في حين أن العراق انتخب حكومة انتقالية واخذ في تحقيق تقدم في شأن صياغة دستور، الا انه يواجه تهديدا ارهابيا ذكيا وحشيا فضلا عن مواجهته التحدي العميق المتمثل في التغلب على التركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي خلفها عهد صدام حسين, وقد ناقشت مع الزعماء العراقيين خلال الاسبوعين الماضيين مجموعة من الافكار تتعلق بما هو ضروري لوضع العراق على المسار الصحيح, وقد اتفقنا على سبع نقاط.
يحتاج العراق الى «ميثاق وطني» يتضمنه دستوره، فاحد اعظم التحديات التي يواجهها العراقيون هو فقدان الثقة بين فئات المجتمع المختلفة, وهذا هو ما يفسر التوترات السياسية والطائفية الراهنة, وهو، الى حد ما، ما يفسر التمرد, وقد كان تشجيع الضغينة وتعزيزها امرا محوريا في عهد صدام، فقد كان حكمة الاستبدادي شخصيا، متجذرا في زمرة محدودة، لا في تجمع سكاني اوسع، وللتغلب على هذا الارث الحالك، يحتاج العراقيون الى مد الجسور لا الى احراقها, وفي حين انه تجب معاقبة الافراد الذين ارتكبوا جرائم، الا انه يجب الا يتم تهميش اي فئة بسبب أعمال صدام.
وتبدأ عملية صياغة الميثاق الوطني هذه باتفاق حول دستور جديد، ولكنها لا تنتهي عند ذلك, ذلك ان العراق لن ينجح الا إذا قام بتشييد المؤسسات الوطنية حقا، فقد قام صدام بافساد المؤسسات العراقية وتم تدميرها في نهاية الحرب, ولن يكون تشييدها مجددا عملية سهلة, ومن الاساسي ان يشيد العراقيون مؤسسات تثق بها جميع فئات الشعب، مؤسسات لا تكون ادوات انتقام او اقطاعيات لممارسة المحسوبية لصالح مجموعة او اخرى.
ستعمل الحكومة العراقية والتحالف معا لعزل ودحر الارهابيين والبعثيين الذين يريدون اعادة النظام القديم, ان اعداء العراق هم الارهابيون بزعامة ابو مصعب الزرقاوي والنواة الاساسية من البعثيين المخلصين، الذين يسعون الى ايقاع مزيد من العراقيين في شباكهم, وسيكون اختيار هذا المسار قرارا مهلكا بالنسبة للعراقيين في وسط وغرب العراق فالعنف المستديم لفترة طويلة سيؤدي الى رحيل اكثر افراد هذه المجتمعات موهبة الى الخارج والى تدمير فرص ابنائها التعليمية والى جعل عملية اعادة الاعمار صعبة والى خلق تربة خصبة لتطرف سيلحق الفقر بالمنطقة.
وهناك بديل حقيقي: الانضمام الى ميثاق وطني منصوص عليه في دستور يحمي حقوق جميع فئات الشعب, والولايات المتحدة ملتزمة بدعم العراقيين الذين يسعون الى تحقيق هذه الرؤية, ويرغب الكثيرون في وسط العراق وغربه في ان يكون لهم مكان في العراق الجديد، وهم يسعون الى الحصول على دور سياسي رغم ما ينطوي عليه ذلك من أخطار شخصية, وقد دفع البعض منهم حياته ثمنا لهذه القضية, ويجب ان تكرم الولايات المتحدة العراقيين الذين قتلوا اخيرا لانهم كانوا يعملون على وضع الدستور.
ان استراتيجيتنا هي العمل من خلال الوسائل السياسية لحشد سكان وسط وغرب العراق لدعم النظام الديموقراطي الجديد, وسوف نحتضن سكان هاتين المنطقتين الذين يختارون الانضمام الى الميثاق الوطني، وسنعمل على توفير الامن لهم, وفي نفس الوقت، تعمل الولايات المتحدة مع الحكومة العراقية على تعزيز قوات الامن العراقية, واعداد هذه القوات آخذة الآن في التزايد وقدراتها آخذة في التعاظم, وسوف تستخدم الحكومة العراقية والولايات المتحدة، مع تعاون من الشعب وبقوات عراقية اكثر قوة، قوة عسكرية مركزة على الهدف الى حد كبير للقبض على الارهابيين الذين يعارضون النظام الجديد بشكل عنيد لا يمكن ان يلين، أو قتلهم.
وهذه استراتيجية تهدف الى كسب الناس اولا ثم عزل العدو والقضاء عليه، وسيقوم التحالف، اثناء قيامنا بتطبيقها، بتسليم السيطرة على مناطق محددة الى القوات العراقية وبسحب وحداته من تلك المناطق, وبعد حدوث نقل السلطة هذا في عدد متزايد من المناطق، ستصبح هناك حاجة اقل لوجود قوات التحالف وستقوم عناصر في القوة المتعددة الجنسيات بمغادرة العراق.
تسعى الولايات المتحدة والحكومة العراقية حاليا الى تشجيع قادة المنطقة على معالجة المشاكل بروح تعاونية جديدة والى الضغط على اولئك الذين يواصلون اثارة عدم الاستقرار, وتنخرط بعض الدول المجاورة في نشاطات غير مفيدة, فالارهابيون ينتقلون الى العراق من سورية, ويقيم زعماء المتمردين البعثيين هناك، ويتم تدريب الارهابيين والمتمردين وتمويلهم في سورية وعبرها, وتقوم وسائل الاعلام السورية الحكومية ببث دعاية مناوئة للعراق, ويتعين على الحكومة السورية ان تتخذ اجراءات لوقف هذه النشاطات والا فانها تخاطر بالتعرض لضغوط جديدة.
وتعمل ايران على مسارين متضاربين, فمن جهة، تعمل طهران مع العراق الجديد، ومن الجهة الاخرى، هناك تنقل عبر حدودها للاشخاص والمواد المستعملة في اعمال العنف، وترحب الولايات المتحدة بوجود علاقات جيدة بين العراق وجميع الدول المجاورة له، الا انه يتعين ان تتوقف النشاطات غير المتساوقة مع مثل هذه العلاقات.
ستعمل الولايات المتحدة مع الحكومة العراقية لتحسين قدرات الوزارات العراقية، وتدعم الولايات المتحدة حاليا برامج لاعادة تشييد البنية التحتية التي كانت قد اخذت في الانهيار ابان حكم صدام، كما انها ستعمل مع الوزارات العراقية لضمان كونها تملك القدرة على العمل وادارة هذه المشاريع عندما تصبح جاهزة للتنفيذ, وتعكف الولايات المتحدة حاليا ايضا، بالتعاون مع الحكومة، على جعل جزء من جهد اعادة الاعمار لا مركزيا من خلال العمل مع حكومات المحافظات لتمويل مشاريع تعالج امر اولويات محلية.
سوف نسعى الى زيادة الفرص الاقتصادية، ولم يكن قد تم التأكيد الى الحد الكافي على تنمية القطاع الخاص، وسوف تعمل الولايات المتحدة مع الزعماء العراقيين السياسيين وقادة قطاع الاعمال للقيام بالمزيد, بما في ذلك زيادة التسليف وزيادة استخدام المتعاقدين العراقيين في إعادة الإعمار، ومقاومة الفساد.
ستعمل الولايات المتحدة مع الحكومة العراقية على تهيئة الظروف الكفيلة بتحقيق انتخابات ناجحة، تشارك فيها جميع فئات الشعب مشاركة تامة, وقد بدأنا نشاهد مؤشرات ايجابية، اثناء استعداد مجموعات لم تشارك في انتخابات يناير لخوض الانتخابات التالية، وستضع الولايات المتحدة والحكومة العراقية خطة متكاملة لامن الانتخابات، وعلى صعيد متعدد الاطراف سنتعاون مع الامم المتحدة واصدقاء العراق الآخرين لتيسير التخطيط للانتخابات والعمليات اللوجستية المتعلقة بها.
سأنخرط على جميع الاصعدة لمساعدة الحكومة العراقية على تحقيق اهدافنا المشتركة وحشد مزيد من الدعم من الدول الاخرى, وقد اتفقنا انا وقادة العراق على طريقة جديدة في العمل، تكون فيها جميع جهودنا متكاملة.
وقد اطلقنا خمسة فرق عمل مشتركة للتحرك قدما بشأن القضايا الاساسية، بما فيها الجهود الرامية الى تطبيق خطط مشتركة حول الامن الكلي وتنسيق اعادة الاعمار وادارة المتطلبات المالية وامن البنية التحتية وحل القضايا المتعلقة بالمحتجزين, ان العراقيين بحاجة الى المساعدة في هذه الفترة الانتقالية، وقد اخذت الولايات المتحدة (مواجهة) هذا التحدي على عاتقها, وفي نفس الوقت، سنعمل مع دول اخرى في سبيل زيادة عدد من لهم مصلحة رئيسية في بناء العراق الجديد, ان نجاح العراق هو نجاح للولايات المتحدة، وفي الواقع، للعالم اجمع.
السفيرالاميركي لدى العراق,والمقال نشر في صحيفة «وول ستريت جورنال» في 7 أغسطس الجاري.
التعليقات