطاهية أنات من منزلها لمساعدتها في ترتيب ملابسها وتدليكها في الفندق رغم توافر هذه «الخدمات» في الفندق, ثمّ تركت الـ «ريجنسي» وانتقلت للعيش موقتاً في منزل صديقها جهاد,ح في محلة الضبية (المتن) حرصاً على توفير المزيد من السرية والأمن لتحركاتها تمهيداً للانتقال في صورة نهائية إلى خارج «قبضة» الملاحقة القضائية.
تحضيرات الهرب إلى اللاذقية
ومساء يوم الأربعاء 30 مارس 2005 تلقى طوني عماد اتصالاً من وسام سراج طلب منه خلاله التوجّه على الفور إلى محاذاة المبنى الجديد لقوى الأمن الداخلي في محلة «المارينا» في الضبية لملاقاة محمود غنوم الذي كان في انتظاره، فأقلّه إلى منزل جهاد,ح حيث كانت رنا قليلات وأنات ووسام, وطلب الأخير من عماد التوجه إلى سورية صباح اليوم التالي مباشرة برفقة حاطوم حاطوم بغية استئجار منزل صغير مستقل، من دون أن يفصح له عن الغاية المرجوة من ذلك, لكن طوني أدرك أن استئجار المنزل هو لمصلحة رنا قليلات, وبالفعل غادر طوني وحاطوم صباح الخميس إلى مدينة اللاذقية السورية مستقلين سيارة أجرة سورية، وبحوزتهما مبلغ 2600 دولار أميركي قدّمته لهما رنا بواسطة وسام للقيام بالمهمة الموكلة إليهما، واستأجرا منزلاً مؤلفاً من طبقتين من إمرأة لم ترغب في إبرام عقد إيجار معهما ولم تسأل عن اسم الشخص الذي ينوي الاستقرار في بيتها، حتّى أنّها لبّت رغبتهما في طرد المستأجرين في الطابق الأرضي من منزلها، فالمهمّ بالنسبة اليها كان الحصول على قيمة الإيجار البالغ 2000 دولار أميركي لمدّة شهر واحد وهو مبلغ كبير ومغرٍ جداً مقارنة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية في سورية.
دفع طوني وحاطوم المبلغ، وعادا إلى لبنان بناء على اتصال هاتفي من وسام أبلغاه خلاله بانتهاء مهمتهما فاطمأن إلى إنجاز الخطوة الأولى.
سيارة أجرة سوريّة للهروب
ما أن حطّ طوني رحاله في لبنان حتّى قصد منزل جهاد حيث وجد رنا ووسام ينتظرانه، فانفرد به الأخير وأخبره أنّ رنا قرّرت أن تسافر في اليوم التالي إلى سورية، طالباً منه مرافقتها فامتثل للأوامر ولم ينبس ببنت شفة.
عند الساعة الثانية عشرة من ظهر يوم الجمعة الأول من شهر أبريل 2005 حضر طوني عماد إلى منزل جهاد,ح بحسب الاتفاق مع وسام الذي تكفّل بنقل حقائب رنا وأمتعتها إلى منزلها في محلة الرملة البيضاء, صعدت قليلات في سيارة أجرة تحمل لوحة سورية عمومية فضّلتها على سياراتها الفخمة ومن أحدث طراز، وكلّ ذلك في سبيل التمويه والحرص على عدم افتضاح ما تنوي القيام به، علماً أنّها اتبعت الأسلوب نفسه منذ خروجها من السجن فصارت تستأجر سيارات عادية ولم تستعمل أياً من سياراتها لئلا تصادف أحداً يعرفها, وركب طوني سيارته وهي من نوع «مرسيدس» وسار خلف السيارة السورية إلى أنْ وصلا إلى فندق «رويال» الكائن في محلة الضبية، فركن السيارة في المرآب ثمّ استقل معها سيارة الأجرة التي أقلّتهما منفردين، إلى محلة العريضة على الحدود اللبنانية ـ السورية الشمالية.
رنا المحجّبة
كلّ شيء كان مجهّزاً ومدروساً بعناية فائقة, ومخطّط الإفلات من يد العدالة سار بانتظام من دون هفوات, ارتدت رنا عباءة سوداء فوق ثيابها للتمويه، وقبل الوصول إلى دائرة الأمن العام وضعت حجاباً أسود يتناسب مع العباءة، على رأسها، فبدت امرأة محجّبة، تماماً مثل الرسم الشمسي للمرأة العجوز الظاهرة في جواز السفر الذي سرقه أحدهم وأجرى عليه بعض التعديلات الطفيفة لجهة تغيير السنّ بما يتناسب والعمر الحقيقي لرنا التي أخذته مطمئنة إلى أنّه من الصعوبة إنْ لم يكن من المستحيل أنْ يتمكّن أحد من اكتشاف أمرها, كانت على يقين تام أن رفيقيها في هذه الرحلة أي طوني والسائق لن يطعنا بها، فالحساب مدفوع سلفاً، والإغراءات المالية عادةً تسكت المرء ولو كان ثرثاراً وقنّاص فرص.
إنجاز معاملة تخطي الحدود
نزل طوني من السيارة لإنجاز معاملات الخروج إذ أنّ القانون يفرض أنْ يكون صاحب العلاقة موجوداً، وقدّم جواز سفره الرسمي إلى دائرة الأمن العام في شكل طبيعي, لم تنزل رنا ولم تتبعه، بل أعطت جواز السفر المزوّر الذي تحمله إلى السائق وطلبت منه أن ينوب عنها في تقديمه, لزمت مكانها وتحصّنت بالصمت وادّعت بأنّها مريضة ولا تستطيع الترجّل من السيارة ولا يمكنها تحمّل مشقّة السير مسافة خطوات قليلة على الطريق المؤدّي إلى مبنى الأمن العام لأنّها لم تشف نهائياً من آثار العملية الجراحية لاستئصال الزائدة, أنجز السائق معاملة رنا وطلب عنصر في الأمن العام من أحد زملائه المكلّفين عادة التدقيق، أن يتحقق من وجود المرأة صاحبة جواز السفر في السيّارة, تقدّم رجل الأمن ونادى رنا باسم فخرية مهنا، فلبّت النداء بسرعة وأبلغته بأنّها فخرية المعنية, لم ترتجف، ولم ترتعب، ولم تتصبّب عرقاً ولم ترتدع، وأشارت بطرف عينها إلى طوني كعلامة على نجاحها في التخفّي وتأدية الدور المطلوب منها, ركبوا السيارة وتخطّوا الحدود وأصبحت قليلات بمنأى عن المطاردة أو التوقيف, وقالت للبنان «باي باي».
توجّهت السيّارة بهما إلى المنزل في مدينة اللاذقية لأخذ قسط من الراحة والاستعداد للمرحلة الثانية والتي تقضي بالانتقال براً إلى تركيا, كان حاطوم حاطوم (مواليد بلدة تربل البقاعية في العام 1969) قد سبقهما إلى هناك فاستقبلهما بالترحاب وسهر على توفير ما تريده «الست رِنّو» كما أحبّت أن تنادى.
إلى تركيا ,,, سِرْ
مكثت رنا أربعة أيام في اللاذقية، تَوجّه خلالها طوني إلى الحدود السورية ـ التركية ليستفسر عمّا إذا كان بمقدور المواطن اللبناني الذي يدخل الأراضي السورية بجواز سفر لبناني الدخول بواسطة جواز سفره الأجنبي إلى تركيا، ولم يصادف أي اعتراض بل نال جواباً بالإيجاب، فارتاح ونقل البشرى السارّة إلى رنا التي تملك جواز سفر بريطانياً سبق أن حصلت عليه، وأكثر من ذلك لديها إقامة مصرية لمدة سنة عليه مما يعني أنّ كلّ الأمور تسير على خير ما يرام وبنجاح منقطع النظير.
تركي يتولى تهريبها
وفي اليوم الخامس، حضر الكردي كاميرون ومعه شخص تركي الجنسية يجيد اللغة العربية، واستعدّ الجميع لإكمال المرحلة الأخيرة, صعدت رنا والشخص التركي وطوني في سيارة أجرة ولحق بهما حاطوم وكاميرون في سيّارة أجرة ثانية, وقبل الوصول إلى منطقة الحدود نزل طوني من السيارة وركب في السيّارة الثانية وعادوا إلى المنزل لتسليمه إلى صاحبته والرجوع نهائياً إلى لبنان، (وهو ما حصل يوم الأربعاء 6 أبريل 2005)، بينما أكملت السيّارة الأولى طريقها إلى تركيا ومنها انتقلت رنا جوّاً بصورة رسمية إلى مصر حيث حلّت في البدء في أحد الفنادق إلى أن انتهت في شهر يونيو، أعمال تجهيز شقّتها في الطابق السابع من بناية الريّان في شارع العجوزة في القاهرة فانتقلت إليها واستقرّت فيها مع أنات التي وافتها إلى هناك.
جولة سياحية في أوروبا
إغتنمت رنا فرصة عدم انتهاء الأعمال في شقتها وقامت بجولة سياحية إلى عدد من الدول الأوروبية مستخدمةً جوازها البريطاني الذي يخوّلها الانتقال من دون أي مانع, وعندما عادت إلى القاهرة، زارها وسام سراج وطوني عماد, لم ينقل الأول لها أيّ مبالغ مالية بل أحضر لها، وبناء على طلبها بعض الثياب و «الكريمات» ومستحضرات التجميل.
لم توفّر رنا فرص السعادة المتاحة لها, فكما فعلت في السجن أكملت الحفلات في مصر ومنها حفلة تنصير إبن جهاد في يونيو الفائت.
تزوير تاريخ الولادة
وتَبيّن من سياق التحقيقات أنّ جواز السفر الذي استعملته قليلات بغير حقّ، صادر عن المديرية العامة للأمن العام في شكل صحيح باسم السيدة فخرية سعيد مهنا (والدتها لميا من مواليد بلدة خربة سلم في جنوب لبنان في العام 1934)، ولكن طرأ عليه تزوير في وقت لاحق لجهة استبدال الرسم الشمسي بصورة رنا مموَّهة بحجاب، تماماً كما فعلت عند وصولها إلى الحدود اللبنانية ـ السورية لئلا تصادف أحداً يعرفها أو أنْ يتعرّف إليها أحد من عناصر الأمن العام بعدما ملأت صورها صفحات الصحف والمجلات ووسائل الإعلام المرئية، كما شمل التزوير التلاعب بتاريخ الولادة، فجرى تعديل السنة من 1934 إلى 1964 لتتلاءم مع السن الحقيقية لقليلات بما لا يؤثّر على مجرى خطّة الهروب فيما لو قرّر عنصر التدقيق في الأمن العام المقارنة بين قليلات والعمر المدوّن على جواز المرور.
والمفارقة أنّ هناك خطأ في الأساس في تاريخ الولادة إذ أنّه ورد على شاشة الحاسوب الخاص بالأمن العام أنّه العام 1934 بينما ورد في جواز السفر العام 1964 وجرى تصحيح هذا الخطأ على الحاسوب ليتطابق مع التاريخ الوارد في جواز السفر ولكنّ الأمر تمّ بعد فوات الأوان وفرار قليلات.
وتقول المعلومات الخاصة أنّ المفارقات في بيانات جواز السفر كانت واضحة، ولكن قراراً للمدير السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد (الموقوف حالياً للإشتباه بتورطه في جريمة اغتيال الرئيس الحريري) كان يقضي في مثل هذه الحال بعدم التعرّض لصاحب العلاقة والاكتفاء بتصوير جواز سفره وإحالة الصورة على مكتب شؤون المكْننة بغية إجراء اللازم إلا في حال التحقق من وجود تزوير معيّن فيتم عندها إجراء المقتضى القانوني بإبلاغ النيابة العامة من أجل ملاحقة المزوّر.
من سرق جواز فخرية؟
والمفارقة أيضاً أنّ فخرية وعندما فتّشت عن جواز سفرها ولم تجدْه وأيقنت أنّها أضاعته أو سُرق منها في غفلة عنها، أبلغت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان بالأمر، وأجرت فصيلة حارة حريك محضراً بذلك، وباشرت فخرية بإتمام المعاملات اللازمة تمهيداً للحصول على جواز سفر بدل عن ضائع، ولكنّها لم تقدّم طلبها قبل حدوث قصّة الهروب، والسبب أن ابنتها المقيمة في البحرين أرسلت بطلبها كي تسافر إليها في شهر أغسطس تقريباً، ففتّشت عن جوازها ولم تجده.
وهذا ما يطرح جملة أسئلة، إذ كيف حصلت رنا قليلات على جواز السفر الحقيقي للسيدة فخرية مهنا التي دأبت على وضعه في حقيبة يدها أو في خزانتها؟ فهل استطاع احد النشالين انتزاعه من الحقيبة بغفلة منها ولم تشعر به أم انه وقع منها فاشترته قليلات من عصابات التزوير؟ ومَن الشخص الذي أجرى عملية التزوير كي يتناسب مع متطلبات قليلات سواء بوضع رسمها الشمسي عليه أم بتغيير تاريخ الولادة؟.
قليلات تسخر من الدولة
قبل أيام قليلة من توقيفه يوم الجمعة 21 أكتوبر الماضي، تلقى وسام اتصالاً هاتفياً من رنا التي عرفت بما نُشر عن هروبها في وسائل الإعلام وسخرت من الدولة التي لا تريد أن تنسى قضيتها, ولكن كيف يمكن نسيان ملفات بنك « المدينة» الذي صار «صندوق فرجة» فضائحياً ودعاوى الشيكات بلا رصيد التي تقدَّر بملايين الليرات اللبنانية والدولارات، وتزوير المستنديْن المنسوب صدورهما إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وتزوير «السويفتات» ومخالفة قانون النقد؟ لا أحد يعرف الجواب الحقيقي إلا رنا قليلات نفسها، التي تمّ توقيفها في مصر وينتظر وصولها الى بيروت قريباً وتسليمها للقضاء اللبناني لكشف المستور من خبايا حكايات «المدينة» الضاربة عميقاً في تبييض الأموال والفساد كما عبّر رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس الحريري القاضي الألماني.
التعليقات